
المقالات
متى تنتفض الأمة العربية على الأنظمة؟
نضال حمد – موقع الصفصاف | وقفة عز
15 آب/أغسطس 2025
رغم الصمت المخيف الذي يخيّم على البلاد العربية، لا زلتُ أؤمن أن أمتنا العربية قد تنفجر في أية لحظة. فهذا الغليان الصامت، وهذا الاحتقان المتراكم، لا يمكن أن يظل ساكناً إلى الأبد.
منذ قرابة عامين، تُرتكب في قطاع غزة جريمة إبادة جماعية وتطهير عرقي أمام أعين العالم. سوريا ولبنان يُدمّران ببطء، الاستيطان يتوسّع في الضفة الغربية ويلتهم الأرض وفي فلسطين ال ٤٨ الوضع ليس بالأفضل.. فيما العدوان يستهدف أيضاً اليمن وإيران – الداعمَين الأساسيين للمقاومة العربية في فلسطين ولبنان. في المقابل، تُخيم على الموقف العربي الرسمي حالة رهيبة من الصمت واللامبالاة والخذلان والتواطؤ، بل إن بعض الأنظمة لم تكتفِ بالخنوع، بل تحالفت علناً مع العدو.
منذ أكتوبر 2023، الأمة العربية وكأنها غائبة، نائمة في سباتها، كما لو أنها أهل الكهف. باستثناء بعض التحركات المباركة في شوارع اليمن، وتونس، والمغرب، التي لم تتوقف فيها المظاهرات – وإن تفاوتت في حجمها – فإن الصوت العربي الشعبي يكاد يغيب.
أما في مصر والأردن، فقد مُنعت التظاهرات، وقُمعت الأصوات التي هتفت ضد العدو الsahيوني وحليفه الأمريكي. وفي دول الخليج لا أحد يجرؤ على رفع صوته لأجل فلسطين. أما في “أوسلوستان” – تحت سلطة فلسطينية أشبه بسلطة لحد – يتنكر المسؤولون للمقاومة ويتعاونون أمنياً مع الاحتلال.
أنا أؤمن، ولا شيء غير الإيمان، بأن الشعوب العربية ستنهض. ستكسر القيود، وتسقط عروش الخونة والجبناء والعملاء. فنتنياهو – بدمويته وغطرسته – لم يترك ذريعة لأحد. أعطى كل ما يلزم لتسريع لحظة الانفجار الشعبي العربي… والإبادة في غزة لا بد ستجعل مواضع الأعداء في الخليج والمحيط في خطر شديد، كل هذا ربنا يأتي قريباً جداً. لقد بات إسقاط حفنة من الحكام والملوك والمشايخ الذين يعادون أمتهم ويرتهنون لواشنطن وتل أبيب، واجباً على كل عربي يحرص على كرامته، وأرضه، وهويته.
لن يتحقق هذا الخلاص إلا بخروج الأمة العربية إلى الشوارع، باحتلال الميادين، ومحاصرة القصور والوزارات، وطرد أوكار الاحتلال ووقف ومنع وصد التدخل الدولي في وطننا العربي الكبير، الذي يحلم نتنياهو والsahاينة بتحويله الى “اسرائيل الكبرى”.. يجب التغيير حتى ولو بالقوة الشعبية الزاحفة والجارفة.
تقرير NBC: المجزرة التي تهدد الأنظمة
نشرت شبكة NBC News الأمريكية تقريراً هاماً يوم الخميس، 14 أغسطس 2025، بعنوان:
“مجزرة غزة – قنبلة موقوتة تهدد الأنظمة العربية”
وترجمت وكالة “صفا” الإعلامية الفلسطينية هذا التقرير، الذي يكشف حجم الانهيار والتواطؤ في استجابة الحكومات العربية للعدوان “الإسرائيلي” المستمر على غزة.
(يُشير التقرير، الذي تحدث فيه “فاواز جيرج” أستاذ العلاقات الدولية في كلية لندن للاقتصاد – إلى أن الأنظمة العربية، التي كانت لعقود ترفع لواء القضية الفلسطينية، تواجه اليوم انتقاداتٍ حادّة بسبب ردّ فعلها البارد والمتخاذل، رغم مشاهد الإبادة والمجاعة والقصف.
يقول التقرير: إن القتل المتزايد من قبل “إسرائيل”، إلى جانب الجوع والقصف في غزة، أثار غضب مناصري القضية الفلسطينية، الذين وجّهوا سخطهم نحو الحكومات العربية، معتبرين أنها متخاذلة وهادئة بشكل مفرط.”
وتساءل السيد “فاواز جيرج”: أين الشعوب العربية؟).
