المقالات

تسوية أمريكية بالفهم الإسرائيلي!

تسوية أمريكية بالفهم الإسرائيلي!

اسم الكاتب : د. فايز رشيد

تاريخ إدراج المقال : 2013-12-15

قلناها من قبل:مرّات كثيرة ,لا يمكن للولايات المتحدة أن تكون وسيطاً نزيهاً بين العرب والفلسطينيين من جهة وبين إسرائيل من جهة أخرى.هذا أولاً.ثانياً:واشنطن ناقل(أمين)للمقترحات الإسرائيلية بشأن التسوية.ثالثاً:أمريكا تمارس الضغوطات على العرب والفلسطينيين, لا يمكنها الضغط على الحليف الاستراتيجي الإسرائيلي لأسباب عديدة أبرزها:إن ورقة الضمانات الاستراتيجية التي وقعها الرئيس بوش الابن عام 2004 وأرسلها إلى إسرائيل وقرأها شارون من على منصة مؤتمر هرتزيليا الخامس, تنص على مبادئ عديدة منها:تتعهد الولايات المتحدة بضمان أمن إسرائيل وعدم الضغط على تل أبيب لقبول تسوية لا تريدها.

جولتي كيري الأخيرتين أثبتتا بما لا يقبل مجالاً للشك ما قلناه،فوزير الخارجية الأمريكي يتبنى المقترحات الإسرائيلية جملةً وتفصيلاً , إن من حيث الاستجابة لرغبة إسرائيل في الحفاظ على وجود قوات إسرائيلية في منطقة غور الأردن , أو من حيث محاولة فرض الحل الانتقالي على الفلسطينيين.في سبيل ذلك ومن أجل ممارسة الضغط على المفاوضين الفلسطينيين يقترح وزير الخارجية الأمريكي:تأخير الإفراج عن الدفعة الثالثة من المعتقلين(قبل توقيع اتفاقيات أوسلو)إلى أجل غير مسمى.

من جهته فإن باراك أوباما وفي منتدى”سابان”اقترح على الفلسطينيين قبول اتفاق إطار على طريق التسوية النهائية التي يريدها هو الآخر على مراحل(تماماً كما يريدها الإسرائيليون)فالفلسطينيون من وجهة نظره ,يتوجب عليهم تطبيق التسوية في الضفة الغربية, ثم فيما بعد يجري تطبيقها على قطاع غزة.

أضاف أوباما “إن على الفلسطينيين الموافقة على رغبة إسرائيل في إجراء التسوية على مراحل, فلا يمكن أن يحصلوا على كل شيء في اليوم الأول،ولذلك فإن الحل في الضفة أولاً سوف يؤكد للإسرائيليين بأنها لن تشكل مشكلة أمنية مشابهة لتلك التي شكلها قطاع غزة”.لقد طالب الرئيس الأمريكي الفلسطينيين بضبط النفس.لسان حال أوباما يشي:بأن الفلسطينيين هم المعتدون والإسرائيليون هم المعتدى عليهم ولذلك فهو يطرح الحل الإسرائيلي؟!وفي تصوره أن المطالب الإسرائيلية “محقة”وعادلة ويجب أن تتم تلبيتها”؟! .

على صعيد آخر،فإن أطراف الائتلاف الإسرائيلي الحاكم حالياً لا يعجبهم ما يطرحه نتنياهو من حلول،فهم على الضد من إعطاء الفلسطينيين حتى دويلة بمفهوم الحكم الذاتي،ولسان حالهم يقول:لا وجود للشعب الفلسطيني من الأساس،فكيف يتم إعطاءهم”حكماً ذاتياً” .نحن لا نتجنى على الإسرائيليين فتصريحات يعلون وزير الحرب وليبرمان وزير الخارجية وغيرهما تعبّر ضمناً عما نقوله،فهما وغيرهما أعلنوا مراراً بأنه لو جرى عرض إقامة دولة فلسطينية على مجلس الوزارء الإسرائيلي الحالي فسوف يصوت ضد إقامتها . فهما ضد إعطاء الفلسطينيين أية حقوق.للعلم فإن نتنياهو من الزاوية الاستراتيجية , يتفق معهما تماماً،لكن من حيث التكتيك السياسي فإنه يعمل على قاعدة”نعم ولكن”.هو يبدو وكأنه يوافق على إقامة دويلة فلسطينية ولكنه يضع عقبات كثيرة أمام قيامها ولا يقول”لا مباشرة”.ما نقوله أنه طرح شرطاً جديداً على الفلسطينيين والعرب وهو ضرورة الاعتراف”بيهودية دولة إسرائيل” قبل إجراء أية تسويات معهما.

بالطبع:الطرفان الأمريكي والإسرائيلي يدركان:أن المفاوضات الفلسطينية-الإسرائيلية جرت وتجري في ظل تزايد الاستيطان , وتهويد القدس, وفي ظل امتناع السلطة الفلسطينية طيلة المفاوضات(المستمرة لتسعة أشهر)عن تقديم طلبات عضوية الى أيِ من المنظمات والأجهزة التابعة للأمم المتحدة بما فيها”محكمة الجنايات الدولية”التي تخشى إسرائيل رفع قضايا عليها في هذه المحكمة, بتهمة اقتراف جرائم حرب بحق الفلسطينيين.هذا الشرط طلبته إسرائيل حتى تقوم بإطلاق سراح حوالي مئة معتقل فلسطيني من أسرى ما قبل اتفاقيات أوسلو.

لقد أخطأت السلطة الفلسطينية في عودتها إلى المفاوضات مرّة أخرى ,مع إسرائيل دون أن تقوم الأخيرة بوقف الاستيطان ودون إعلان قبولها بالحقوق الوطنية الفلسطينية كاملة غير منقوصة.أخطأت السلطة أيضاً في الحد من حركتها بحشر نفسها في خيار المفاوضات والمفاوضات فقط،دون التمسك بالخيارات الأخرى وعلى رأسها المقاومة بكافة أشكالها ووسائلها بما في ذلك خيار الكفاح المسلح , وهو الذي أثبت بالتجربة:أن الكيان الصهيوني لا يمكن أن يستجيب إلا لهذا الخيار الواضح , والذي اثبت فعاليته مع كل أعداء حركات التحرر الوطني لكافة الشعوب المغتصبة إرادتها والمحتلة أراضيها, في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية.وبذلك تدرك إسرائيل وحليفتها الاستراتجية:الولايات المتحدة ضعف أوراق المفاوض الفلسطيني التي يمكنه من خلالها إجبار إسرائيل على الاعتراف بالحقوق الوطنية الفلسطينية. يساهم في ضعف العامل الفلسطيني أيضا:الانقسام الفلسطيني.رغم كل ما حصل فبإمكان السلطة وقف المفاوضات مع إسرائيل أولاً،والعمل على إنهاء الانقسام ثانيا ،وتعديل استراتيجيتها بالعودة إلى المقاومة, وإلى أهمية التلاحم الفلسطيني-العربي, وبناء موقف فلسطين عربي موحد من الصراع مع إسرائيل ,والعمل على أن تكون هذه الاستراتجية قوة جذب لأبناء الأمة العربية من المحيط إلى الخليج.

مقالات ذات صلة