المقالات

90‏ مليون جمال عبد الناصر

نحن نحذر أوروبا وغيرها من تحدي إرادة ‏90‏ مليون مصري‏,‏ لانها‏-‏ بذلك‏-‏ تتحدي إرادة‏ 90‏ مليون جمال عبد الناصر‏..‏

الشعب المصري لا يقبل الابتزاز.. أممنا قناة السويس.. بنينا السد العالي.. انتصرنا في حرب أكتوبر.. بإمكاننا مواصلة التحدي.. وتنويع مصادر السلاح.

هذا التحذير ورد ضمن بيان سلمته, باليد, تنسيقية العمل الجماهيري لسيدات مصر, إلي سفير الاتحاد الأوروبي بالقاهرة, خلال وقفتهن, منذ نحو الشهر, أمام مقر المفوضية العليا بالمهندسين, بالتزامن مع اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد بمدينة بروكسل, كان يعقد, خصيصا, في ذلك الوقت, بهدف إقرار إجراءات عقابية ضد مصر, بعد عزل الرئيس وجماعته, في 30 يونيو الماضي.

اليوم, وفي الذكري الثالثة والأربعين لرحيل جمال عبد الناصر, أعود إلي ما سمعته بأذني من هتافات وشعارات كانت حناجر سيدات مصر ترددها وتدوي أصداؤها أمام مقر المفوضية, لأجدها متطابقة,في جرأتها, وفي مضمونها, مع مجمل ما كان سائدا من مشاعر للعزة وللكرامةفي الخمسينيات والستينيات وما أدراك ما الخمسينيات والستينيات!! وتستلهم نفحات عطرة من الزمن الجميل, وتقلب في النفوس معارك وبطولات وأمجاد الزعيم الخالد.

جمال عبد الناصر

في ذلك اليوم سمعت سيدات مصر, وهن يهتفن: جيشنا المصري إللي بيحمينا.. والإخوان بتدبح فينا.. مسلمين ومسيحيين.. مصر بلدنا ليوم الدين.. يا أوباما لم فلوسك.. بكرة الشعب العربي يدوسك.. ياللا يا جيشنا شد الحيل.. الإرهاب لسه له ديل.. أشتون أشتون أشتون إيه.. إنت عميلة ولا إيه.. حي حي علي الكفاح.. طهر طهر يا عبد الفتاح.. مصر حرة وعربية.. مش ولاية أمريكية.. يا أوروبا لم فلوسك.. الإرهاب بكرة يدوسك.. عاش الجيش المصري عاش.. عاش الشعب المصري عاش. بعد مضي ثلاثة أشهر علي الموجة التصحيحية للثورة, تري ماذا كانت النتيجة المباشرة لتحذير سيدات مصر, وساداتها, لكل من سولت له نفسه إبداء أي مظهر من مظاهر التصدي لإرادة90 مليون جمال عبد الناصر؟

في اليوم التالي لوقفة سيدات مصر, مثلا, صدر بيان عن لجنة الشئون الخارجية بالاتحاد الأوروبي دعت فيه تنظيم الإخوان إلي التوقف عن ممارسة العنف, مؤكدة ضرورة توفير حماية أكبر للمسيحيين بعد إشعال المتأسلمين الحرائق في40 كنيسة.

قال رئيس اللجنة إلمار بروك: يجب أن ننظر فيما هو مفيد للمواطن المصري العادي, وللشباب, وأن تدعمهم برامج الاتحاد الأوروبي, التي يجب أن تستخدم من أجل دفع خريطة المستقبل والديمقراطية في مصر.

في يوم الثلاثاء الماضي, وبعد طول مراوغة وعناد وتآمر, انصاع الرئيس أوباما, لإرادة90 مليون جمال عبد الناصر, وقالها, بالفم المليان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة, أن الرئيس(الخائب) محمد مرسي كان منتخبا بطريقة ديمقراطية, إلا أنه لم تكن لديه القدرة علي ان يكون حاكما لكل المصريين, وأن الحكومة المؤقتة إستجابت لمطالب الملايين من المصريين بإنهاء حكم تنظيم الإخوان المسلمين.

في الوقت نفسه, ها هي قيادة( الشقيقة) قطر يخيب أملها,وتآمرها, وتدهسها إرادة90 مليون جمال عبد الناصر, وفقا لتحليل نشرته الفاينانشال تايمز البريطانية بعنوان قطر تلعق جراحها.. وتعيد النظر في دورها.. وفي سياستها بالمنطقة.

يقول كاتب التحليل, سيميون كير: من المنتظر أن تتبني قطر سياسة خارجية أكثر توافقية في ظل أميرها الجديد, بعد أن أزعجت جيرانها بتأييد مرسي,وبدعمها للمسلحين في سوريا.

ويضيف:بعد ان تنازل الأمير السابق عن دوره لابنه تعيد قطر النظر في دورها الإقليمي, خاصة بعد صدمتها القوية في الإطاحة بمرسي وجماعته من حكم مصر. وكالة الأنباء الفرنسية أكدت إنحسار الدور السياسي الإقليمي لإمارة قطر,بعد30 يونيو, إنصياعا لإرادة90 مليون جمال عبد الناصر, ونقلت الوكالة علي لسان مدير مرصد الدول العربية بباريس, أنطوان بصبوص: إن انهيار تنظيم الإخوان في مصر أثبت مدي الرهان القطري المتهور عليه.. ومع سقوط حكم مرسي, بدأ العد العكسي لأفول النفوذ القطري, كما بدت سطحيته.

بقي أن نري بأعيننا العد العكسي لأفول ظاهرة أردوغان, وتآمره السافر- هو الآخر- ضد مصر, ويكفي أن نردد علي مسامعه ما هتفت به حرائر مصر خلال وقفتها أمام المفوضية الأوروبية: أردوغان يا أردوغان.. يا عميل الأمريكان!!

كمال جاب الله
السبت – 28 سبتمبر 2013

مقالات ذات صلة