المقالات

كيف تتكيف المخابرات الإسرائيلية مع التهديدات القائمة؟

تزداد قائمة المهام الجديدة المناطة بأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية في ظل التغيرات المتلاحقة إقليمياً ودولياً، خاصة ارتفاع وتيرة العمل المشترك لمختلف هذه الأجهزة، وحجم التنسيق القائم بينها خدمة لمصالح الأمن الإسرائيلي.

ومع تزايد المخاطر المحيطة بالكيان، ترتفع حدة المهام الأمنية بإبلاغ الجهات الرسمية في الدولة ذات الاختصاص بنوايا دول معادية الحصول على أسلحة غير تقليدية، وإمدادها بالمعلومات الاستخبارية بصورة محدثة، أولا بأول، وتقديم تقديرات أمنية، سياسية، عسكرية بصورة دائمة لصانعي القرار في “إسرائيل”، وتوفير حد مقبول من المعلومات الأمنية اللازمة لاتخاذ أي قرار سياسي تاريخي، أو التوجه نحو القبول بمبادرات سياسية كبيرة، بما في ذلك العمل بصورة دائمة على تحليل وتفحص المعلومات الاستخبارية، ورفعها لصناع القرار لتفيدهم في اتخاذ القرار المناسب.

هنا، تبدو مهمة الحرص على إمداد الجيش بالمعلومات الأمنية التي تلزمه في ساحة المعركة في غاية الأهمية والخطورة، من أجل تقديم أفضل أداء لمختلف أسلحته ووحداته القتالية، وتقديم تقديرات داخلية لحجم احتياجات أجهزة الأمن، وطبيعة توفيرها بمختلف الطرق، وتنفيذ بعض المهام الأمنية الخاصة، والعمل بصورة دائمة على تطوير القدرات التكنولوجية، وتقديم مقترحات مفيدة لمختلف الوحدات العسكرية في الجيش، والتركيز قدر الإمكان في تقوية البنية الأمنية والمعلوماتية للجيش.

علماً بأن توضيح طبيعة المهام التفصيلية لأجهزة المخابرات الإسرائيلية، لا تُعبّر عن حقيقته بالصورة الكاملة، في ضوء أنها أجهزة “فائقة الأهمية”، مكوّنة من عدة وحدات وأقسام تعمل في مجالات جمع المعلومات، بحثها وتحليلها، المهام الخاصة، والتطوير التكنولوجي، وبالتالي يصبح من هذه الناحية أقرب ما تكون لسلاح عسكري أساسي وفعال، إلا أنها تنفذ مهاما، وتقوم بأدوار على مدار الساعة أكثر من سواها، لأنها تقدم خدمات ومهاما استخبارية على الصعيد القومي.

وإذا كانت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية تقوم بهذه المهام، فإن مهمتها الأساسية الحفاظ على الدولة من أي تهديدات سرية، بحيث إن طابع عملها يأخذ السمت السري أكثر من سواها، وبالتالي تتركز مهامها الأمنية على الصعيد القومي للدولة، وليس القطاعات الداخلية فحسب، كما تمتلك قدرات بارعة في مجال جمع المعلومات، والبحث، وتنفيذ المهام الاستخبارية التي تساعد وتدعم باقي الأجهزة الأمنية.

وربما يشترك في هذه المهام مختلف الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، سواء كان “الشاباك أم الموساد أم أمان”، كما أنها قد تختلف في عدم تبعية بعضها لجسم سياسي معين، لأن مهامها الأمنية والخاصة تنفذ جميعها خارج حدود الدولة، وبالتالي تقتصر تبعيتها على مكتب رئيس الحكومة فقط دون سواه من الساسة في “إسرائيل”.

ومع ذلك، فإن المهام التي تُكلف بها المؤسسات الأمنية، وعلى رأسها إحباط الجهود المسلحة خارج الكيان، تضع عليها أعباء إضافية تزيد عما تتحمله باقي الأجهزة، ولذلك، وفي ضوء هذه المهام لا ترى هذه الأجهزة الأمنية تنفيذية فحسب، وإنما تقدم خدمات أمنية تسعى للمحافظة على الأمن القومي العام لـ”إسرائيل”.

مع العلم أن قدرات هذه الأجهزة تتلخص في مهام: جمع المعلومات، البحث والتحليل، تنفيذ العمليات، والعلاقات الخارجية الاستخبارية، تستفيد منها باقي الأجهزة الأمنية، ومع ذلك، فإن تثبيت الهوية الاستقلالية للاستخبارات الإسرائيلية، لا يلغي فرضية قيام احتكاكات بينها.

وربما من المهام التي تكتسب أهمية استثنائية في مثل هذه المرحلة التاريخية، وهي المختصة في مجالات تقدير المواقف السياسية، في ضوء ما يصلها من معلومات أمنية واستخبارية وسياسية من المكاتب والقنصليات التابعة لها في مختلف عواصم العالم، ويتم الاستفادة من أبحاثها في مجال العمل الدبلوماسي الذي تضطلع به وزارة الخارجية.

ومع ذلك، فإن ممثليها والعاملين فيها يشاركون في أحيان كثيرة في اجتماعات الحكومة لتقدير المواقف الأمنية، ويقدمون توصياتهم ومقترحاتهم للتعامل مع مختلف المستجدات السياسية ذات الصلة بـ”إسرائيل”.

ورغم أن المهمة الأساسية لأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية هي التركيز على البيئة الاستراتيجية المحيطة بـ”إسرائيل”، من خلال توفير المعلومات الأمنية والاستخبارية لقادة الدولة، والجيش وأجهزة الأمن الأخرى، التي من شأنها تقدير قوة العدو، والتعرف على نقاط ضعفه وقوته، ومحاولة استكشاف أهدافه ومراميه تجاه “إسرائيل”، وتقديم التحذيرات والإنذارات للمستويين السياسي والعسكري من مغبة نشوب حروب، أو تنفيذ عمليات فدائية معادية.

د. عدنان أبو عامر

فلسطين أون لاين، 13/1/2013

مقالات ذات صلة