شؤون فلسطينية

لماذا الاستهداف المستمر للجـ ــ ـبهة الشـ ـ ـعبية ولماذا لازالت تمثل خياري وماذا تعني

المورسكي المغدور (باريس 30 -10-2014)

لماذا الاستهداف المستمر للجبهة الشعبية ولماذا لازالت تمثل خياري وماذا تعني بالنسبة لي بعد ٥٣ عاما من الانتماء اليها

تزايدت في الفترة الاخيرة حملات شرسة ومنظمة، استهدفت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين من قبل سلطات الاحتلال الصهيوني ودولته، مترافقة مع حملة امريكيه، انضم اليها عدد كبير من الدول الاوروبية، حيث يواصل العدو الصهيوني حملات القمع والملاحقة والاعتقال لنشطاء الجبهة وكوادرها بشكل مستمر، هذه الحملة التي لم تتوقف يوما منذ انطلاقة الجبهة، وتزايدت هذه الحملة في الاشهر الاخيرة. ولا يكاد يمر يوما دون ان نسمع عن اعتقال وملاحقة واكتشاف خلايا تابعة للجبهة تخطط للعمل ضد العدو.

وقامت الولايات المتحدة بوضع الجبهة على قائمتها للارهاب، وفعلت الامر نفسه بعض الدول الاوروبية، في محاولة منها للحد من نشاطات الجبهة وتحركاتها دعما للقضية الفلسطينية، ومنعها من النضال السياسي، الاعلامي، الجماهيري والقانوني ضد العدو وممارساته، ومن اجل بث الرعب والخوف بين ابناء الجالية، وهذا ما يحصل تارة تحت شعار محاربة معاداة السامية، وتارة تحت شعار ملاحقة مناهضي (اسرائيل) والواقفين في وجه مايسمي مشاريع السلام، اوالذين يهينون القيادات الصهيونية ورموزها، كما حصل في محاكمة الرفيق ابراهيم ابراهيم في المانيا بتهمة اهانة نتنياهو. هذا وقد برأت المحكمة الرفيق من هذه التهمة في المرة الاولي، وضغط صهيوني تم اعادة المحاكمة مرة ثانية، وانتصر حق الرفيق ابراهيم مرة اخري في التعبير عن رايه، وفاز بالحكم لصالحه.

ان صدورهذا القرار ورغم كل الضغوطات الصهيونية يكتسب اهمية خاصة في هذه المرحلة، كونه يشكل سابقة يمكن البناء عليها والاستفادة منها في القيام بالنشاطات في الفلك الأوروبي وكسر حاجز الخوف من التهم الجاهزة.

وتترافق هذه الضغوطات مع سياسة التركيع والتجويع التي تمارسها سلطة اوسلو ورئيسها من خلال فرض الحصار المالي على الجبهة، وذلك بقطع مستحقاتها من الصندوق القومي هذه المستحقات التى حصلت عليها بفضل تضحياتها ودورها، وبفضل دماء الشهداء والجرحى اللذين قدمتهم من اجل فلسطين، وبفضل اسراها المعتقلين، هذا الحق المقدس للجبهة واسر شهدائها وجرحاها ومعتقليها، لايحق لكائن من كان أن يعبث به، وهنا يحق لنا أن نتسائل كيف يمكن ان نفسر ان تقوم السلطة بدفع اموال طائلة لبعض المنظمات الغير فاعلة والتى لم يعد لها حضورا في الساحة ولم يبقي منها سوي الاسم، وتقطع مستحقات التنظيم الثاني في منظمة التحرير، كيف تدفع رواتب لبعض المسؤولين تزيد عن عشرة آلاف دولار شهريا مضافا لها الامتيازات والمصاريف النثرية، بينما حصة الجبهة ثمانون ألف شهريا ويتم قطعها!!!.

لا تفسير آخر لهذا إلا أنه يأتي ضمن التساوق مابين السلطة والعدو في محاولة الضغط المتواصل والمتشابك مابين العدو والسلطة على الجبهة في محاولة تركيعها ولي ذراعها، ودفعها للقبول بخيار الاستسلام.

الا ان هذا لن يحصل مهما فعلوا وقد جربوا مرات عديدة.

ورغم تاثير ذلك، ستبقى الجبهة صامدة رافعة راية المقاومة، متصدية للتنازلات، شامخة في عنفوانها متمسكة بالثوابت الوطنيةن وهي عصية على الكسر.

لم ولن ينجحوا في تطويعها او كسر ارادتها…

ان كل ماتقدم ليس بجديد، فالجبهة كانت مستهدفة دائماً ومنذ تأسيسها وانطلاقتها منذ عام ١٩٦٧، هذا الاستهداف الذي لم يتوقف لحظة واحدة.

