أرشيف المنتدى

هل بات الحوار في سورية واقعا فرضته الأحداث الأخيرة!

هل بات الحوار في سورية واقعا فرضته الأحداث الأخيرة!

برحيل ألأمير القطري حمد بن خليفة آل ثاني عن السلطة مُتنازلاً لإبنه الأمير تميم.. وخروجه من حلبة الصراع التي أوجدها ما يُسمى “الربيع العربي” . قد فرض تساؤلات كثيرة حول ما إذا أُغلق باب الحل العسكري نهائيا والإتجاه (كما نعتقد) إلى الحل الحواري السياسي بخصوص الأزمة السورية، وما هي المؤشرات التي تؤكد هذا الإعتقاد؟ خاصة بعد أن ترجّل أمير قطر من على صهوة جواده تاركا الجمل بما حمل!

لقد بات واضحا أن الربيع العربي (رغم بعض الأختلاف في قراءة أسبابه وأهدافه)، قد تمّ تحُديد نقطة الإنطلاق ومحطة الوصول له، وأن محطة الوصول منذ اليوم الأول لم تكن أبعد من العاصمة الدمشقية، وأن تونس واليمن وليبيا ومصر لم تكن سوى نقاط عبور من أجل الوصول لسورية.. هذه الدولة التي خُلق من أجلها مشروع الربيع العربي.. رغم التبريرات يوم إنطلاقته والتي أصبحت فارغة المعاني والمضامين وتصْديق ذلك أصبح مبعث على السخرية!

إذن، غادر أمير قطرالحكم، وفجأة.. أصبحت قضية الربيع العربي لا تعنيه! وهو الذي لم يبخل منذ اليوم الأول لا بالمال ولا بالإعلام لإسقاط قيادات تونس ومصر واليمن وعندما إستعصت ليبيا عليه في شخص معمر القذافي إستعان بقوة حلف الناتو لإسقاطه وقتله! فهل حقا ً تنازل عن العرش لإبنه طواعية ً!؟

أحد الأصدقاء قال معلقا على ذلك، ليس أمير دولة قطر هو الملك السويدي أو الدنماركي أو النرويجي لنصدّق رواية التنازل عن العرش طواعية.. بل فشل محاولاته المتكررة في إسقاط نظام الحكم في سورية هي من أطاحت به أو على أقل تقدير كان لها النصيب الأكبر في مسألة التنازل عن العرش! وأنا أميل لهذا التقدير.. فسوريا شعب وتاريخ وحضارة أقوى من مغامرة أمير وأكبر من حلم سلاطين، إنها التاريخ العربي بحاضره وماضيه ومستقبله.. ولا نبالغ إن قلنا أن القرار العربي سلما أو حربا كان على الدوام سوريّ الجوهر والمضمون قبل أن يقال في هذا قولٌ آخر! وبالتالي، فرحيل أمير قطر هو نتيجة لإرتدادات أحداث الربيع العربي! ولكن يبقى أن فشل محاولات أمير قطر في إسقاط النظام السوري وخروجه بناء على ذلك من ساحة النزال لا يعني بالضرورة إسقاط المشروع ككل ( الربيع العربي ). فإسقاط المشروع لا يتحدد إلا بإسقاط جميع أدواته وعناصره، صحيح أن أمير قطر يُعتبر أحد أهم عناصر هذا الربيع وأن “سقوط الأداة من سقوط المشروع” . ولكن لمشروع الربيع العربي عدة أدوات وعناصر.. منها ما هو داخلي ومنها ما هو خارجي، وما تشهده الساحات العربية والدولية من تجاذبات تؤكد أن الصراع لإنجاح مشروع الربيع العربي أو لإسقاطه سيتطلّب وقتا ليس يُحسب بالشهور بل بالسنين.. وإن بدت في الآونة الأخيرة ملامح سقوط المشروع أكثر وضوحا من نجاحه سنوجزها على النحو التالي:

— خروج أمير قطر ووزير خارجيته من الساحة السياسية.. وهو أمر سينعكس سلبا ماديا وعسكريا وسياسيا على قيادات ومقاتلي المعارضة السورية التي كان أمير قطر ووزير خارجيته الأكثر سخاء وعطاء لهم!

