اخبار الوطن العربي

جعجع وجنبلاط يورطان الحريري!

طرح جعجع وجنبلاط قاعدة جديدة للتوزير تقوم على نسبة الفوز داخل الطائفة وبينما تصلح للاعتماد عندهما تعرض تمثيل الحريري للتقلص ما دفع البعض للاعتقاد ان ثمة تضارب في المعايير داخل الفريق الواحد يرى اخرون انها قريبة من النظرية التي طرحها بعد اركان ٨ آذار .

ثمّة خشية تَضُج بها مجالس من جرَّاء إستمرار التأخُّر في تشكيلِ الحكومة. لَدَى البَعض تقويمٌ مُسنَد الى وقائعٍ أرخت اعتقاداً بات راسخ حول أنّ مسألة التَّشكيل ستُسفِر الى مطلعِ العام القادم وقد تُقذَف إلى أبعد من ذلك بكثير في حالِ لم يجري بتّ أمر الحكومة خلال الشَّهر الجاري، ورُبما تصلُ الى حدودِ إحتفال رئاسة الجمهورية بعامها الثّالث على كُرسي بعبدا، أي ثمّة رهان يبدو أن البعض يسعى إليه، يقومُ على “تصفير” عهد ميشال عون من الإنجازات والوصول الى نصفه دون حكومة، وهو أمرٌ يُحسب سلباً عليه.

الرّئيس ميشال عون وأمام زوَاره، و بالإستناد إلى ما يسُرّب، يّعي المخاطر الجِسَام التي تطال عهده. هناك إعتقاد بالغ لديه بوجود نيَّة لتطويق العهد في جُملةِ أمور مضافة الى دوافعٍ لدى البعض، سياسية بالدَّرجة الاولى، يراد من خلالها الإنتقام ليس منه على وجه التحديد، بل من خياراته السياسية، ولعلَّ على رأسِ الأهداف التي توصَّل الى هذا الغرض، عرقلة تشكيل الحكومة وهي الطريق الأمثل لإشغاله.

منَ المُفيد الذِّكر أنَّ مسألة تأخير التأليف يتكافل الجميع ويتضامن في أزمتها، كُلٌّ بحسب ما يهوى. رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل –ومَن خلفُه عون-يحمِلُه البعض جزء من العرقلة نتيجة رفعه السّقوف. الوزير طلال أرسلان أيضاً وسائر قوى ٨ آذار من سنة وغير سنة. الإتهام ينسحب على ١٤ آذار التّقليدية وعلى رأسها رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع وشريكه السياسي رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط وصولاً الى رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري وهَلُم جر.. إذاً الكُل يعرقل، كل بحسب نظرته.

اللّافت أنّ الجميع يحتكم بالعرقلة الى نتائج الإنتخابات، و للمفارقة أن الكل يُفسّرها على النّحو الذي يريد و “مسائبة” أنّ بعض الأرقام قد تقسم الفريق الواحد بسبب تضارُب المعايير التّوزيرية، وهذا ما يُعيدنا الى مسألةِ غياب وحدة المعيار التي يُنادي بها المَعنيين بالتشكيل ووجوب إرساءها كقاعدة يجب أن تُتَّبع.

يوم أمس ، عادَ جعجع ليَطرح مبدأ التّمثيل وفق قاعدة النِّسبة المئوية التي حاز عليها في الانتخابات. استند في مرجعه إلى رأي الوزير باسيل الذي ادّعى أن “القوات نالت ٣١٪؜ من أصواتِ المسيحيين”، مما فتح لجعجع الطّريق لإعتماد هذا السَّبيل والقول أنّه وحزبه يُمثلان ثِلث المسيحيين، وتأسيساً طالب بالتَّمثل وزارياً بثلث المقاعد المسيحية، أي أنه عاد لأسطوانة ٥ وزراء من أصل ١٥ لحكومة ثلاثينية، في عود على بدء، معنى ذلك أنه صَرّف الإتفاق الذي جرى مؤخراً ومثل قبوله بـ ٤ حقائب.

