المقالات

لن نهمه في 2014

لن نهمه في 2014

اليكس فيشمان

لماذا يأتي رئيس الولايات المتحدة براك اوباما في الحقيقة الى الشرق الاوسط؟ من المؤكد أنه لا يأتي لمشاورة اسرائيل فيما يتعلق بالتهديد من سوريا أو من ايران – لأن عنده من اجل ذلك مكتبا في البيت الابيض. وهو لا يأتي ايضا لتلتقط له صورة جماعية مع أبو مازن أو نتنياهو أو مع الملك الاردني عبد الله – فالمروج الخضراء في واشنطن أشد ملاءمة لذلك. هذا الى ان مجيء اوباما الى المنطقة في شهر آذار خاصة غريب لأنه قد خطط أصلا للمجيء الى هنا لحضور وقائع مؤتمر الرئيس الذي يعقده رئيس الدولة شمعون بيرس في حزيران. وفي اطار ذلك سيحتفل ايضا مع ممثلي أمم العالم بيوم ميلاده التسعين. ولهذا فان لزيارة رئيس اميركي للشرق الاوسط مع إنذار قصير بهذا القدر معاني أبعد من نقاش قضايا ملحة.

بدأ الامر قبل ثلاثة اشهر. فقد حدد الرئيس الاميركي الجديد القديم علنا استراتيجية جديدة للسياسة الخارجية الاميركية ترى ان الشرق الاوسط لم يعد في المركز فالتهديد الأكبر هو الصين. ومعنى ذلك نقل جميع الجهود الاستراتيجية العسكرية والسياسية نحو الشرق الأقصى. وقد عزز الرئيس هذه السياسة بطائفة من التعيينات ولا سيما في جهاز الامن الاميركي. والادارة الاميركية تلتزم بموازاة تغيير السياسة الخارجية ايضا بتقليصات جوهرية لميزانيتها الامنية بحيث ستضائل وجودها في منطقتنا أصلا. ويضاف الى هذين الأمرين ايضا الجهد الاميركي من اجل استقلال طاقي أي التحرر من التعلق بنفط الشرق الاوسط والذي أخذ يؤتي ثماره.

إن هذه العناصر الثلاثة تجعل الاميركيين يبدأون فقدان اهتمامهم بالشرق الاوسط. ولن يحدث هذا صباح الغد بل ستكون نقطة التحول في نهاية 2014 مع خروج الجيش الاميركي من افغانستان. وخلص الرئيس اوباما ووزير الخارجية جون كيري لتحقيق هذه الاستراتيجية الى استنتاج انه يجب اغلاق «الملفات المفتوحة» في الشرق الاوسط التي قد تعوقهم عن الاجراء الكبير وهي ايران وسوريا والفلسطينيون ومصر. ويرى كيري ان اغلاق الملف الاسرائيلي الفلسطيني مفتاح لتجنيد تحالف عربي واوروبي لاغلاق الملفين في سوريا وايران. وفي وزارة الخارجية الاميركية خشية من ان نافذة فرص دولتين للشعبين توشك ان تغلق بانفجار ضخم لانتفاضة ثالثة.

ولهذا يأتي كيري واوباما الى هنا. لن يحل الصراع الاسرائيلي الفلسطيني حتى 2014 لكن يمكن إحداث جو يعطي الاميركيين دعما لمواجهة الملفات الاخرى. ويريد اوباما ان يغلق الملف الايراني بالتفاوض ولهذا انفصل عن القوى الكبرى واتجه الى محادثات ثنائية. وهو يريد ان يوقف الايرانيون التطوير الذري قبل ان يبلغوا النقطة النهائية لانتاج السلاح الذري. ويريد الايرانيون ان تضمن الادارة الاميركية شرعية لسلطة آيات الله ولا تتآمر عليها. والتسوية مع الايرانيين ستمكن الاميركيين من الخروج الهاديء من افغانستان. وقد حددوا للمباحثات مع الايرانيين ستة اشهر أو ثمانية على الأقل وهم في مقابل ذلك يعززون العقوبات الاقتصادية. فاذا انهار هذا الاجراء كله ولم يتعاون الايرانيون فقد تهاجمهم الولايات المتحدة.

إن الصراع الاسرائيلي الفلسطيني وفيه التوجه الاسرائيلي الى حل مشكلات كايران وسوريا، قد يشوش على الاميركيين ويجب عليهم ازالة هذا العائق. وهذا هو السبب الذي يجعل اوباما يأتي الى هنا مبكرا. هذا الى ان شخصا ما قد أجهد نفسه في ان يهمس له بأن تجاوز اسرائيل في الولاية الاولى قد سبب غير قليل من الشحناء التي هبت من القدس وهذه فرصة لتطهير الجو قليلا.

واذا كانوا يريدون تطهير الجو فانه يحسن اعلان وصوله قبل انشاء حكومة في اسرائيل وهو ما يمكن ان يسهم في تشكيل ائتلاف مريح لمطامح الولايات المتحدة العالمية. لكن على كل حال، جاء اوباما قبل اربع سنوات في زيارة دراماتية كاسحة للشرق الاوسط. وقام في القاهرة وبشر باستراتيجية جديدة لمصالحة العالم الاسلامي وتعميق المشاركة الاميركية في الشرق الاوسط. وقد رأينا ما الذي أحدثته تلك التصريحات والاستراتيجية ولم يؤثر فينا حقا.

يديعوت، 12/2/2013

الحياة الجديدة، رام الله، 13/2/2013

مقالات ذات صلة