المقالات

حماس خسرت “بلح الشام” ولم تحصل على “عنب اليمن”

حماس خسرت “بلح الشام” ولم تحصل على “عنب اليمن”

جهاد المنسي) (الغد الاردنية-

منذ بداياتها كانت حركة حماس مدعومة ومحسوبة على ما يعرف بـ”دول الممانعة”، ومنها سورية ولبنان وإيران، وتستظل بظل تلك الدول وتتلقى أموال منها، وكانت خطابات قادتها مؤازرة وداعمة لسياسات تلك الدول.

وعندما كانت حماس وقائدها خالد مشعل يقيمان في دمشق ويحظيان بحراسة دائمة من قبل الجيش السوري ويحتميان بعباءة حزب البعث العربي الاشتراكي والنظام السوري، كانت الحركة وقائدها خالد مشعل يعرفان أن سورية ليست واحة للديمقراطية والحرية، ولكنهما كانا يريان فيها قلبا عروبيا ممانعا، يرفض الخنوع للإملاءات الأميركية والإسرائيلية، ويعلمان ان النظام السوري وشعبه دفعا ثمنا لدعمهما للحركة واستضافتها على أرض الشام، حتى وصل الأمر لفرض عقوبات أميريكة أوروبية على سورية.

كان مشعل، وحركة حماس وقادتها السياسيون يعلنون على رؤوس الأشهاد قبل عام 2010 – رغم بروز تيارات ديمقراطية في سورية قبل ذلك التاريخ تدعو لرفع الأحكام العرفية والعدل وإشاعة الديمقراطية- أن إضعاف سورية يعني إضعاف المقاومة، وأن سورية بقيادتها وحزبها وشعبها خندق الدفاع الأول عن فلسطين، ورغم أن البعض كان ينتقد الحركة بسبب مواقفها تلك، إلا أنها كانت متمسكة برأيها، وتُسوق الحكومة السورية عند جماعة الإخوان في كل مكان لدرجة أن دمشق استقبلت، واستضاف نظامها -الممانع وقتذاك، والقاتل بوجهة نظر حماس حاليا- بناء على ذلك قادة من جماعة الإخوان المسلمين في الأردن، وألقى قادة الحركة البارزون أمام الرئيس السوري خطابات مدح وثناء لا متناهية، وكانوا يعرفون وهم يخطبون في حضرة الرئيس الأسد أن النظام السوري ليس واحة للديمقراطية والحرية، ولكنهم كانوا يضعون ذلك وراء ظهورهم لأن التنظيم العالمي للإخوان لم يكن يريد وقت ذاك فتح جبهة على سورية، ولم تكن خطوط التماس والتقارب بين إخوان العالم العربي وأميركا وصلت لتشابك إيجابي ينبئ بتحالف مستقبلي.

إذا رغم وجود تحركات سابقة في دمشق تطالب بالديمقراطية والحرية بوسائل سلمية بعيدا عن الحقد الطائفي الأعمى والضخ المذهبي القاتل وبعيدا عن أجندات دول البترودولار وضخ أموالهم، فإن (حماس) لم تعلن موقفا مؤيدا لتلك المطالبات أو حتى متعاطفا معها، وكان الإخوان بشكل عام ينظرون للأمر باعتباره محاولة من قبل الغرب لإضعاف الشام وتفتيت عضدها.

بيد أنه عندما دخلت جماعة الإخوان المسلمين السورية على خط ما يجري، أصبح لها حضور في المشهد السوري، وبات تجار الموت يبثون سمومهم عبر فضائهم المشبوه، بتنا نلمس تغييرا طرأ على خطاب حماس تجاه سورية ودول الممانعة عموما، وطلاقا بينهما وهو ما حصل لاحقا، فأخذت قنوات الدم تهاجم سورية ونظامها، وتشيطن حزب الله الذي سبق له أن هزم إسرائيل وحده عندما لاذت دول عربية كبرى بالصمت، واتهمه زعماء عرب بـ”الرعونة والصبيانية”، وبات مشعل ورفاقه في الجماعة الذين كانوا يخطبون في حضرة السيد حسن نصر الله متباهين بالنصر المؤزر الذي حصل عام 2006 ينعتون الحزب لاحقا بأنه “حزب اللات”.

ما سبق يعني أن حركة حماس ومن خلفها جماعة الإخوان المسلمين على مستوى العالم لم تعادِ سورية وحزب الله وإيران استجابة لنداء الديمقراطية والحرية، ورفضا لقتل الأطفال والشيوخ كما تدعي في الإعلام، فالنهج السوري لم يتغير، ومعرفة أن النظام السوري ليس نظاما ديمقراطيا لا يعني اكتشاف الذرة، فهذا معروف سابقا، حتى قبل ولادة حركة حماس.

لم تكتشف حماس ديمقراطية النظام السوري المفقودة بعد أن رأت مجارز ترتكب وأطفال يقتلون، وإنما بعد أن دخل التنظيم الدولي التابع للإخوان في الملف السوري وبات لاعبا أساسيا فيه.

اليوم حماس تركت محور الممانعة نهائيا، واتجهت نحو محاور أخرى تشمل تركيا وقطر وغيرهما، ذهبت باتجاه دول أكثر قربا من أميركا وإسرائيل، تجاه دول تربض على أراضيها قواعد أميركية في المنطقة ولدولها ممثلون في تل أبيب.

ذهبت حماس بكل ثقلها باتجاه محور أميركا وطلّقت محور الممانعة طلاقا بائنا بينونة كبرى لا رجعة فيه، ولكن الأمر لن يبقى “قمرة وربيع” وسيكون على حلفائها الجدد، إلقاءها لاحقا من القطار لأنها تشكل عبئا إضافيا عليهم، وسينطبق على حماس وقادتها المثل الذي يقول “ما طال بلح الشام ولا عنب اليمن

مقالات ذات صلة