اخبار الوطن العربي

جريمة أخرى على «أبواب المستشفيات»

«مات خيّي حسين لأنّو بهالبلد الفقرا لازم يموتوا». بهذه العبارة تعبّر هنادي قطايا عن ألمها بموت شقيقها حسين، بعدما رفض مستشفيان استقباله وتقديم العناية الطبية له.

لا تتمكن من كبح دموعها أمام المعزّين: «حسين الشخص الودود، الذي يعرفه أهل بعلبك ويحبوه»، كما تقول. حسين قطايا (49 عاماً)، ابن مدينة بعلبك، من ذوي الاحتياجات الخاصة، كان يعيش مع شقيقتيه المتبقيتين من عائلته.

تعرض منذ أيام قليلة لوعكة صحية، فهو يعاني من داء السكري، «لكن مستشفيي دار الحكمة ودار الأمل الجامعي رفضا استقباله بحجة عدم وجود غرفة عناية شاغرة»، تشرح شقيقته، «هل من المعقول أن لا يتوافر في المستشفيين سرير لأخي كان يمكن أن يبعد عنه الموت».

توضح هنادي قطايا لـ«الأخبار» ما حصل مع شقيقها ليلة وفاته، تقول إن حالته الصحية تدهورت قرابة الخامسة من مساء يوم الأحد، فتم نقله إلى قسم الطوارئ في مستشفى دار الحكمة في بعلبك، هناك عاينه طبيب الطوارئ وقدّم له الإسعافات الأولية، وأشارت إدارة المستشفى الى «أن حالته صعبة وتستدعي نقله الى غرفة عناية لأنه بحاجة الى الأوكسيجين»، وهي «ليس لديها أي سرير شاغر في غرفة العناية».

عائلة حسين طلبت من إدارة هذا المستشفى تأمين سيارة إسعاف لنقله إلى مستشفى دار الأمل في دورس، لكن المستشفى ردّ بعدم توفر سيارة إسعاف أيضاً. تقول هنادي «أخي معوّق ويحمل بطاقة من وزارة الشؤون الاجتماعية، ورغم ذلك تقاضى المستشفى 30 ألف ليرة بدل الإسعافات الأولية بالطوارئ، يا عيب الشوم عليهم».

تم نقل حسين إلى مستشفى دار الأمل الجامعي بسيارة عادية، مجدداً، خضع في غرفة الطوارئ للإسعافات الأولية في وقت كانت فيه حالته تتفاقم أكثر بسبب نقص الأوكسيجين ومضاعفات ذلك على السكري وضغط الدم. في المستشفى المذكور، جاء الرد «بشكل قاطع» بعدم توفر سرير في غرفة العناية الفائقة، «على الرغم من تدخل طبيب وزارة الصحة العامة في المنطقة، وعدد من الوساطات التي باءت جميعها بالفشل»، بحسب ما يؤكد فادي رعد صهر العائلة، الذي لفت إلى أنه «أكثر من ساعتين ونحنا عم نلف فيه، وهيدا الوقت كان كافي لإنقاذو لو وافق أحد المستشفيين على استقباله».

المستشفى الوحيد الذي استقبل حسين كان مستشفى الططري في بعلبك، لكنه يفتقر الى قسم العناية الفائقة، الأمر الذي لم يحل دون وفاة حسين عند الواحدة من بعد منتصف الليل.

لم تشفع بطاقة الشؤون الاجتماعية، ولا وساطة وزارة الصحة، في تأمين سرير له في مستشفيين خاصين. مات لأن القوى السياسية ترفض إقرار وتنفيذ التغطية الصحية الشاملة، التي يفتقدها نصف اللبنانيين.

وتصرّ القوى المسيطرة على الدولة على استخدام النظام الصحي القائم في إطار «زبائني» يساهم في رهن حياة الناس وصحّتهم لخدمة مواقع النفوذ ومراكمة الثروة وتعزيز الفساد وشراء الولاءات.

المدير العام لمستشفى دار الأمل الجامعي، علي علّام، قال إن المستشفى قام بواجبه تجاه المريض في قسم الطوارئ، و«أكدنا لعائلته أنه بحاجة إلى غرفة عناية، لكنها غير متوفرة في مستشفى دار الأمل»، وقال «في هذه الفترة، ثمة حالات عديدة نرفض إدخالها المستشفى بسبب الضغط الكبير وعدم توفر أسرة».

أما المدير الطبي في مستشفى دار الحكمة، محمد عمار، فكرر التبرير نفسه، لجهة عدم توفر سرير في قسم العناية الفائقة، «إذ ليس من الممكن أن ننقل مريضاً من العناية الى القسم العادي لندخل مريضاً آخر مكانه» كما يقول.

رامح حمية | الأخبار

2014 – شباط – 06

مقالات ذات صلة