المقالات

تسوية أم تشتيت روسي للمعارضة؟

تسوية أم تشتيت روسي للمعارضة؟

رأي القدس

January 2, 2015

بدأت الماكينة الإعلامية العربية تجتر سيناريوهات لحل الأزمة السورية، بناء على دعوة روسيا لعدد من قيادات المعارضة لعقد اجتماع متوقع منتصف كانون الثاني/يناير الجاري بهدف التحضير لحوار محتمل مع النظام.

وبين هؤلاء رئيس الائتلاف السوري المعارض في المنفى المدعوم من الدول الغربية هادي البحرة، والرئيسان السابقان للائتلاف معاذ الخطيب وعبد الباسط سيدا.

موسكو الحليفة الرئيسية لنظام بشار الأسد، تريد – حسب تسريباتها – أن يشكل هذا اللقاء «غير الرسمي» فرصة للحوار بين المعارضة في الخارج والداخل بهدف «طرح أفكار» تسمح بالتوصل الى تسوية للنزاع السوري، الذي أوقع أكثر من 200 ألف قتيل منذ اذار/مارس 2011 ودمر نصف الجمهورية، فيما خرجت ثلاثة أرباع البلاد من سيطرة النظام لصالح «الدولة الاسلامية» و»جبهة النصرة» وبعض أطراف المعارضة في الشمال والجنوب.

السؤال المطروح، أليست روسيا هي ذاتها من عرقل وعطل النظام الدولي ومجلس الأمن والعدالة الجنائية لسنوات، وهي من زودت النظام بكل الأسلحة والخبراء؟

كيف يستقيم تشتيت خارطة طريق التسوية المعروفة في «جنيف 1» و «جنيف2» واللتين تتوفران على خطة وأسس ومظلة الحل في سورية؟

تقول الخارجية الروسية، صاحبة الدعوة، إنه في حال النجاح، ستتم دعوة ممثلين عن الحكومة السورية الى موسكو لتبادل وجهات النظر مع المعارضين، ولاطلاق حوار بين أطراف النزاع.

فاذا كانت موسكو ومعها القوى الغربية مجتمعة رعت اجتماع «جنيف 1» وأفشلته، فهل ستستطيع إقناع النظام بالتنازل للمعارضة هذه المرة؟

ألا تبدو الدعوة لأعضاء من المعارضة لإظهارها على أنها تمثل أفرادا بصفاتهم الشخصية لا أكثر، وبالتالي فرض الأمر الواقع على الارض، وارسال رسالة للغرب أنه لا يوجد هناك طرف معارض يعول عليه لاستبدال النظام الحالي، وهذا ما يكرس النظام ويعيد الشرعية له، مع إعلان هزيمة الشعب السوري؟!

إن كانت روسيا جادة في مسعاها للصلح هذا، فما هي الأدوات العملية لانفاذ أي إتفاق يمكن التوصل اليه؟

الدعوة التي أرسلت لأطراف المعارضة هي تصورات عامة هلامية ولا تُعد بنودا تصلح لمؤتمر، كما يروج له.

كما أن أبجديات أي مشروع للحوار يجب أن يتضمن خلق مناخ ملائم للحوار يسمح للمعارضة بأن تثق هذه المرة بجدية موسكو، عبر اقناع النظام في الشروع بتنفيذ البنود الستة لخطة المبعوث الدولي كوفي أنان كبادرة حسن نية، ووقف البراميل التي تقتل كل السوريين، والإفراج عن المعتقلين السياسيين السلميين، وبينهم 4 محسوبين على معارضة الداخل، لم يحملوا السلاح ولا نادوا بالعنف.

كيف يستقيم الحوار مع نظام وصف رأسه مؤخرا قوات المعارضة بالجرذان والسحالي والقوارض، فلماذا يرسل جماعته الى موسكو للتفاوض معها إذا؟

المعارضة تخوض مفاوضات موسكو أكثر قوة هذه المرة، فالنظام في حالة اقتصادية هشة جدا، وشريانه المالي القادم من إيران بدأ ينضب بسبب إنهيار أسعار النفط. كما أنه محشور داخليا وأقليميا ودوليا، ووضع روسيا السياسي والاقتصادي بات ضعيفا نتيجة العقوبات الغربية.

والرئيس الذي كان يزور مقاتليه في حلب وحمص ليشحذ هممهم، في بداية الثورة صار يعتبر الوصول لحي الزبلطاني على مرمى حجر من القصر الرئاسي انجازا.

الخشية أن تكون موسكو تريد أن تفتح ثغرة تسمح للنظام بالتخلص من تنفيذ بيان جنيف الملزم بموجب القانون الدولي. كما أن هذا الإجتماع لن يضم القوى الإسلامية التي تحكم على الأرض، وبالتالي لا يمكن تنفيذ أي إتفاق يمكن التوصل اليه إلا بها.

وعليه فان إجتماعات موسكو قد تكون خطوة علاقات عامة ورسالة للغرب والعرب بأنها جزء من المشكلة لا أساسٌ للحل.

رأي القدس

مقالات ذات صلة