المقالات

لماذا أجلت السلطة اجتماع السبت؟

محمود مرداوي

السلطة تؤجل اجتماع السبت الذي دعت إليه جزءاً من الفصائل لتدارس تداعيات الضم .

مكان الاجتماع المقاطعة التي عُقد فيها اجتماع مواجهة إعلان صفقة القرن ، وكل اللجان التي انبثقت عن اللجنة التنفيذية لتدارس مخرجات اللجنة التي سبقتها والتي شُكلت لتنفيذ قرارات المجلس المركزي .

فما الذي منع الانعقاد ؟

خاصة إذا ما استذكرنا أن الاجتماع عُقد لمواجهة ما تُسفر عنه اجتماعات حزبي الليكود وأزرق أبيض في الأول من يوليو تموز .

ولا زال التعهد بالضم قائماً والموعد سيحل لاحقاً ، فلم يلغَ اللقاء حتى تنتهي مبررات الاجتماع

إذن ما هو السبب؟

هل عدم مشاركة حمـ.ـاس والجهـ.ـاد في الاجتماع؟

مما يجعل التحايل أمام الشعب بمواقف شكلية كما حصل في اللقاءات السابقة تبدو وكأنها تعبير عن الإجماع الوطني وانعكاس لإرادة الكل قد فشلت ؟

أم أن تأجيل منح الثقة للحكومة الإسرائيلية هو من استثار الأماني التي يبنى عليها مواقف سرعان ما تظهر سراباً تحسبه السلطة ماء؟!

أم أن مأزق ترمب وزيارة بومبيو التي بدا منها رغبة أمريكية لتأجيل إعلان قرارات الضم المطبقة على الواقع عملياً، ولربما وصلت إشارة من تحت بطن من الإدارة الأمريكية للسلطة ؟!

أو من أحزاب اليسار الإسرائيلية بإمكانية عدم عقد اجتماع منح الحكومة الثقة ؟

السلطة لم تعد تملك مشروعاً ولا رؤية، برنامجها الذي عبر عنه كتابةً أو تصريحات من خلال قياداتها تشي بأن كل ما أوهمت الشعب الفلسطيني به تبخر وظهر أحلام يقظة ممسوخة .

لكن الحيران الذي لا يعرف إلى أين سيذهب، وبأي وسيلة يركب يبقى كموج البحر الهائج ، لا تعرف له وجهة ولا تضبط له إيقاع .

فالذي يسقط من عل يحاول أن يقبض بالقش والريش الطائر ، ظناً منه أنه ناجٍ..

على تعقيدات المشهد وصعوبة التحديات وكثرة الأعداء وقلة المساندين يمكن اجتراح ألف وسيلة ووسيلة لاستنهاض الشعب الذي اختُبر في الماضي وكان فرس رهان .

هذا الشعب الذي أجبر الاحتلال على الاندحار من غزة وشمال الضفة ونجاح أولمرت في الانتخابات على أساس خطة “الهتكنسوت ” الانكماش وإخلاء ما يزيد عن 70‎%‎ من الضفة الغربية دون اتفاق ودون مفاوضات ، ليتحول في زمن رئيس السلطة محمود عباس مدمن الهزائم المنكسر لا يؤمن بإرادة الشعب ولا يعول على قدرته في الدفاع عن حقه وإجبار عدوه على التصرف وفق إرادته .

منطق الإرادات ساقط من خياراته، غارق في عالم الأرقام، يؤمن بموازين القوى على معايير قياس قوة الجيوش الكلاسيكية المنظمة .

جلب لنا منطق الضم بعد أن استطاع الشعب أن يغير عقلية شارون وتفكيره، أبو الاستيطان الذي صرح أن مصير نتساريم كمصير تل أبيب !

هذا التغيير ما كان ليتحقق بمنطق الاستسلام الذي فُرض على الشعب الفلسطيني بالمال السياسي والإقصاء والتفرد الذي شرع منطق الاستجداء والتباهي بالضعف وتقديس الخنوع والاستسلام .