الجبهة مستهدفة لما تحمله من فكر تقدمي، انساني، ديمقراطي. مستهدفة لما تحمله من وضوح سياسي حدّد ومنذ البداية معسكر الاعداء ومعسكر الاصدقاء، كما حدد طبيعة العدو الذي نواجه، واكد ان صراعنا مع العدو هو صراع وجود لا صراع حدود، وانه لامجال للتعايش مع هذا العدو…

الجبهة مستهدفة لما تمثله من تمسك بخيار المقاومة، خيار الكفاح المسلح وعدم التراجع عنه.

الجبهة مستهدفة لانها كانت ومازالت متمسكة بتحرير فلسطين، كل فلسطين، ورفضت المساومة على اي شبر من ترابها.

الجبهة مستهدفة لانها رفضت سياسة التنازلات في اوسلو وقبل وبعد اوسلو…

الجبهة مستهدفة لانها قدمت نموذجا جسد الربط بين القول والعمل والتصقت بشعبها وشاركته المعاناة…

الجبهة مستهدفة كونها شكلت نموذجا اخلاقيا يحتذى به في العمل الوطني وتمسكت بالوحدة الوطنية ومنظمة التحرير في اصعب الظروف، ورفضت و حاربت الانقسام.

الجبهة مستهدفة لانها رفضت ان تكون تابعة لأحد.

الجبهة مستهدفة لانها جسدت عمليا الربط بين البعد الوطني والقومي وبين القومي والاممي.

الجبهة مستهدفة لانها شكلت نصيرا و معينا لحركات التحرر والاحزاب والمنظمات التقدمية العربية والعالمية.

الجبهة مستهدفة لانها ابقت بندقيتها ونضالها تجاه فلسطين ومن اجل فلسطين، ولم تشارك في الاقتتال الداخلي.

الجبهة مستهدفة كونها تنظيم يؤمن بدور المراجعة والنقد والنقد الذاتي، تنظيم يعترف بالخطأ ويعمل على تجاوزه.

الجبهة مستهدفة كونها تؤمن بدور المرأة اجتماعيا وسياسيا ونضاليا. تؤمن بحرية المرأة، وان تقدم اي مجتمع يقاس بحرية ودور المراة فيه.

الجبهة مستهدفة كونها التنظيم الاكثر خطورة على وجود العدو…

لهذه الاسباب والعديد غيرها تستهدف الجبهة.

نعم لقد جاء الجواب على هذا السؤال وفي اكثر من مناسبة ومن قبل قادة العدو الصهيوني في تصريحاتهم المتعددة ان الجبهة الشعبية تشكل التنظيم الاكثر خطورة عل العدو، لما تمثله من روح كفاحية عالية وما تمتاز به من وضوح في الرؤيا وماتملكه من قدرة على التنظيم والتخطيط وثبات مواقفها وصلابة مبادئها.

لذا ليس جديدا ان تتعرض الجبهة لكل هذه الحملات والضغوطات، فالجبهة لما حملته من افكار وماطرحته من برامج وما اتخذته من مواقف شكلت استجابة لطموحات شعبنا الفلسطيني والعربي، وهذا ما يفسر الانتشار الواسع للجبهة في كافة ارجاء المعمورة، حيث تمتد من المحيط الى الخليج ومن امريكا الشماليه الى الجنوبيه، ومن اسيا الى افريقيا، ومن اوروبا الى أستراليا.

ليس هذا فقط، وإنما امتازت أيضاً بنوعية أعضائها ومناصيرها وما يتميزون به من مواصفات تعلموها في مدرسة الحكيم وابي علي ووديع وغسان وابي ماهر اليماني وغيرهم من القادة الكبار.

بعد ذلك لابد من استعراض سريع لأبرز محطات استهداف الجبهة:

المحطة الأولى

انشقاق الديمقراطية

بعد تأسيسها بفترة قصيرة لا تتجاوز ال ١٤ شهرا تعرضت الجبهة لانقسام داخلي، حيث خرج فريق منها سمي ( الجبهة الشعبيية الديمقراطية لتحرير فلسطين)، وقد كان لهذا الانقسام اسبابه الداخلية والخارجية، وساهمت العديد من القوى الفلسطينية والعربية بتشجيع هذا الانقسام.

