اخبار الوطن العربي

مركز الأمن القومي الإسرائيلي: الانتفاضة الثالثة لن تندلع لأن القيادة الفلسطينية ترفضها

مركز الأمن القومي الإسرائيلي: الانتفاضة الثالثة لن تندلع لأن القيادة الفلسطينية ترفضها

الناصرة ـ زهير أندراوس: قالت دراسة صادرة عن مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي، أعدها الباحث شلومو بروم، إن الجمود في ما أسماه بالعملية السلمية بين الدولة العبرية والفلسطينيين يؤكد لكل من في رأسه عينا أن هذا المسار لن يؤدي في نهاية المطاف لإقامة دولة فلسطينية، ومن غير المعقول أن يُوافق الفلسطينيون على مواصلة العيش تحت الاحتلال الإسرائيلي بدون تحديد فترة زمنية لإنهائه، وبالتالي، فإنه من المفترض، في ظل هذه الأوضاع أنْ تندلع انتفاضة فلسطينية كل عدة سنوات، كما كان في الانتفاضة الأولى والثانية.

ولفت الباحث إلى أن السلطة الفلسطينية تعيش أزمة خانقة وعميقة، وهي السلطة التي يترأسها محمود عباس من فتح وسلام فياض، إذ أنهما يُواجهان مشكلة عويصة في قضية شرعيتهما، النابعة ليس من عدم إجراء الانتخابات في موعدها، إنما بسبب فقدانهما للأجندة السياسية، فمنذ بداية عملية أوسلو كان الاتفاق يرتكز على إقامة دولة فلسطينية بعد مفاوضات مع إسرائيل، ولكن عدم وجود عملية سلمية بين الطرفين، يُبقي عباس وفياض بدون سلم أولويات سياسي، علاوة على إظهار ضعفهم الشديد مقارنة بخصومهم من حركة حماس، الذين يطرحون بديلاً ثانيًا يتلخص بعدم الاعتراف بإسرائيل واللجوء إلى خيار المقاومة المسلحة، كما أن حركة حماس يُمكنها القول إن اللجوء إلى الخيار العسكري يؤكد على أنه يُمكن تحقيق إنجازات على الأرض، مثل فتح قطاع غزة، والحصول على شرعية سياسية منذ أحداث أسطول الحرية في العام 2010، صفقة التبادل مع إسرائيل، وعملية (عامود السحاب) الأخيرة، التي شنها الاحتلال الإسرائيلي ضد قطاع غزة، بالإضافة إلى ذلك، أضاف الباحث الإسرائيلي، فإن أحداث ما يُطلق عليه الربيع العربي وسيطرة قوى إسلامية على مقاليد الحكم في عد دول عربية، زادت كثيرا من قوة حماس السياسية وفي الشارع الفلسطيني أيضا، على حد تعبيره.

أما بالنسبة لعباس، فقد أكدت الدراسة على أن توجهه للأمم المتحدة والحصول على اعتراف بفلسطيني كدولة غير عضو في المنظمة ألأممية أثبت الآن أنه كان بمثابة خطوة تُثير الشفقة، ذلك لأنه بات واضحًا للجمهور الفلسطيني بأن الاعتراف لم يُغير أي شيء على أرض الواقع، بل بالعكس، فإن الوضع بات أسوأ مما كان عليه قيل تشرين الثاني (نوفمبر) من العام الماضي. بالإضافة إلى ذلك، أشار الباحث بروم إلى أن السلطة الفلسطينية تُعاني من أزمة اقتصادية صعبة جدًا، بسبب انخفاض المعونات الأوروبية، كما أن التحسن في الاقتصاد الفلسطيني الذي بدأ مع انتهاء الانتفاضة الثانية انتهى، كما أن قرار إسرائيل بتجميد الأموال الفلسطينية، بهدف معاقبة السلطة على توجهها للأمم المتحدة، زادت من حدة الأزمة الاقتصادية، فالرواتب لا تُدفع في موعدها، الأمر الذي يُبعد الموظفين كثيرا عن دعم السلطة ويُقلل كثيرا انتماء أفراد الأجهزة الأمنية الفلسطينية للسلطة في رام الله، ذلك أنه من الطبيعي أنْ تتراخى الأجهزة الأمنية عن وظيفتها، وتقوم بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية في ظل عدم وجود أمل في المستوى السياسي، أوْ على الصعيد الشخصي بسبب تأخر الرواتب، وتابعت الدراسة قائلةً إنه من غير المستبعد بالمرة أنْ يؤدي حادث عيني (حادث طرق في الانتفاضة الأولى) و(اقتحام شارون للمسجد الأقصى في الانتفاضة الثانية)، إلى اندلاع الانتفاضة الثالثة واسعة النطاق، على الرغم من عدم القدرة على تحديد السبب الذي سيؤدي لإطلاق شرارتها.

