المقالات

إننا في عصر… العاهرة التي تحاضر عن الشرف!!

ثبت ان التكفيريين انتقلوا من مختلف دول العالم للقتال ضد النظام في سورية. ومن المعلوم ان دول تركيا والاردن ولبنان سهلت او ساهمت في دخول هؤلاء الى الاراضي السورية وزوّدتهم بالمال والسلاح اضافة الى دول عربية واجنبية اخرى.

وثبت ايضاً ان من يقاتل ويقتل ذبحاً وتفجيراً وبشراسة في المدن والقرى السورية هم هؤلاء التكفيريّون دون غيرهم امثال ما يُدعى الجيش السوري الحر. وها هم ، بعد ان اشتد ساعدهم ، قد بدؤوا بتطهير مناطق نفوذهم من هذا الجيش الحر كما جرى أخيرا في مدينة اعزاز وسواها.

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا على هؤلاء التكفيريين : لماذا سورية ونظامها وليس اي دولة عربية اخرى او اسرائيل مثلاً؟ من الطبيعي ان يكون هناك خلاف ومصلحة لبعض الدول من اجل قتال النظام السوري ورئيسه كما هي حال السعودية وقطر وتركيا وبعض لبنان ، ولكن اي مصلحة للتكفيريين بهذا القتال في سورية دون غيرها من دول المنطقة ؟ وهل بالتالي النظام السوري هو من ساير ويساير ويهادن العدو الاسرائيلي المشترك ام هناك دول ومنظمات عربية اخرى تقوم بهذه المسايرة؟

إننا في عصر... العاهرة التي تحاضر عن الشرف!!

والسؤال نفسه يمكن بل يجب طرحه على الدول والانظمة التي فتحت خزائنها وحدودها امام هؤلاء التكفيريين : لماذا سورية دون غيرها؟ وهل النظام السوري القائم هو وحده الفاسد وغير الديمقراطي في المنطقة التي تحكم معظم دولها انظمة ملكية وعائلية وعشائرية متخلّفة جداً جداً ، وبعيدة عن الديمقراطية والعدالة بُعد الارض عن السماء؟ اين العدو المشترك الذي هو اسرائيل من هذا الصراع ؟ وهل يوجد ما ومن يهدّد الدول العربية وخصوصاً النفطية غير اسرائيل التي وحدها في المنطقة تملك قنابل نووية جاهزة للانطلاق الى كل المدن العربية الكبرى ؟ ولماذا اصبحت ايران هي العدو الاول للعرب ودول الخليج تحديداً؟ أليس لأن نظام ايران كان الداعم الاول لاسرائيل وحليفاً لها في عهد الشاه واصبح بعد خلع الشاه العدو الاول لها ؟ ولماذا كل هذه الحملة على الدولة الايرانية بسبب اقدامها على انتاج النووي الذي اكدت ولا تزال تؤكد بأنه نووي سلمي لأن عقيدتها الاسلامية ، كما اعلنت مراراً، تحرّم عليها انتاج واستعمال النووي كسلاح دمار شامل كما فعلت وتفعل اسرائيل ؟

واما حزب الله، الذي قد يكون هو السبب غير المباشر للحرب الجارية في سورية ، والذي لم يبق غيره على ما يبدو يشكل شوكة جارحة في عين اسرائيل، فلماذا يعمل معظم العرب والعالم على دحره والغائه؟ ألأنه لم يبق سواه يقاتل اسرائيل ويقيم التوازن الاستراتيجي معها ؟ ام لأن معظمه او كله من طائفة واحدة؟ ام لأنه استقدم سلاحه من الدولة التي ينتمي اليها … طائفياً؟ ولو افترضنا ان حزب الله ظهر او تأسس في عهد شاه ايران المتحالف مع اسرائيل وقامت دولة من الدول العربية او الغربية او الروسية بتقديم السلاح والمال له فهل كان سيرفض ؟

واما الدعوة لتسليم سلاح حزب الله الى الشرعية اللبنانية التي لم تكن موجودة يوماً مع الاسف، فهل هي دعوة صادقة او منطقية ام انها لذر الرماد في العيون ليس إلا؟

ولا بد من كلمة اخيرة عن السلاح الكيمياوي المحرم دولياً والذي جرى استعماله في الحرب السورية سواء من جيش النظام ام من معارضيه ، هذا السلاح ما كان يجب استعماله ، ولكن دعاة تحريمه ومعاقبة من يستعمله أليس هم انفسهم من استعمله اكثر من مرة في جنوب لبنان وفي غزة ، وهم انفسهم الذين زودوا الرئيس العراقي صدام حسين به ليستعمله في حربه مع ايران ومع الاكراد في حلبجة العراقية ؟

وبالمناسبة ، ماذا نسمي سلاح القنابل العنقودية المحرم دولياً وهو الذي ألقت منه اسرائيل ملايين القنابل على شعب جنوب لبنان حصدت هذه القنابل ولا تزال آلاف الضحايا والمعاقين المدنيين الابرياء؟

واما مجلس الامن المطلوب منه ان يعاقب مستعمل هذا السلاح وغيره، فألا يخجل من نفسه وهو الذي ما زال يقف عاجزاً بل متعامياً عن تنفيذ قرار واحد من قراراته المتخذة ضد اسرائيل ؟ هذا المجلس المسمى مجلس الامن الدولي، كان وما زال اكبر مزحة دولية ان لم نقل اكبر مهزلة وفضيحة وفزاعة دولية !…

ان العصر الذي نعيشه هذه الايام هو عصر العهر بعينه … انه عصر القحباء او العاهرة التي تحاضر عن الشرف والعفّة !

بالاذن من الاديب الكبير الراحل سعيد تقي الدين.

حسين قطيش | البلد
2013 – أيلول -24

مقالات ذات صلة