أين «الأخوان» من إشارات إيران و«حزب الله» لدرء الفتنة؟
أين «الأخوان» من إشارات إيران و«حزب الله» لدرء الفتنة؟
قاسم قصير
بعكس الاجواء السائدة في اكثر من بلد عربي واسلامي في شأن ازدياد الفتنة المذهبية السنية – الشيعية، فان مصادر قيادية في «حزب الله» واوساطا ايرانية مطلعة تعتبر «ان الفرصة لا تزال قائمة لتجاوز اجواء الفتنة والاتجاه نحو تعاون حقيقي بين الدول الاسلامية والعربية والقوى الاسلامية الفاعلة لحل مختلف الازمات العالقة، وان الكرة اليوم في ملعب قيادة التنظيم الدولي لـ«الاخوان المسلمين» لانه الجهة الاقوى على الساحة الاسلامية وهو يدير اقوى دولة عربية (مصر) كما ان له التأثير على العديد من الساحات العربية والاسلامية». وتشير الى ان ذلك «يتيح المساهمة في ايجاد الحلول المناسبة او الدفع للقبول بالحلول السياسية ووضع استراتيجية جديدة للعلاقات العربية والاسلامية بما يؤدي لتصويب بوصلة المعركة، ويساهم في اعادة رسم خريطة جديدة على الصعيد العربي والاقليمي والدولي».
وتعتبر هذه المصادر «ان ما جرى في الدول العربية خلال السنتين الماضيتين قد اعطى «الاخوان المسلمين» فرصة كبيرة لم يكونوا يتوقعونها، وان التوصيف الذي اطلقه (مرشد الجمهورية الاسلامية الايرانية) الامام علي الخامنئي لما جرى «بانه صحوة اسلامية» كان توصيفا دقيقا وواقعيا، لان القيادة الايرانية كانت تدرك ولديها المعطيات والمعلومات الدقيقة بان الحركات الاسلامية وخصوصا «الاخوان» هم الطرف الاقوى على الساحة العربية والاسلامية ، وانه رغم ان الثورات العربية لم تنطلق بقرار من «الاخوان» فانهم سيكونون الوارث الاقوى لها، ولذا تقع عليهم المسؤولية الكبرى في ادارة الصراع وتصويبه في الاتجاه الصحيح بدل الغرق في صراعات داخلية او السماح بتسعير الخلافات المذهبية».
وتضيف المصادر ان قيادة «الاخوان» واجهت العديد من المشكلات الكبرى خلال السنتين الماضيتين في كل الدول التي اصبحت فيها قوة اساسية وخصوصا في تونس ومصر، اضافة الى الدور الكبير في احداث سوريا، كما ان قيادة «الاخوان» وقعت تحت ضغوط دولية واقليمية وعربية وداخلية ما ادى بها الى ارتكاب اخطاء في ادارة الصراعات وواجهت كما كبيرا من الصعوبات وخصوصا في المجال الاقتصادي والسياسي، مما جعلها غير معنية بمواجهة الفتنة المذهبية ولم تعط الاولوية لهذا الملف».
وتنقل المصادر عن قيادي بارز في «الاخوان» ان الاهتمام الاساسي للقيادة في مصر «يتركز على الشأن الداخلي وهو يحظى بنسبة 60 في المئة من اهتمام القيادة، وان 10 في المئة يذهب للعلاقة مع اميركا، و10 في المئة للقضية السورية، و10 في المئة للقضية الفلسطينية والكيان الصهيوني، والباقي لكل الملفات العربية والاسلامية والدولية، وان هذا الاهتمام قد انعكس سلبا على ادارة الصراعات والاولويات، مما اضعف الاهتمام بالعلاقة مع الدول العربية والاسلامية والقوى الاسلامية والمرجعيات الدينية الفاعلة».
وتؤكد مصادر مطلعة في «الاخوان» هذه المعلومات وتعترف «بوجود ارباك لدى قيادة «الاخوان»، اضافة الى الحاجة للكادر المدرب والقادر على ادارة الحكم في اكثر من دولة عربية وخصوصا في مصر، في ظل وجود ما يسمى «الدولة العميقة» والاجهزة المتوارثة عن النظام السابق، ما اوقع «الاخوان» والرئاسة المصرية في العديد من الاخطاء والاشكالات خلال السنة الماضية».
على ضوء هذه المعطيات، ترى الاوساط الايرانية المطلعة «ان الفرصة لم تفت وان قيادة «الاخوان» قادرة على تجاوز المخاطر والاشكالات من خلال اعادة ترتيب الاولويات والاستفادة من التجارب العربية والاسلامية طيلة المراحل الماضية، مع ضرورة فرز الاعداء من الاصدقاء ووضع استراتيجية جديدة تتيح لهم ادارة الصراع بشكل جديد والاتجاه نحو بناء منظومة متكاملة للبناء على الصعيد الداخلي والخارجي بدلا من سياسة الاستقواء والتفرد، مع الاستجابة للايدي الممدودة لهم للتعاون لحل مختلف القضايا العالقة بدلا من اعتماد سياسات خاطئة لن تؤدي الى اية نتيجة ايجابية».
وفي الاطار نفسه، تؤكد مصادر مقربة من المرجعيات الدينية في العراق «ان هذه المرجعيات قد اطلقت مبادرات عدة ايجابية لتجاوز اجواء الفتنة المذهبية سواء داخل العراق او على الصعيد العربي والاسلامي، لكنها لم تلق التجاوب المطلوب لا من قيادة «الاخوان المسلمين» ولا من المرجعيات الدينية المعنية، وان المسؤولية اليوم تقع على عاتق هذه القيادات لتقديم مبادرات ايجابية والحث على حلول لمختلف الازمات بدلا من الغرق في قضايا محددة او اطلاق التهم بشكل عشوائي ومن منطلق مذهبي».
وفي الاجمال يمكن القول ان العديد من القيادات والمصادر الاسلامية رغم اعترافها بالمخاطر القائمة اليوم في العالم العربي والاسلامي والخوف من اتجاه الامور نحو صراع مذهبي سني – شيعي مفتوح، فان هذه المصادر والقيادات تؤكد على ضرورة التركيز على النقاط الايجابية والقواسم المشتركة والتجاوب مع المبادرات المطروحة، لان الجميع سيدرك ان الخيار الافضل هو التعاون والتنسيق والتقارب بين مختلف الدول العربية والاسلامية والقوى والحركات الاسلامية، وان الفرصة ما تزال متاحة وان كانت المسؤولية اليوم تقع بشكل كبير على «الاخوان» لانهم الطرف الاقوى والقادر على اطلاق المبادرات او التجاوب مع الاشارات الايجابية المرسلة من «حزب الله» وايران والمرجعيات الدينية».
السفير، بيروت، 21/1/2013