اخبار الوطن العربي

جنبلاط: هل المطلوب مبايعة الخليفة الجديد؟

أدلى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بموقفه الأسبوعي لجريدة “الأنباء” الالكترونية جاء فيه:

مع تعثر وتعطل الاستحقاق الرئاسي اللبناني، هل المطلوب أن يتقدّم الجمهور اللبناني بمبايعة الخليفة الجديد مع تطبيق ما قد يرافق تلك المبايعة من طقوسٍ وسلوكيّاتٍ وخطوات تتماشى مع التطور الحضاري القادم إلى بلاد ما بين النهرين وأن يسبر أغوار الخلافة الجديدة وما قد تكتنزه من تقيّة وعلم وفقه ومعرفة كيف يهتدي إلى الصراط المستقيم، أم أنه المطلوب إنتظار ما سيقوم به نوري المالكي من خطوات سديدة لاعادة تنظيم وترتيب جيشه لمواجهة الزحف القادم من كل حدبٍ وصوبٍ ولاعادة توحيد ما تم تفتيته من العراق بسبب سياسات ومواقف متراكمة على مدى السنوات الماضية؟

بإنتظار أن يتواضع ويتنازل كبار القادة والفرقاء بهدف التوصل إلى تسوية رئاسيّة، هل يمكن أن نترك لبنان في مهب العواصف الاقليميّة فقط كي لا يتنازل هذا أو ذاك عن الترشح للرئاسة الأولى؟ ثم، ألا تساهم هذه المواقف في إضعاف الموقع المسيحي الأول في الدولة؟

أما وقد تخطى الملف الرئاسي اللبناني الحدود المحليّة وأصبحت تعقيداته وتشابكاته تبدأ في الموصل ولا تنتهي في دمشق، فقد يكون من المفيد طرح جملة من التساؤلات المعيشيّة التي تهم المواطن أولاً قبل إهتمامه بالمسرحيّة الرئاسيّة الهزليّة:

لماذا لا تُتخذ القرارات الجذريّة والجريئة في ملف الطاقة والكهرباء الذي يكبّد الخزينة خسائر وعجزاً سنوياً يفوق الملياري دولار؟ ولماذا لا تُخصص مبالغ توازي قيمة العجز لعامين أو ثلاثة لانتاج معامل جديدة ووضع حدٍ نهائي لهذه المشكلة المتصاعدة منذ سنواتٍ طويلةٍ؟ ألا تكفي 19 مليار دولار خسائر على قطاع الكهرباء منذ أواخر التسعينات؟ ثم ألم يحن الوقت لوضع حدٍ لمافيات المولدات التي تبتز المواطنين وتزاحم الدولة في الانتاج؟ وهل صحيح أنه تم توقيف العمل بترميم المعامل القديمة؟

لماذا يُستثنى ملف فرض غرامات ماليّة على مخالفات الأملاك البحريّة في كل مرّة من أي محاولة للتفتيش على مصادر تمويل لخزينة الدولة لا سيّما أن هناك مشروع قانون في هذا الصدد قٌدم منذ العام 2006؟ ولماذا لا تستطيع الوزارات والأجهزة المعنيّة تقديم دراسات محددّة حول المداخيل الماليّة المرتقبة من الاجراءات المقترحة، ولماذا تتضارب الأرقام وتغيب الشفافيّة والمهنيّة في هذا الملف؟

لماذا لا تتقدّم النقابات المعنيّة بمقاربة موضوعيّة حول مطالبها المحقة تستطيع من خلالها التوفيق بين نيل حقوقها ومراعاة وضع الخزينة اللبنانية والاستقرار النقدي وديمومة الادارة العامة والمؤسسات الاقتصاديّة التي تصب في مصلحتها في نهاية المطاف؟ ولماذا لا نخرج من دوامة التفرّغ والتفريغ في الجامعة اللبنانيّة التي تحولت إلى بازار سياسي في حين المطلوب إعادة الاعتبار للجامعة الوطنيّة والتأكيد على إستقلاليتها الاداريّة والأكاديميّة؟

لماذا لا تتفق كل القوى السياسيّة على ضرورة إطلاق أوسع حملة لاصلاح الادارة العامة التي باتت الكثير من مرافقها تعاني من الترهل والهدر والفساد؟ ولماذا لا تُطبّق إجراءاتٍ لضبط النفقات غير المجدية في الصحة والتربية مع التأكيد على وظيفة الدولة الاجتماعيّة من خلال رقابة جدية على وكلاء الأدوية والفواتير الاستشفائيّة وتعزيز دور المستشفيات الحكوميّة وتوحيد التعرفات الطبيّة والاستشفائيّة بين المؤسسات الضامنة لتوفير الأموال وتقليص الفواتير دون الانتقاص من تقديم الخدمات الصحيّة؟

لماذا لا يتم ضبط الهدر والفساد في الجمارك لتحقيق إرتفاع جدي في الوارادات التي تناقصت بشكلٍ كبير على الرغم من إزدياد الاستيراد منذ العام 2008 لغاية العام 2014؟ ولماذا لا يتم التركيز على كشف المؤسسات والأفراد المتخلفة عن تسديد الضرائب وتلك المكتومة وتحسين الجباية التي تشير التقديرات أنها من الممكن أن تحقق مداخيل بنحو 1.25 مليار دولار نظراً لتقدير حجم الاقتصاد اللبناني بحوالي 43 مليار دولار؟

لماذا لا نبحث جديّاً في حالة الجفاف المائي وسبل مواجهتها، والجفاف السياحي وسبل تجاوزه؟ لماذا لا نهتم ببعض التفاصيل الصغيرة ونترك الاستراتيجيّات الكبرى لجهابذة المحللين والمفكرين على شاشات التلفزة فنقدّم خطواتٍ ملموسةٍ للمواطن اللبناني تحسّن من طبيعة عيشه اليومي وتردم شيئاً من الهوة السحيقة التي تبعده عن الدولة؟

تبقى بارقة أمل وحيدة في خضّم كل هذه الاشارات البائسة وهي إرتفاع مستوى التنسيق بين الأجهزة الأمنيّة اللبنانيّة لمواجهة الأخطار المتنامية ولاتخاذ خطواتٍ إستباقيّة تلافياً لمزيد من التدهور الأمني والاضطراب المتصاعد على خلفيّة الأزمات الاقليميّة المشتعلة.

كما تبقى بارقة أمل أخرى، في ظل التوتر الذي تشهده المنطقة العربيّة، هي مواصلة الشعب الفلسطيني العنيد نضاله السياسي لنيل حقوقه الوطنيّة المشروعة في ظل التخلي العربي والدولي التام عن قضيته ومطالبه. وها هي الانتفاضة الجديدة ستكون شاهدة على سقوط سياسات الاحتلال الاسرائيلي الذي يريد إنهاء القضية الفلسطينية وتحويلها إلى مسألة إنسانيّة ليس إلا! فتحية إلى الشعب الفلسطيني المقاوم والمناضل والبطل.

2014 – تموز – 07

مقالات ذات صلة