اخبار الوطن العربي

“أسلحة” لبنانية لمواجهة التهديدات الاقتصادية السعودية

“ليبانون ديبايت” – نهلا ناصر الدين

“لن نتنازل عن كرامة لبنان بسبب ضغوط على الليرة أو تهديد بترحيل للبنانيين أو بإقفالٍ للحدود”… قالها رئيس الجمهورية ميشال عون أمام وفد من الهيئات الاقتصادية، والتقى معه في هذا الموقف رئيس مجلس النواب نبيه بري، عندما قال “مرّرنا بالكثير من هذه الظروف، وبضغوط اقتصادية. ولبنان أقوى من أميركا إذا كنّا موحّدين، وأوهن من بيت العنكبوت إذا كنا متفرّين”.

يصبّ الموقفان في خندق المواجهة الاقتصادية التي يبدو أن “لبنان القوي” قرّر أن يخوضها مع السعودية، التي بدورها تهدّد بإشهار كل أسلحتها بوجه لبنان دولةً وشعباً.

ولكن هل لبنان قادر على هذه المواجهة، وهل يستطيع تحمّل الأعباء الاقتصادية في حال فتحت السعودية حربا اقتصادية على لبنان واعتبرته قطر ثانية؟

يشرح الخبير الاقتصادي البروفيسور جاسم عجاقة السيناريوهات الأكثر سلبية، التي يمكن أن تتبعها السعودية لمعاقبة لبنان اقتصادياً، والتي يمكن أن تكون على الشكل التالي:

1-إقفال الأبواب بوجه الصادرات اللبنانية إلى السعودية، والتي تبلغ 650 مليون دولار من كل دول الخليج (السعودية، الإمارات، قطر، البحرين، عمان، والكويت).

2-ترحيل اللبنانيين العاملين في دول الخليج، وتبلغ قيمة التحويلات من كل دول الخليج 1,9 مليار دولار، أي 25 في المئة من قيمة كل التحويلات التي يرسلها المغتربون اللبنانيون إلى لبنان، وتلعب السعودية الدور الأكبر فيها، إذ تبلغ قيمة التحاويلات من السعودية وحدها 1,5 مليار من أصل 1,9 مليار دولار.

3-رفع الضمانات الدولية عن لبنان، أي زيادة نسبة الفوائد على لبنان عند الاستقراض.

4-منع اللبنانيين من السفر إلى السعودية، ومنع الطيران اللبناني من المرور في الأجواء الخليجية، ما يخفّض من أرباح شركات الطيران.

5-منع رعايا الدول الخليجية من السفر إلى لبنان، ما يؤثر بشكل مباشر على القطاع السياحي، الذي يشكل 25 في المئة من الناتج المحلّي.

6-سحب الودائع من المصارف اللبنانية. وتبلغ ودائع الدول الخليجية في لبنان 3 مليارات دولار.

يؤكد عجاقة في حديث لـ”ليبانون ديبايت” أن لبنان باستطاعته التغلب على كل هذه الصعوبات، عبر مفتاح واحد، ووحيد، وهو حكومة تكنوقراط، و”هي مخرج مشرّف للبنان سياسياً واقتصادياً”. ويوضح كيف يمكن للبنان خوض المواجهة الاقتصادية مع السعودية، بعد تشكيل حكومة تكنوقراط، تراعي اختصاص الوزراء كلٍ في مجاله.

ولحل أزمة التصدير على دول الخليج، يمكن لوزير الاقتصاد الاختصاصي أن يقوم بجولة اقتصادية على دول عدة، لتأمين الأسواق البديلة، ومنها (الولايات المتحدة، وتركيا، وروسيا، ومصر، والبرازيل، والعراق وغيرها…”.

أما ترحيل اللبنانيين من دول الخليج، وتُقدر أعدادهم بما يقارب الـ300 ألف لبناني، يمكن للأسواق اللبنانية أن تستقطب على الأقل نصف أعداد هؤلاء، عبر تبني حكومة التكنوقراط خطة اقتصادية، قوامها تقوية الشراكة بين القطاع العام والخاص، وتحفيذ الاستثمارات. ويستبعد عجاقة إقدام دول الخليج على هذه الخطوة، لأن ليس لدى هذه الدول البديل التقني، أقله خلال هذه المرحلة. بينما يُعتبر وقف تحويلات المغتربين من دول الخليج إلى لبنان، ضربة كبيرة للاقتصاد، لا سيما أن تحاويل اللبنانيين من السعودية وحدها يُقدّر بـ5 مليارات دولار، وهي الضربة التي يمكن أن يتخطاها لبنان عبر رفع النمو الاقتصادي من جراء استقطاب المُرحلين من الدول الخليجية، وهي الخطوة التي لها أن تزيد النمو بما يقدر بـ8 في المئة، علماً أن رفع النمو 1 في المئة يوازي ضخ 500 مليون دولار.

ولرفع الضمانات الدولية على لبنان، أن يُحدث خضة صغيرة في الاقتصاد اللبناني، على اعتبار أن 85 في المئة من دين الدولة اللبنانية موزّع على المصارف التجارية المحلية ومصرف لبنان. ويؤكد عجاقة على أنه لا يمكن لليرة اللبنانية أن تهتز، فبجهود حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لدى مصرف لبنان احتياطي يُقدر بـ44 مليار دولار.

أما استعمال سلاح الحظر الجوي على الطائرات اللبنانية، وإن كان له أن يخفف من أرباح شركات الطيران اللبنانية، إلا أنه يمكن للبنان أن يتخطى هذه الأزمة عبر اللجوء إلى إدارة الطيران المدني العالمي، التي لها أن تفتح للبنان خط هوائي في الأجواء الخليجية تبعاً للمعاهدات الدولية الموقعة في هذا الخصوص.

وفي ما يخص تأثر القطاع السياحي، بسبب منع رعايا الدول الخليجية من السفر إلى لبنان، والذين يُقدر عددهم بـ200 ألف سائح خليجي سنوياً، فالتعويل بتعويض هذه الخسارة عبر اللبنانيين المُرحلين من دول الخليج والنجاح في استعمالهم كقوة استهلاكية في الأسواق اللبنانية.

ولا تستطيع خطوة سحب الودائع التأثير بشكل لافت على اقتصاد البلد، لأن القطاع المصرفي اللبناني يتمتع بقدرة كبيرة على التمويل، ويُقدّر حجم القطاع المصرفي بـ250 مليار دولار، أي ما يوازي حجم الاقتصاد اللبناني بـ5 مرات. إضافةً إلى أن سلامة وضع رُزمة تحفيزية جديدة للاقتصاد يتخطى حجمها المليار دولار لتحفيز الاستثمار.

إذاً، لبنان قادر على مواجهة الحرب الاقتصادية السعودية، عبر حكومة تكنوقراط سيكون لبنان من دونها في عداد المنتحرين سياسياً واقتصادياً. فهل ستُترجم حكمة الرئيسين عون وبري حكومة تكنوقراط إنقاذية، أم أن مصالح السياسة ستحول دون تخطي المرحلة القادمة بأسوأ سيناريوهاتها؟

نهلا ناصر الدين | ليبانون ديبايت

2017 – تشرين الثاني – 11

مقالات ذات صلة