المقالات

فلسطينيو 48 بين موقف الجامعة والتشدد الإسرائيلي

فلسطينيو 48 بين موقف الجامعة والتشدد الإسرائيلي

ماجد أبو دياك

في سابقة نادرة، دعت الجامعة العربية فلسطينيي 48 للتصويت بإيجابية وكثافة في انتخابات الكنيست، وذلك لما أسمته التصدي في الكنيست لسياسات «شرعنة التطهير العرقي وسيطرة العنصرية».

ورأى بيان الجامعة الذي صدر قبل يوم من الانتخابات أنّ شرعنة التطهير العرقي والعنصرية تستدعي «وجود معارضة قوية داخل الكنيست تتصدّى لهذه المحاولات وكشفها لبرلمانات العالم والرأي العام الدولي».

والغريب في هذا البيان أنّه يأتي في ظل ازدياد التشدد الإسرائيلي وإحجام فلسطينيي 48 عن المشاركة في الانتخابات لعدم إيمان معظمهم بمردودها الإيجابي عليهم، بما في ذلك القطاع الشمالي في الحركة الإسلامية الذي يقاطع هذه الانتخابات منذ زمن.

وقد حاولت الجامعة التسويق بأنّ المشاركة ستقوّي المعارضة داخل الكنيست، مع أنّها تعلم أنّ نسبة المقاعد التي يحصل عليها الفلسطينيون لا تزيد عن 10 بالمئة من مقاعد الكنيست البالغة 120 مقعدا، مقابل حصة كبيرة للتيارات المتطرفة والدينية المتشددة وجنوح حزب العمل الحمائمي إلى التشدد والمزاودة على حزب الليكود في المواقف المعادية لحقوق الشعب الفلسطيني.

وتعلم الجامعة أنّ وجود فلسطينيي 48 لم يكن ليؤثِّر في مواقف العدو أو يثنيه عن الاستمرار في سياساته في ظل صمت وتواطؤ دولي لا تُفلِح معه فرقعات إعلامية داخل الكنيست.

ويبدو تسويق الجامعة لهذا الموقف غريبا وممجوجا في ظل الحديث عن مراجعات عربية لخطّة السلام العربية، بل وحتى يأس الدول الأوروبية من تحسُّن الموقف الإسرائيلي تجاه المستوطنات والقبول بدولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران 1967.

وتُناقِض الجامعة نفسها حينما تقول في بيانها أنّ «الفرصة الأكبر للأغلبية ستكون لليمين العنصري المتطرف الذي لا يريد السلام ولا يريد الآخر، بل يريد دولة يهودية تحت شعار أنّ العربي خطر على أرض إسرائيل»! فكيف يستقيم هذا مع دعوة الفلسطينيين للمشاركة في انتخابات ستكرِّس اليمين وستكون بلا جدوى للفلسطينيين، بل الذين تعطي مشاركتهم بالانتخابات الشرعية ل»إسرائيل» وتسويق دولة الكيان على أنّها دولة ديمقراطية.

للأسف الشديد، فإنّ موقف الجامعة يعبِّر عن عجز عربي في التعامل مع ازدياد التطرف الإسرائيلي ورفض حكومات العدو لعملية السلام على كل علاّتها، فبدلا من إلغاء ما يسمّى مبادرة السلام العربية والتصعيد ضد العدو سياسيا وإعلاميا واقتصاديا ودعم المقاومة الفلسطينية، فإنّ العرب لا زالوا يتحدثون عن خيارات ثبت فشلها ولم تعد تؤثر في العدو.

وفي ظل نتائج الانتخابات التي يبدو أنّها ستعزز التشدد والتطرف الإسرائيلي، فإنّ السؤال المطروح الآن: ماذا أنتم فاعلون يا عرب مع استمرار الهجمة الاستيطانية التي فرَّغت عملية التسوية من مضمونها وفرضت واقعا لا يمكن إزالته بالوسائل السلمية العادية؟ من المفروض أن تحدث نقلة في موقف الجامعة مع تغيُّر حكومات بعضها رئيسية إثر الثورات العربية، فلم يعد مقبولا مثل هكذا مواقف من الجامعة، ولا من الدول الرئيسية فيها.

ربما كان أقل القليل إعلان فشل عملية التسوية ودعم المقاومة بكل الوسائل المتاحة، حتى لا يظل العدو يستخدم عملية التسوية للتغطية على مواقفه التي تدمِّر هذه العملية على الأرض، وحتى يتأكد العدو أنّ لدى العرب خيارات أخرى يمكن أن تضع حدا لغطرسة الصهاينة وتخفف من غلوائهم.

السبيل، عمان، 25/1/2013

مقالات ذات صلة