وهنا لسنا بصدد الحديث عن الانقسام واسبابه ومن يتحمل المسؤوليه ودور الاخرين فيه، فهذه ليست مهمة هذه المقالة، وانما مهم جداً ان نسجل ان هذ الانقسام لعب دورا كبيرا في اضعاف دور الجبهة الشعبية والتأثير عليه. ومن عاش تلك التجربة يعرف تماما ماكانت تتمتع به الجبهة ودورها في النضال الفلسطيني، والذي كان موازيا لدور فتح و متفوقا عليه في الكثير من المواقع والمواقف في ذلك الوقت.

لقد تراجع دور الجبهة نسبيا تحت تأثير هذا الانشقاق، لكن الجبهة بقيت تنظيما مميزا ورائدا واستمرت في لعب دور محوري في الساحة الفلسطينية والعربية والعالمية.

والسؤال الذي اريد ان اطرحه هنا، على الجميع وامام الجميع، وهو سؤال افتراضي طبعاً، تصوروا لو ان الانقسام لم يحصل وبقيت الجبهة موحدة واحدة، ماذا كان سيكون دورها، بالتأكيد اكبر بكثير مماهو عليه الان.

المحطة الثانية

اغلاق مكاتب الجبهة الشعبية وإبعاد أعضائها من مصر في عام ١٩٧٠ بعد مشروع روجرز، ومن المعروف ان مصر كانت تشكل ساحة اساسية للنضال الفلسطيني للجبهة في ذاك الوقت مما اثر على دورها في العمل مع قطاع غزة ودورها العربي ايضا.

المحطة الثالثة

انشقاق الجبهة الثورية

بدعم من قوي فلسطينية وعربية حدث انشقاق مجموعة من الجبهة في محاولة اخري لاضعاف دورها، وقد خسرت الجبهة من خلال ذلك عددا من كوادرها وأعضائها. الا ان هذا الانشقاق لم يعمر طويلا وانتهى هذا التنظيم بعد فترة قصيرة ولم يعد موجودا.

المحطة الرابعة

بقيت الجبهة ممنوعة في اغلبية الدول العربية من ممارسة نشاطها في تعبئة الجماهير الفلسطينية وتنظيمها، وكان يتم اعتقال أعضائها وإبعادهم تحت مبررات انهم يشكلون خطرا على الدولة. ولم يسمح للجبهة بفتح المكاتب والقيام بالنشاطات السياسية والإعلامية كما هو الحال بالنسبة لفتح وغيرها.

المحطة الخامسة

استمرار حملات الملاحقة والاعتقال والاغتيال لناشطي الجبهة طوال السنوات الماضية منذ الانطلاقة وحتى الان. وقد نجح العدو في بعض الاحيان لكنه فشل في محاولات عديدة

المحطة السادسه

الاغتيالات في صفوف القيادة

فمن اغتيال الرفيق غسان كنفاني في عام ١٩٧٢ مع كل ما شكلته هذه العملية من خسارة كبيرة جدا لفلسطين والثورة بشكل عام والجبهة الشعبية بشكل خاص حيث كان غسان قائدا ورمزاً كبيراً لايعوض، فهو السياسي والاديب والصحافي والاعلامي والرسام والذي رحل وهو في قمة العطاء. وقبل نهاية نفس العام جرت محاولة فاشلة لاغتيال الرفيق بسام ابي شريف عضو المكتب السياسي للجبهة والذي استلم مهام الاعلام بعد الشهيد غسان، محاول اغتيال أودت بأصابع يد وعين وفقدان السمع باحدى الاذنين.

وبعد هاتين العمليتين تواصلت المحاولات الصهيونية لاغتيال الحكيم الدكتور جورج حبش والدكتور وديع حداد وغيرهما، الا انها لم تنجح في ذلك مباشرةً ولفترة طويلة، إلا أنها نجحت بعد ذلك في اغتيال وديع حداد بواسطه السم كما بات معروفا في عام ١٩٧٨.

واستمرت في محاولاتها حتي نجحت في اب عام ٢٠٠٠ من اغتيال الامين العام القائد المعلم والرمز ابوعلي مصطفي في رام الله، وكانت تريد من هذه العملية القضاء على دور الجبهة وليس اضعافه فقط وهذا ما صرح به العديد من المسؤولين الصهاينة.

لقد وجه الكيان الإسرائيلي من خلال هذه العملية ضربة مؤلمة جدا وموجعة جدا ليس فقط للجبهة الشعبية كون الرفيق ابو علي كان قائدا مميزا في شخصيته وحضوره السياسي والجماهيري وخبرته العسكرية والتنظيمية وما مثله من نموذج قيادي يصعب تعويضه وهنا للتاريخ نسجل للرفيق ابوعلي دوره الكبير والنقلة النوعية التي احدثها في صفوف الجبهة وتفعيل دورها في الداخل بعد عودته حيث استشعرت دولة الكيان هذا الخطر الكبير الذي يمثله هذا القائد ليس على مستوى الجبهة فحسب بل على المستوى الوطني الفلسطيني عموما.