رئيس السلطة وهو يدعو لوقف الاستيطان من على منصة الأمم المتحدة مستجدياً المجتمع الدولي لمنع توسع الاستيطان كانت الأجهزة الأمنية في الضفة تمنع المقاومـ.ـة من الضغط على المستوطنين ومقاومـ.تهم.

هذا السلوك عانت منه كل الفصائل، ومن لم يعاني منه من الفصائل أو غيرها إما عصفور يغرد خارج السرب موهوم بأطلال دمار ساهم بهندسته ، أو فصيل لا يختبر السلطة وأجهزتها حتى يعلم أنها تعتقل، ببساطة لا يقـ.اوم ، يمارس السياسة بصدى انفجارات وأزيز رصاص الحركات التي تقـ.اوم ويحاول منعها.

إن الطرم السياسي نُنظّر له ولكننا نعيشه واقعاً للأسف، وإلا ما قيمة أن تترفع أحزاب لها تاريخ، لكنها لا تملك على الأرض من عقد ويزيد ربع ما يملك أي فصيل مقـ.اوم مثل لجان المقاومـ.ـة الشعبية، العامودي، كتيبة المجاهديـ.ن، وفصائل أخرى تملك من العدة والعتاد ما تحسب له دولة الاحتلال ألف حساب …

بأي منطق وصلة بالتحرير يتم مقاطعة هذه الفصائل المقاومـ.ـة من السلطة وأخواتها ؟

إذا كان تأجيل لقاء السبت لمحاولة إعادة جمع الفلسطينيين تحت سقف المقاطعة فهذا لن يتم ولن يوافق عليه من رفض اجتماع السبت ، لأن الرفض جاء لاعتبارات تتعلق بمطالب أساسية تشكل إمكانية معقولة لإنجاح اللقاء والذي لا يمكن أن نحقق الوحدة في مواجهة الضم كحد أدنى دون عقده ، لكن أين ؟

تحت حراب الاحتلال؟

وهل يُسمح لحركات المقاومـ.ـة التي ستجتمع من أجل اجتراح وسائل مقاومـ.ـة سياسية اقتصادية عسكرية أمنية شعبية من الاحتلال؟

إن اجتماع القيادة الفلسطينية في المقاطعة لمواجهة صفقة القرن فشل فشلاً ذريعاً ولم يترتب عليه أي إجراء يردع الاحتلال أو يستوقف المواطنين ويرضي الشعب، بل عزز من حالة الإحباط وأظهر القيادة الفلسطينية ضعيفة بقوة السلطة وليس بقوة المقاومـ.ـة، ولم تعكس إرادة الشباب الثائر الذين لا يتوقفون عن مواجهة الاحتلال ، لا يترددون ولا يبخلون في التضحيات .

إذا كان اللقاء في مكان يسمح باجتماع كل الفصائل بعيداً عن الأجندة الخاصة وفق جدول أعمال يتعلق بمواجهة الضم لا يضع ڤيتو على فصيل لاعتبارات خارجية سواء يؤمن بالمقاومـ.ـة أو الحل السلمي ليجتمعوا على طاولة مستديرة ؟

مجرد انعقاد اللقاء يوحي بالجدية ويرسل رسائل واضحة أن الاجتماعات ليست شكلية لأهداف دعائية تُستدعى فيها الفصائل اكسسوارات تجميلية ، إنما اجتماع لإعادة النظر بكل المسارات المُهلكة لحقوق الشعب الفلسطيني والمبددة لطاقاته .

لقاء شامل بالمواصفات التي ذُكرت يرهب الاحتلال ويجعله يفكر بالمآلات ولربما يعيد النظر في القرارات ويرفع من معنويات الشعب الفلسطيني ويعزز الثقة ويرفع من مستوى التضحية.

بدون ذلك لا يمكن اتخاذ القرارات المناسبة التي تضع القضية الفلسطينية والعلاقات الفلسطينية مع الإقليم والمجتمع الدولي في المكان الصحيح.

مقالات ذات صلة