النائب السابق وليد جنبلاط جاره على القاعدة لكن في موقفٍ آخر. هو أشارَ بأنه “اجتاح الطائفة” خلال الإنتخابات بنسبة مئوية هي ٨٨٪؜ فيما ذهبت ٨٪؜ لصالح مُنافسه الوزير طلال ارسلان، موحي بأنه “سيد طائفته” لذا يجب أن تؤول المقاعد الدرزية الثّلاث إليه بوصفهِ الأقوى.

إذاً استند جعجع وجنبلاط على الأرقام المئوية لدى طائفَتهما لتكون معياراً للتمثيلِ في الحكومةِ متناسين أنّ الرئيس سعد الحريري مثلاً لا ينفعُه اعتماد المعيار المئوي نظراً لنتائج الإنتخابات، إذ أُذهبت من حصته ١٠ نوّاب سنّة وتُركَ له ١٧ نائباً. هذا في المقياس العددي أمّا المئوي فقد نال الحريري ٤٦٪؜ من أصوات طائفته ما يؤهله للظّفر بـ ٤ مقاعد وزارية فقط على عكسِ ما يسعى إليه أي ٦.

ووفقَ هذا المعيار، يكون كُلّ من جعجع وجنبلاط قد اعترفا ضُمناً بحق معارضي الحريري بالتَوزير أقلُّه في مقعدين، وسلخا مسعى خليفهما للتوزير ضُمن حصّة كاملة (٦) بالإستناد الى معيارٍ خاص أوجده الحريري وهو “أنا أكبر الفائزين إذاً احصل على كل شيء”.

يمكن أن يُفَهم تضارب المعايير لدى فريقين، لكن ما لا يُمكن فهمه هو تضارب المعايير بين الحلفاء، إلى حدّ جعلهم يتطلعون الى نتائجهم النّسبية وفق المفهوم العددي الأكثري ودون أي مُجاراة للمنطق الذي يطرحونه، أي حصّة كاملة ٦ + ٥ + ٣.

أمرٌ آخر مهم، أنّ منطق جعجع – جنبلاط يخدُم فريق ٨ آذار أكثر مما يخدم الحريري، بحيثُ ينادي الآذاريّون بالتمثيل وفق النتائج المئوية لمجموع الفريق وهو ما له أن يَضرب حتى اقتراح جعجع – جنبلاط في حالِ فصِّلت النّسب على أساسِ الفريق وليس الحزب أو التيار!

ثمّة من يقول بالإستناد الى هذه المُقاربة أن كل ما يسعى إليه جعجع وجنبلاط هو تمكينِ نفسيهما من الحصّة لمسك طَوائفهما لاحقاً، بينما الحريري يعمل على منعِ اختراقه من مُعارضيه في الحكومةِ بعدما جرى خَرقُه في المجلس.

أمّا الثّابت لدى البعض فهو إعتقاد بأنّ جعجع – جنبلاط يعملان على تَمييع البحث وتضييع البوصلة و إستغلال أي موقف يَخدُم فكرة تأخير تشكيل الحكومة. المُثير للسخرية أن الفريق الآخر الذي يُعتبر خصماً، يوفّر الأسباب المطلوبة للخصوم!

هناكَ رأيٌ آخر يقوم على فكرة المفاضلة، بحيثُ أن الحريري قد يلجأ مثلاً في لحظةٍ ما يَقتنع فيها أنّ مكاسبه سَيعادُ دَرسها، إلى محاولةِ إقناع السّعوديين في نهايةِ المطاف بالمكاسب التي تحققت وأهمها عدم حصولِ أحد على الثّلث المُعطّل في الحكومة وتعويضه مطلب القوات وزارياً بحصوله على ٦ وزراء لنفسه، وهو ما سيقطعُ الطّريق على حليفيهِ كسببٍ من أسبابِ تَضارُب المعايير.

عبدالله قمح

مقالات ذات صلة