المقالات

العالم ضد إسرائيل ‏..‏ كيف ولماذا؟

في مقدمة المشاهد التي يتوجب علي كل باحث سياسي قراءتها في العام‏2013,‏ المشهد في إسرائيل وإلي أين تتجه لاسيما بعد الانتخابات الحكومية الأخيرة هناك‏.‏

في هذا الإطار أيضا كانت مراكز الأبحاث الدولية وفي مقدمتها الأمريكية تحاول استشراف مستقبل إسرائيل في العام الجديد, وقد صدر عن معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدني, القريب الصلة بإسرائيل ورقة مهمة وخطيرة في الوقت نفسه عنوانها هل سيكون2013 عاما تعيسا علي إسرائيل؟, و كاتب الورقة هو المدير التنفيذي للمعهد الباحث الأمريكي اليهودي الشهير روبرت ساتلوف, ومجرد صبغ الورقة بهذا العنوان فإن الأمر يعني أن هناك خطبا جللا يحدث بالفعل. ويلفت ساتلوف الانتباه إلي إشكالية سياسية وأمنية أوجدتها الصحوة العربية وأن شئت الدقة الإسلامية في المنطقة, حتي إن إسرائيل وبحد تعبيره باتت محصورة بين ما يسميه الهيمنة الإيرانية من جهة وانتشار التطرف السني الراديكالي من جهة أخري.. كيف يدلل الرجل علي عمق الإشكالية؟

عنده أنه في الوقت الذي يتصارع فيه السنة والشيعة في أماكن مثل سوريا والبحرين نجدهما يتحدان في دعم حماس لتهديد إسرائيل, فإيران الشيعية تزود حماس بالصواريخ فيما قطر ومصر وتركيا أي الاتجاه السني يقوم بتزويد حماس بالدعم السياسي الجوهري.. ماذا يعني هذا التحول الجوهري؟

ما لم يقله ساتلوف هو أن الصراع الآن تحول من مواجهة ذات ثوب وطابع قومي إلي صراع ديني, فقبل عدة عقود كانت المواجهة عربية- إسرائيلية, أما الآن ومن خلف العنت والغطرسة بل والعنصرية اليهودية أضحي الصراع ذا طابع دوجمائي ديني إسلامي يهودي.

هل إسرائيل مهددة وجوديا بالفعل ؟

الشاهد أن هناك من القراءات ما يتصل بالداخل الإسرائيلي وبالقدر نفسه هناك ما له صلة بالخارج وكلاهما يظهر الحالة المخيفة التي باتت عليها الدول العبرية في2013.. ماذا عن ذلك؟

لتكن البداية من الداخل الإسرائيلي ومع الوثيقة الأحدث التي صدرت منتصف يناير وعرفت بوثيقة هاباز وهي تقرير مراقب الدولة يوسف شابيرا بشأن الإشكالات الجارية في داخل الجيش الإسرائيلي, وقد جاءت في نحو ثلاثمائة صفحة. أن ما جاء في التقرير يكشف مقدار انقسام البيت العسكري الإسرائيلي علي نفسه, ويوضح أبعاد الصراعات الرئيسية التي دارت بين جنرالات جيش الدفاع, كما يسمونه, والتي تورط فيها أشكنازي رئيس الأركان السابق, ووزارة حرب إيهود باراك ـ وقد استخدمت في تلك الحرب الانقسامية الداخلية كل أنواع الأسلحة الاخلاقية حيث جرت بين القيادات العسكرية الإسرائيلية حرب شعواء داخلية شملت جمع معلومات وتسجيل مكالمات, وتشهير وتجميد ترقيات وتأخير تعيينات وتجنيد إعلاميين.. ماذا يعني ذلك؟

يعني أن هناك خللا جوهريا في الحدود الفاصلة وأحيانا الواصلة بين المستويين العسكري والسياسي,

حكما يدرك القارئ أننا نتحدث عن إشكالية المواجهة الإيرانية الإسرائيلية, لاسيما أن معظم الخبراء يرون أن عقارب الساعة قاربت نقطة النهاية فيما يتعلق بالدراما طويلة الأجل حول المواجهة النووية الإيرانية, وإذا اعتبرنا أن إدارة أوباما غير معنية كثيرا بالمواجهة العسكرية, علي الأقل في المدي القريب والمتوسط, فإن على نيتانياهو وجيشه أن يتهيأ بمفرديهما لتلك المواجهة..

هل لنيتانياهو ان يفعلها في ضوء علاقته مع اوباما؟

أوباما يري في نيتانياهو وسياساته كارثة علي إسرائيل, ففي تصريح لصحيفة هاآرتس العبرية يقول أوباما للصحافي الإسرائيلي المقرب من البيت الأبيض جيفري جولدبرغ: ربما تكون الجمهورية الإسلامية الإيرانية تهديد لإسرائيل علي المدي القصير, لكن سلوك إسرائيل نفسها هو تهديد وجودي عليها في المدي الطويل.

هل أوباما فقط الذي تتغير مواقفه من إسرائيل؟

لقد فشل نيتانياهو وأجهزته العلنية والسرية في الضغط علي الرأي العام الأمريكي واستخدام ورقة اللوبي الداعم لإسرائيل من يهود ومن أمريكيين يمينيين في الانتخابات الرئاسية الأمريكية, وتحويل دفة الفوز لمصلحة المرشح ميت رومني, والأمر يحتاج لقراءة تحليلية مقبلة, غير أن الأمر يتصل بتهديد أخر سيصيب إسرائيل من القلب الأمريكي وهاهي إرهاصاته تتجلي الأيام والأسابيع الأخيرة.. ماذا عن هذا التهديد؟

في نهاية شهر أكتوبر المنصرم وفي حركة جريئة غير اعتيادية كان نحو15 مسئولا دينيا يمثلون رؤساء الطوائف البروتستانتية الأمريكية يوجهون رسالة للكونجرس الأمريكي يستحثونه فيها علي التحقيق فيما إذا كانت المساعدة الأمريكية غير المشروطة لإسرائيل, تسهم في انتهاكات حقوق الإنسان للفلسطينيين ام لا ؟.

الرسالة في حد ذاتها تحول نوعي خطير أوقع هستيريا في صفوف الجماعات اليهودية الكبيرة في أمريكا لما لها من دلالات مستقبلية سيئة..

هل لنا أن نزعم بأن العالم بات يمضي في طريق ضد إسرائيل, وأن تهديدها أدبيا علي الأقل بات يؤثر علي وجودها مستقبلا؟

إميل أمين

الأهرام، القاهرة، 6/3/2013

مقالات ذات صلة