— ما حصل ويحصل في تركيا من نزول الأتراك بالملايين رافضين سياسة أردوغان قد خلخلت دعائم حزب العدالة والتنمية أحد أهم الركائز في إستمرار إندفاع قطار “الربيع العربي” بإتجاه سورية! ، صحيح أن الخلخلة لم تُسقط رموز الحزب ولكن عودة إنتخابهم عبر صناديق الأنتخابات التركية أصبح ليس بالأمر المقروء في المدى المنظور، هذا إذا لم تتطور الأحداث سلبا في تركيا!

— إقصاء الرئيس المصري محمد مرسي بعد فشل الأخوان المسلمين في إقناع الشارع المصري بصدق إنحيازهم لمصر ولهموم المواطن المصري وليس لأرباب الربيع العربي.. الذي دفع بالمصريين للتندر على هذا، بأن مصر أصبحت عزبة للسياسة القطرية والتي تمثلت بقطع الرئيس مرسي علاقة مصر بسورية إرضاء للسياسة القطرية ولقيادات الربيع العربي ككل، في الوقت الذي لا تزال سفارة إسرائيل تمارس نشاطاتها في ظل حكم إسلامي إدعى أنه قائم على نظرية عدائه للصهيونية التي ما تركت قانونا أنسانيا بحق الفلسطينيين إلا وخرقته!

— سقوط البوابة اللبنانية الذي جاء بعد سقوط مدينة القصير السورية القادرة على إبقاء زخم المعارضة المقاتلة ضد النظام في سورية مشتعلة.. وكذلك من خلال معركة الحفاظ على هيبة الجيش اللبناني التي خاضها في منطقة عبرا اللبنانية ضد مسلحين تابعين للشيخ أحمد الأسير!

— سقوط البوابة التركية في تحقيق الغرض ذاته.. خاصة بعد أحداث الشارع التركي التي بعث برسالة واضحة المضامين بأن بوابة الحرب على سورية عبر تركيا قد تُصبح بوابة وبال وفوضى داخل تركيا التي يتباهى قيادات حزب العدالة والتنمية الحاكم فيها بأن لديهم صفر مشاكل!

— إقتناع القيادة الأردنية بإسقاط فكرة إقحام الأردن كطرف في الحرب على سورية عبر فتح حدودها كبوابة إنطلاق لذات الغرض!

وإذا ما أضفنا لهذه العناصر عنصر قوة تحالفات النظام السوري ومتانة وترابط جيشه النظامي وسلكه السياسي والدبلوماسي نرى أن جنيف (2) أصبح في نهاية إعداد مسودة ختامية لمؤتمره ( لم يُحدد موعد إنعقاده بعد)، وهي مسودة من أهم بنودها أن النظام السوري باق ٍ وأن قيادته باقية.. وهي رسالة تحدد الكثير من القضايا والمفاهيم لمستقبل الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية. وإذا كان هناك من خلاف داخل أروقة جنيف (2) فهو حتما حول كيف يمكن إخراج سيناريوا لا يكون بين الكبار رابحا وخاسرا!

أما مسلسل إستباحة الأرض العربية سياسيا وإقتصاديا وعسكريا.. فهو باقٍ طالما بقي العربي يعيش هوس جهله وتعصّبه لطائفته وحزبه تحت أسماء واهية وتبريرات كاذبة على حساب وطنه! وهي جهالة عمياء وتعصّب أجوف أدّى إالى الضعف العربي.. هذا الضعف الذي سيبقى يُسديد فاتورة أطماع الآخرين وصراعاتهم فوق الأرض العربية!

ولنا لقاء

أبورياض