أما المواطن العربي يتساءل اليوم:
لماذا يحتج الأوروبيون، الأمريكيون، الآسيويون، الأفارقة، بل وحتى بعض اليهود في العالم وبالإضافة لبعض المحتلين”الإسرائيليين”، بينما العرب صامتون؟
لا تزال المقاومة في اليمن والعراق ولبنان وإيران تدافع وتواجه ولم تسقط أو تستلم بالرغم من كل الضربات الساحقة؟ في حين أن “الجيوش النظامية” ومعها الحكام في مصر والأردن والمغرب، والخليج، التي أُنفقت عليها المليارات، لا تفعل شيئًا سوى التنسيق الأمني مع العدو؟
فيما ميليشيا سوريا الجديدة، بقيادة أبو محمد الجولاني أو الشرع، أعلنت بصراحة أن “إسرائيل” ليست عدوها، بل عدوها هو محور المقاومة، وعلى رأسه حزب السيد الشهيد العظيم وإيران.
أما دول الخليج، فقد تحوّلت إلى قواعد أمريكية وغربية – وربما “إسرائيلية” أيضاً. النفط لم يُستخدم كسلاح ضد العدو، بل ضد مصالح الأمة ذاتها. وربما يأتي يوم لا يبقى فيه بالخليج لا نفط ولا غاز ولا قواعد أجنبية ولا مشايخ وامراء وملوك ولا عملاء.
إذا عدنا الى نظام السيسي، فبدل أن يغلق قناة السويس، نجده يشارك في حصار غزة، ويغمر الأنفاق بالمياه، ويُزيل الحياة من على الحدود: لا سكان، لا قرى، لا بدو، لا طرق – حتى عمق 15 كيلومتراً من الحدود. كل شيء مكشوف لخدمة الاحتلال. لا جاهزية للدفاع عن مصر العظيمة ونتنياهو يهدد ويعربد ويتوعد.
المفارقة المؤلمة:
الغرب يدين، والعرب يطبّعون
فقد ذكر التقرير أعلاه: (العديد من الدول الأجنبية، ومنها: إسبانيا، أيرلندا، النرويج، ودول من أمريكا الجنوبية، قد أدانت العدوان “الإسرائيلي”، وهدّدت بفرض عقوبات أو خفض التمثيل الدبلوماسي. بينما لم تتخذ أي دولة عربية خطوة مماثلة.)
بالإضافة لما أورده التقرير هناك سلوفينيا فرضت مقاطعة على كيان الاحتلال وتوجد مواقف متقدمة لدول اوروبية وغربية أخرى. بالمقابل هناك خيانة وخذلان وتواطؤ عربي رسمي. كذلك غياب للحضور الشعبي الفعال وللأحزاب والقوى الوطنية والقومية واليسارية التقدمية وحتى الاسلامية.
نقل التقرير عن “فاواز جيرج” قوله:
“اسم فلسطين محفور بعمق في المخيلة العربية. إنها رمز للكرامة، ومفتاح لفهم الاستعمار والإمبريالية.”
وأضاف:
“أعتقد أن مأساة غزة قد تكون قنبلة موقوتة، ستفجر الأنظمة العربية من الداخل.”
نذكر أنه في أواخر 2023، رفعت جنوب أفريقيا دعوى ضد “إسرائيل” أمام محكمة العدل الدولية، تتهمها بالإبادة الجماعية. في الوقت ذاته، كانت دول عربية عديدة ومنها بعض دول الخليج تمنع أي مظاهرة مؤيدة لفلسطين، وتُبقي على علاقاتها الكاملة مع الاحتلال. هل شاهدتم تظاهرات في الخليج؟ ربما في البحرين من قبل قوى الثورة الشعبية البحرينية المعارضة للنظام المطبع والمستسلم.
في المغرب العربي حيث النظام المطبع وبالرغم من ذلك، خرج ملايين المغاربة في مظاهرات أسبوعية منذ أكتوبر 2023، تنديداً بالتطبيع، والاحتلال، والإبادة – ضد “إسرائيل” والولايات المتحدة والغرب والأنظمة العربية الصامتة والخائنة. هذا بالرغم من استمرار المغرب الرسمي في علاقاته مع العدو، والتنسيق معه، وفتح موانئه أمامه.
الخلاصة:
من يبقى؟
كل الأنظمة، مهما طال زمانها، سترحل.
الاحتلال، مهما قَوِيَ واستكبر، سيرحل.
ولن يبقى إلا من وقف مع فلسطين، في قلب النار، دون مساومة رافعاً شعار الأمة الواحدة والمقاومة… فلسطين هي الوادي، وأمتنا العربية هي الحجارة النفيسة ولا تبقى في الوادي إلا حجارته الأصيلة.
نضال حمد
موقع الصفصاف – وقفة عز
١٥ آب – أغسطس ٢٠٢٥