المقالات

في يوم سقوط مخيم اليرموك .. التكفيريون خطر على قضية فلسطين

في مثل هذا اليوم من العام المنصرم 2012 اجتاح المجرمون الإرهابيون مخيم اليرموك قرب دمشق، بمساعدة من عملاء ومنتفعين محليين وكذلك من قبل بعض المضللين في المخيم. وكان لسقوط مخيم اليرموك وتشريد سكانه أثرا كبيرا على كل نفس فلسطينية وبالذات على الذين عاشوا في اليرموك وعرفوا ويعرفون ما معنى ان تسقط قلعة فلسطينية عصيّة وحصينة بأيدي أعداء الحياة. فسقوط اليرموك بأيدي الهمج والرعاع والسفاحين سنة 2012 يشبه سقوط القدس بادي الصهاينة سنة 1967 وسقوطها قبل ذلك بمئات السنين بأيدي الهمج الصليبيين.

عندما سلم بعض الخونة بعض المحاور في المخيم للمحتلين من العصابات المختلفة فاحت روائح الخيانة وعرف الناس في اليرموك فورا من هم الخونة. وفي ظل عدم تدخل فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وصمت الفصائل الأخرى، وانحياز غالبية عناصر وكوادر حماس في المخيم للمعارضة السورية والتحاقهم بها وقيام بعضهم ومنهم سائق السيد خالد مشعل، بالعمل كدليل وجاسوس للمحتلين، يرشدهم على عناصر القيادة العامة والفصائل الفلسطينية الأخرى التي رفضت ان تنقاد وراء المخربين الإرهابيين من عصابات قطع الرؤوس ونهش القلوب والأكباد في زمن الآي فون والآي باد. ويقال ان لتلك العناصرعلاقة باغتيال الشهيد أبو نورس قائد وحدة الصواريخ بالجبهة الشعبية القيادة العامة في المخيم بنفس يوم سقوطه.

بعد كل الأحداث السريعة التي جرت في المخيم بين 15 و17-12-2012 اتضح للجميع ان هناك فلسطينيون مشاركون في الجريمة. وان لهؤلاء جهات تقف خلفهم وتحثهم على القيام بما قاموا به.

ففي يوم 17-12-2012 احتل الهمج التكفيريون مخيم اليرموك بأقل الخسائر وبسهولة لم يتصوروها حتى في أحلامهم، طبعا نتيجة الغدر والخيانة. وسقط مقر الخالصة التابع للجبهة الشعبية القيادة العامة بعد معارك عنيفة وحصار دام عدة أيام. مع العلم انه المكان الوحيد في المخيم الذي شهد مواجهات حقيقية وعملية مع الغزاة التكفيريين. وبالرغم من ان عناصر الخالصة اخذوا غفلة وحوصروا في مقرهم ثلاثة أيام إلا أنهم استطاعوا فك الحصار والخروج بأقل الخسائر. سقط المخيم وهجر غالبية أهله وسكانه.. كما تمت سرقة ونهب المحلات والمؤسسات والشركات والمراكز والمستشفيات والمدارس والمتاجر والمستودعات ومساكن ومنازل وبيوت المواطنين في المخيم. وظهرت عصابات وكتائب وألوية تحمل أسماء مختلفة ومنوعة. وصار هؤلاء الأوغاد يعلقون الناس على أعواد المشانق في المخيم، بعدما كانوا يقطعونهم قبل احتلال المخيم ويلقون بهم في أكياس بلاستيكية على الشوارع وفي حارات المخيم.

أبناء الشعب الفلسطيني اللاجئين يشهدون تشردا جديدا في 2012 أي بعد 64 سنة على تشردهم وتشرد أهاليهم من فلسطين سنة 1948 على أيدي العصابات الصهيونية. وما أشبه اليوم بالبارحة، مع اختلاف بسيط أن عصابات هذه الأيام هي عصابات تدعي العروبة والإسلام. لكن الحقيقة أن هؤلاء صهاينة الممارسة والفعل سواء بعلمهم او بدون علمهم، وأعداء للأمة العربية والقضية الفلسطينية عن قصد او بدون قصد. أعداء بأقنعة عربية وإسلامية تلغي أولوية القضية الفلسطينية ولا تتأثر بتدنيس المقدسات الإسلامية في فلسطين المحتلة ولا بخطر تدمير المسجد الأقصى. بشعارات دينية لا تقل خطورة وإرهابا عن الشعارات والحملات الصليبية على شرقنا في الزمن الماضي. فحملات التفتيش التكفيرية الشبيهة بحملات التفتيش الصليبية بعد سقوط الأندلس بدأت في سورية ولن تكون آخرها حملة عدرا السورية.

غالبية سكان المخيم تشردوا بين لبنان والأردن وتركيا ومصر وداخل سورية إضافة لوصول الآلاف منهم الى أوروبا وبالذات الى الدول الاسكندينافية وبالتحديد السويد والنرويج. وعشرات أو مئات منهم قضوا غرقا في البحار وهم يحاولون الوصول الى أوروبا طلبا للحياة والحرية. أوضاع اللاجئين الفلسطينيين النازحين من مخيم اليرموك الى المخيمات الأخرى في لبنان مأساوية، فهؤلاء نزحوا الى مخيمات معزولة ومحاصرة وتنعدم فيها أي مقومات للحياة البشرية الطبيعية بفضل السياسات العنصرية التي تتبعها الحكومات اللبنانية بحقهم منذ سنة 1948 وحتى يومنا هذا. والمؤسف حقا ان هناك فلسطينيين متورطون في اللعبة الطائفية والمذهبية، ولبعض جماعاتهم الصغيرة ملاذ آمن في بعض مخيماتنا هناك. وحل هذه المعضلة صعب ومعقد ومتداخل بسبب عوامل داخلية وخارجية ومحلية. وبعض هذه الجهات مرتبط بأطراف لبنانية تعتبر جزءا من اللعبة الإقليمية والعالمية.في ظل هكذا حال على المرء ان يتصور كيف هي حياة النازح من مخيمات سورية في مخيمات لبنان. انه كوكتيل الألم والغضب والعذاب.

