أرشيف المنتدى

الموقف المصري بين حجر الشطرنج وبيضة القبّان

الموقف المصري بين حجر الشطرنج وبيضة القبّان

كل ما يصدر عن مصر سلبا أو إيجابا .. له ألأثر المباشر في السياسات العربية والشارع العربي بشكل عام . فما من قرار سياسي أصدره رئيس مصري ، إلا وكان له إنعكاساته الفاعلة في السياسات العربية .. ، فالحدث المصري ليس مصريا وإن كان مصريّ ُ المصدر .. ، نتأثر به فلا نستطيع أن نخفي معه مشاعرنا ، فنعلنها إما حزنا أو غضبا أو فرحا ! فلا زلنا نذكر وقع هزيمة حزيران على الجميع .. وإستقالة الرئيس عبد الناصر ، وكيف عمّ الحزن بموته العالم العربي بأسره ، وكيف كان أثر زيارة الرئيس السادات للقدس وتوقيعه لأتفاقية كامب ديفيد على التضامن العربي ، وكيف إستغلت إسرائيل ذلك فشنت الحروب .. وفعلت ما فعلته بالقضية الفلسطينية ..، ويوم إغتياله على المنصة كان بابا ً لعودة الأمل في العمل العربي المشترك . وفي وقتنا الحاضر كيف عمت الفرحة معظم الشوراع العربية إذا لم نقل كلها بسقوط نظام حسني مبارك . هذه المؤشرات العربية الواضحة في التفاعل مع الحدث المصري ، يؤكد مدى أهمية ألدور المصري في رسم الموقف السياسي العربي بكل أبعاده السلبية والأيجابية ، فالقرار في مصر مهما كان حجمه وشأنه هو قرارا ً عربيا ً بالمحصلة ، ولابد للشارع العربي من أن يقول فيه كلمته .

أسوق هذه الرؤية وأنا أراقب المحاولة القطرية مدفوعة بتوجيه غربي لللأمساك بهذه المعادلة ، معادلة ألأمساك بالقرار المصري عن طريق التحكم بقرارات الجامعة العربية لتسخيرها في معركة إسقاط النظام السوري ، فمنذ بداية ألأزمة السورية ، وقطر عبر محطتها ألأعلامية “الجزيرة ” بالتنسيق مع الأعلام العربي الغربي , تقوم بشن حربا إعلاميه على النظام في سورية ، ولأن سعيها ألأعلامي باء بالفشل بعد إنفضاح الكثير من حملات التلفيق والتضليل التي مورست .. رغم الدعم المالي والسياسي والأعلامي العربي الخليجي الغربي ، لذلك ذهبت بعد فشل تلك المحاولة ، بإتجاه ألأمم المتحدة لتعيد تطبيق التجربة الليبية من خلال إستصدار قرار من مجلس ألأمن يتم من خلاله التدخل عسكريا َ من قبل حلف الناتو .. ، لكن وكما هو معروف ، تدخل الفيتو الروسي الصيني أفشل مخططاتها فإنكفأت على نفسها تلتقط ألأنفاس ، لتعيد حساباتها في معركة إسقاط النظام في سورية . ولأن فشلها في إسقاط النظام في سورية له إنعكاساته السيئة على مستقبل حُكام قطر والخليج العربي بشكل عام , لم يبقى أمامها وأمام حلفائها إلا أن يتم تطبق نظرية ” من يحتوي القرار السياسي المصري يملك القدرة في التلاعب بالقرار السياسي العربي ” لذلك نراها ألآن تلجأ لمصر للتأسيس لمرحلة قادمة وقاتمة من الصراع العربي العربي من أجل إسقاط نظام ألأسد .. بعد أن فشلت كل محاولاتها السابقة ،وذلك عبر إدخال مصر والحامعة العربية في هذه المعركة ..! ولقد نجحت قطر وحلفائها ( حتى ألآن ) في تطييع قرار الجامعة العربية وإشراكها في معركة التحالفات .عبر هذا التسلسل خرج علينا منذ يومين السيد نبيل العربي ألأمين الجامعة العربية ليؤكد ما نسوقه من تحليل ، ليعلن أن الجامعة العربية قررت تعليق مشاركة الوفود السورية في اجتماعات مجلس الجامعة العربية وجميع المنظمات والأجهزة التابعة لها بداية من 16 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي . وأن القرار اتخذ بموافقة 18 دولة في حين اعترضت ثلاث دول هي سوريا ولبنان واليمن وامتنع العراق عن التصويت . وكذلك دعوة إلى سحب السفراء العرب من دمشق،وأكثر من ذلك ، فقد هددت الجامعة العربية على لسان أمينها العام بالاعتراف بالمجلس الوطني السوري الذي شكلته قطر وحلفائها . وإستكمالا لهذا المخطط ، دعته لللأحتماع في مقر الجامعة العربية خلال ثلاثة أيام .. تمهيدا لللأعتراف به ! ويذلك تكون قطر وحلفائها قد نجحوا في ألسيطرة على قرار الجامعة العربية وبالتالى السيطرة على القرار السياسي المصري ليتم دفعه ليكون في المقدمة في معركة إسقاط النظام السوري وهذا في إعتقادي ما كانت قطر وحلفاؤها يسعون إليه .