ولم تمهله وقامت باغتياله وهنا اقول بعد الترحم على هذا القائد الاسطوره ماذا لو قدر له ان يعيش عدة سنوات في الداخل وماذا كان ممكن ان يفعل.

المحطة السابعة

الاعتقالات في صفوف القيادة

لم تكد الجبهة ان تتعافي وان تعيد ترتيب امورها بعد عملية اغتيال الرفيق ابوعلي وانتخاب امين عام جديد هو الرفيق القائد سعدات، وبعد العملية النموذجيه الرائعة والتي شهد لها الجميع ردا على عملية اغتيال الرفيق ابوعلي حيث تم تصفية الوزير الصهيوني رحبعام زئيفي، وبوقت سريع جدا. هنا ادرك العدو ان الجبهة برحيل امينها العام ابو علي لم تنكسر ولازالت فاعلة، و بدأ يعمل من أجل اعتقال وتصفية القائد سعدات، وهنا قامت سلطة أوسلو بدورها الوظيفي نيابة عنه وبالتنسيق معه في تحقيق ذلك، عبر الخديعة التي تمت من توفيق الطيراوي مدير المخابرات الفلسطينية انذاك، وبقرار من عرفات. وبقي الرفيق ورفاقه الآخرين المسؤولين عن تنفيذ حكم الاعدام للوزير الصهيوني في سجن المقاطعة ولم تستجيب القيادة لكافة المناشدات لاطلاق سراحهم حتى حوصرت المقاطعة وتم نقلهم لسجن اريحا، وفق ما بات معروفاً باسم صفقة المقاطعة سيئة السمعة والصيت، حيث قامت قوات الاحتلال بعد مدة باقتحام السجن واعتقال الرفيق سعدات ورفاقه وبقية القصة معروفة للجميع. وبعد ذلك تم اعتقال الرفيق ملوح نائب الأمين العام في ذلك الوقت من قبل سلطات الاحتلال واعتقلت القيادية في الجبهة الرفيقة خالدة جرار كل ذلك وكل هذه الضربات المتتالية كان الهدف منها مرة أخرى القضاء على الجبهة لكنهم لم يفلحوا ولن ينجحوا في ذلك.

واستمرت الجبهة، رغم أنف الحاقدين، ورغم الخسارة الكبيرة وهذه الضربات في القيام بعملها واستطاعت ان تخرج من هذه الصعوبات الكبيرة وتعود لممارسة دورها وتعيد تنظيم صفوفها، وطبعاً هذا كما قلنا سابقاً هو أحد اسباب الاستهداف الدائم للجبهة، فهي كالعنقاء تخرج بعد كل ضربة اقوى وأقوى.

هذا ماجعل العدو مربكا متخبطا لعدم قدرته على تحقيق اهدافه، واقلها اضعاف دور الجبهة ان لم يكن القضاء التام عليهز وبدأ بتكثيف عمليات الاعتقال والمطاردة والاغتيال في الفترة الأخيرة والسنوات الماضية في سبيل تحقيق ذلك ورغم هذا استطاعت الجبهة أثناء الاجتياح الصهيوني وما يسمى عملية السور الواقي، وقامت بدورها الكامل في الدفاع عن الشعب والوطن ولم يفت في عضدها اغتيال أمينها العام، واعتقال خلفه، وساهم رفاقنا في المعارك جميعها وقدمت الجبهة خيرة أبنائها وعلى رأسهم الرفيق القائد الشهيد ربحي حداد عضو اللجنة المركزية الذي استشهد في معركة الدفاع عن البلدة القديمة في نابلس، والرفيق القائد رائد نزال قائد كتائب الشهيد أبو علي مصطفى في قلقيلية وعدد آخر من أعضاء الجبهة البواسل.

المحطة الثامنة

إستمرار حملات الاعتقال والمطاردة للرفاق، مع هدم بيوتهم ومعاقبة اهاليهم حسب سياسة العقاب الجماعي في انتفاضة الحجارة، وانتفاضة الاقصي في محاولة اخرى منه لردع الجبهة وعدم تمكينها من ممارسة دورها الكفاحي، الا ان الجبهة كانت في كل مرة تخرج من المازق وتواجه العدو من حيث لايدري ولا يعلم وتعود لممارسة دورها بشكل اكبر.

ومهما فعل العدو وخطط لن يستطيع القضاء على الجبهة فهي الآن تيار فكري تنظيمي واسع يتواجد في كل بيت فلسطيني وقد نقول في كل بيت عربي تقدمي.