شهد مخيم اليرموك معارك عنيفة على مدار السنة الفائتة أدت الى تدمير جزئي في المخيم. وقدمت مبادرات عديدة لإنهاء مأساة المخيم لكن المحتلين ومن يقف خلفهم رفضوا دائما الالتزام بالمبادرات. تأكيدا على قول قياداتهم أنهم دخلوا مخيم اليرموك كي لا يخرجوا منه، وانه بوابتهم الى القصر الجمهوري في دمشق، و كذلك أن المخيم أرض سورية. ومن مسجد الوسيم في اليرموك الى الأموي فالأقصى. مع العلم ان هؤلاء مطلقي هذه الأقوال لم يمارسوا أي عمل ضد الاحتلال الصهيوني. فكل ما يقومون به مركز في بلاد العرب والمسلمين.ويشكل خطرا مصيريا على التعايش القومي لسكان البلاد العربية والإسلامية بكافة تلاوينهم الدينية والمذهبية والطائفية والاثنية والاجتماعية.

آخر المبادرات والتي وافق عليها المسلحون باستثناء قلة منهم والتي قضت بتسوية أوضاع وأمور المسلحين كانت مبادرة الحل الفلسطينية التي حضيت بدعم السلطات السورية. ونصت على تامين الغذاء و الدواء لأهل المخيم المحاصرين، وإنهاء الحصار وإعادة النازحين. وتعهدت فصائل التحالف الفلسطيني واللجان الشعبية بإنجاح الاتفاق والالتزام به. كل ذلك لم يعجب الأطراف التي لها أهدافها من احتلال المخيم، فأوعزت لعملائها وعصابتها بين المسلحين لتفجير الاتفاق وعدم الالتزام به، بعدما ظهرت بوادر الفرج وحل الأزمة لتكون مثالا لمناطق ومخيمات أخرى في سورية. فالمخيمات الفلسطينية في سورية كلها مستهدفة ومستباحة ومحتلة أو محاصرة. لإفشال الاتفاق قام هؤلاء بدورهم بملاحقة العناصر الفلسطينية التي التزمت بالاتفاق وألقت السلاح وقررت تسوية أوضاعها وتسليم نفسها، فاعتقلت بعضهم وحاصرت البعض الآخر ومنعتهم من الخروج من المخيم.

الفصائل التي تطلق على نفسها تسمية فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، والتي لم تعلن موقفا واضحا من احتلال المخيم، ولم تقدم شهيدا واحدا في سبيل تحريره وطرد المحتلين تكتفي بالمبادرات والزيارات والبيانات. وبعضها يشن هجوما لاذعا ويلقي بالاتهامات ضد فصائل التحالف الفلسطيني، وبالذات ضد الجبهة الشعبية القيادة العامة، لإيهام الناس بان فشل الاتفاق سببه أيضا تصرفات ومواقف القيادة العامة. وهذا كلام غير صحيح واداءعات كاذبة.

آخر التصريحات جاءت على لسان احمد مجدلاني المُعين عضوا في اللجنة التنفيذية من قبل ابو مازن رئيس المنظمة والسلطة الفلسطينيتان. قال مجدلاني لوكالة معا : ” ان عودة المسلحين الفلسطينيين وبعض مسلحي الفصائل السورية الى مخيم اليرموك كان بسبب تواجد مسلحين من الجبهة الشعبية القياد العامة وبعض مناصريها داخل المخيم”.

يبدو ان مجدلاني وأصحابه يريدون اقتطاف اي نصر ولو على حساب مخيم اليرموك وناسه. لو انه وجماعته وجماعة السلطة وفصائل المنظمة يقاتلون محتلي مخيم اليرموك من أجل تحريره والحفاظ على حق العودة، كان بإمكاننا تصديق هذه الادعاءات او أجزاء منها. ويبدو انه لا يعرف ان المستهدف في اليرموك حق العودة والمخيمات، قلاع المقاومة الفلسطينية، أي الخزانات التي مدت وتمد الكفاح المسلح بالفدائيين. يجب تذكير السيد مجدلاني بأن الجبهة الشعبية القيادة العامة هي ومن معها يدفعون دماء وشهداء في المخيم. أما أنتم فماذا تدفعون؟ او ماذا تقبضون؟

مخيم اليرموك في ذكرى سقوطه ومرور سنة على احتلاله يؤكد لنا من جديد انه لا بديل عن تحريره، فدحر المشروع التكفيري في المخيم وفي سورية وفي المنطقة يعتبر جزءا من دحر المشروع الصهيوني الامبريالي الرجعي في الشرق العربي. والدفاع عنه وتحريره يعتبر حماية وصيانة لقضية فلسطين وحق العودة وللمقاومة ضد العدو الحقيقي والأول وهو العدو الصهيوني

مقالات ذات صلة