هذه النتيجة الجدلية تدفعنا للتساؤل حول إستقلالية القرار السياسي المصري بعد سقوط نظام حسني مبارك .. ! وما إذا كانت السياسة الغربية قد نجحت في كبح جماح الثورة المصرية وتدجينها ومن ثم إعادت مصر إلى حضيرة السيادة الغربية ! . فالسيد نبيل العربي يوصف بأنه الأكثر نجاحا وبروزا في السياسة المصرية في حقبة ما بعد نظام مبارك .. ، وبالتالي إستمالته إلى جانب التحالفات القطرية الغربية ضد سورية ، يعني نجاح السياسة الغربية في التحكم بمفاتيح مستقبل القرر السياسي المصري ، وهنا مربط الفرس كما يقال في أمثالنا العربية !.

في ظل سياق البحث هذا لابد لنا من التطرق للحديث عن سورية وموقفها الرسمي من كل هذه التحالفات وكيفية المواجه .. ؟ .

في إعتقادي أن النظام السوري يملك ثلاثة عناصر إن تمت المحافظة عليها ..سينجح نظام بشار ألأسد بالخروج منتصرا من هذه المواجه والعناصرهي :

– الدعم الواضح من قبل الغالبية العظمى للشعب السوري لبشار ألأسد .. ، وقد تجلّت من خلال المسيرات المليونية المؤيدة له التي عمّت المدن الكبيرة في سورية كدمشق وحلب وحماة واللاذقية وغيرها .. إضافة إلى الدعم الواضح لبشار ألأسد من قبل الطبقة الثقافية والفنية السورية داخل وخارج سورية .

– التحالف والدعم المالي والعسكري – الأيراني العراقي اللبناني ( حزب الله ) – الواضح لنظام بشار ألأسد .. ، فهو دعم لا يمكن إختراقه مهما حصلت من محاولات .. فهو تحالف مصيري ( بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى ) لكل طرف من أطراف التحالف .

– الدعم الروسي الصيني الواضح للنظام السياسي في سورية ، نتيجة إرتباط كثير من المصالح السياسية والمالية والعسكرية المشتركة بينهما .. ، إضافة إلى المصلحة الروسية الصينية في الحفاظ على البوابة السورية ألوحيدة إلى العالم العربي .. مع عدم إغفال أن خسارة سورية بالنسبة لروسيا والصين يعنى بالمحصّلة خسارة إيران كذلك .. بكل ما تشكله إيران من صمّام أمان وإستقرار للحدود الروسية الصينية في وجه ألأطماع الغربية .

هذه العوامل الثلاث قادرة على إبقاء وصمود نظام بشار ألأسد في وجه كل محاولات ألأطاحة بة ، مع يقيني أن رهان النظام السوري يجب أن ينصب على توثيق الصلة مع شعبه القادر الحقيقي على إفشال كل المؤامرات التي تحاك في السر والعلن ضد سورية قيادة وشعبا . فالمرحلة القادمة في إعتقادي ستشهد مزيدا من التصعيد ، فهي مرحلة مصيرية لكل ألأطراف .. ، والهزيمة لأي طرف من ألأطراف سيكون وقعه مدوّي .. ، فهزيمة المخطط القطري سيقود إلى إنتهاء حكم آل حمد في قطر.. وبالتالي إنعكاس هذه الهزيمة على منطقة الخليج العربي مما يفتح لأعادة رسم خريطة الخليج العربي بأسره .

أما هزيمة سورية فستقود بالتأكيد لهزيمة حلفائها في المنطقة .. ، وبالتالي نجاح المجموعة المتحالفة من أجل مشروع ميلاد الشرق ألأوسط الجديد الذي يُخطط له منذ سقوط نظام صدام حسين في العراق في تحقيق أهدافها . فلمن تكون الغلبة .. وهل سترضى الثورة التي أسقطت نظام حسني مبارك أن تلعب دور حجر الشطرنج في مربّع التحالفات القطرية !!؟.

وهناك سؤال يطرح نفسه في نهاية مقالي هذا وهو :

ما إنعكاس نجاح كل من السيناريو ألأول والثاني علي القضية الفلسطينية ..!!؟ .

هذا ما سنستعرضه في المقال القادم .. ولنا لقاء

أبورياض