في النهاية كيان الاحتلال عدو لنا نعرف كيف نواجهه، والمشكلة ليست هنا، المشكلة مع هذا الكيان الوظيفي المسمى سلطة أوسلو وما يمارسه ضد الجبهة وما يفرضه من حصار مالي تنفيذا لاوامر أسياده، ولا يصب الا في خدمتهم.

ورغم كل هذا ستبقى الجبهة الشعبية شامخة حاملة راية العز والحرية، راية تحرير فلسطين، كل فلسطين راية الكفاح المسلح رايةالعودة وتقرير المصير، راية القضاء على الاحتلال راية المساواة والعدالة

هذا القسم الاول من مقالتي التى رايت ان تكون من قسمين اما القسم الثاني والذي يتناول لماذا لازالت الجبهة تمثل خياري بعد اكثر من ٥٣ عاما من الانتماء لها سيكون في الايام القريبة القادمة

جورج مالبرينو

الصحافي الفرنسي الذي حاور الحكيم جورج حبش وكتب كتابه “الثوريون لايموتون أبدا”الذي فيه حواره مع جورج حبش

التقيته صدفة في مقر جريدة “لوموند” الفرنسية اليسارية من أجل ايداع اشتراك سنوي في الجريدة

طلبت منه طرح سؤال عليه

كان سؤالي “كيف كان جورج حبش في نظرك قبل الحوار الذي اجريته وبعد الحوار”

أجابني بهذه الكلمات والتي أنقلها اليكم بكل حيادية كما وردت بالفرنسية وترجمتها مستذكرا كل تفاصيل اللقاء في مقر الجريدة لمدة 10 دقائق او ربما 15 دقيقة قبل ان انصرف معه فيما بعد

“جورج حبش انسان راقي ومفكر وقائد عظيم رايت فيه الوطنية المفقودة اليوم عند كل السياسيين سواء في الشرق والغرب

هو مناضل اممي ليس مهما موقفي قبل ان احاوره بل جورج حبش الذي اكتشفته في الحوار ثوري مثل غيفارا يشترك في مهنة الطب وهو مايؤثر في شخص الثائر اذ عندما يكون الثائر طبيبا فهو يعشق الحياة ويحارب من اجل الحياة في بعدها التحرري الطامح لحرية شعبه

لو كان جورج حبش فرنسيا لكان رئيسا لفرنسا اذ لاشك في انه سيقاوم المحتل والاحتلال كما فعل ديغول الا ان جورج حبش خاصية عربية فلسطينية بامتياز وهو يحظى باحترام كل النخب اليسارية الفرنسية

لقاءي به وكتابة الكتاب ادى الى موجة غضب تجاهي اذ راى البعض اني بصدد القيام بحملة لشخص يعتبر عدوا في نظر الكثيرين لكني فضلت محاورة جورج حبش على عديد القادة السياسيين العرب لصراحته ونزاهته في العمل السياسي

دعني اقول لك صديقي التونسي هذه من الاشياء التي تحدثت فيها مع جورج حبش ورفضت وضعها في الكتاب لأسباب شخصية اذ سألت “الحكيم “كما تلقبونه “سيد حبش لو كنت مسلما هل كان بالامكان ان تتولى أنت منظمة التحرير عوض ياسر عرفات

أجابني جورج حبش في تلك اللحظة “أولا لا يجب أن يشك أيا كان في نضالية أخي ياسر عرفات وأنا أقبل بياسر عرفات كرئيس لمنظمة التحرير من منطلق وطنيته ونضاله في سبيل شعبنا الفلسطيني وان اختلفت معه في عديد النقاط ثم نحن في منظمة التحرير لاتوجد لدينا تلك العقد من خلفياتنا الدينية فنحن فلسطينيون أولا وأخيرا ثم دعني أضيف صديقي الفرنسي أنا مسيحي بالولادة ولكني مسلم الثقافة وابن الحضارة العربية بجميع تفرعاتها وفلسطيني عربي الى ان اموت ”

لذلك ايها الشاب التونسي بعد هذا الحوار مع جورج حبش لن احاور اي زعيم او قائد عربي اخر فكل ماكنت ابحث عنه من اجوبة للمسألة الفلسطينية وجدته عند ” جورج حبش”

عند انتهاءه من الاجابة سألني مالبرينو “أتمانع صديقي غسان ان دعوتك على قهوة للحديث عن أمور اخرى وان كان لديك بعض الاسئلة لي لتطرحها علي ”

انصرفت مع مالبرينو الى مقهى قريب من برج ايفيل لنكمل نقاشنا

مقالات ذات صلة