ولكن الدراسة استدركت قائلةً إنه على الرغم من العوامل أنفة الذكر، لا نرى في الأفق القريب احتمالاً لاندلاع انتفاضة ثالثة، وذلك للأسباب التالية: عباس ينبذ العنف، وهو يتعهد مرارًا وتكرارًا بعدم السماح لانتفاضة ثالثة، كما أن التزامه بهذا المبدأ سيقوى كثيرًا بعد زيارة الرئيس الأمريكي إلى المنطقة، كما أنه على علم بأن الركوب على نمر اسمه غضب الجماهير لن يوصله إلى أي مكان، وقد ذوت ذلك في بداية الانتفاضة الثانية، عندما حذر وبذل جميع الجهود من أجل إقناع عرفات بوقفها، من هذا المنطلق، أضافت الدراسة، تلقت الأجهزة الأمنية الفلسطينية هذا الأسبوع أوامر صارمة لمنع أي تصعيد، كما أن نشطاء فتح يُشاركون في المظاهرات لاحتوائها من ناحية، ومن الناحية الأخرى توجيه رسالة لباراك أوباما ولعدد من اللاعبين بأن الجمود في العملية السلمية بات خطيرًا للغاية.

وبرأي الدراسة، فإن السؤال المفصلي هل ستتمكن السلطة من احتواء المظاهرات أمْ أنها ستفقد السيطرة عليها وعلى حجمها في الضفة الغربية، والأحداث حتى الآن أثبتت أن السلطة قادرة على احتواء المظاهرات، فحجم المظاهرات ما زال قليلاً، وعدد المشاركين ليس أكثر من بضع المئات، ولا تلوح في الأفق نية للتصعيد، ذلك أن السبب الرئيسي في هذا التصرف، مرده بحسب الدراسة، هو عدم انجرار الفلسطينيين إلى الفوضى التي عمت الضفة خلال وبعد الانتفاضة الثانية، ذلك أنه فقط في السنوات الأخيرة شهد الفلسطينيون في الضفة نوعًا من النمو الاقتصادي، وبالتالي فإنهم لا يريدون العودة إلى إشكالية الانتفاضة وما يترتب عليها من تداعيات وإسقاطات، كما أنه على الرغم من الأوضاع الاقتصادية السيئة فإن الأجهزة الأمنية ما زالت تُسيطر على الشارع في الضفة الغربية.وقال الباحث أيضًا إنه من التحليل الذي تم عرضه في هذه الدراسة يُمكن استخلاص ثلاث نتائج مهمة: الأولى والرئيسية تتمثل في أنه من الضرورة بمكان استغلال زيارة باراك أوباما وتشكيل حكومة جديدة في إسرائيل من أجل تحريك العملية السلمية، كما أنه من الأهمية بمكان أنْ يكون واضحًا بأن العملية السياسية هي حقيقية وتكون لها نتائج على أرض الواقع، ذلك أن الفلسطينيين والإسرائيليين سئموا من الأقوال وهم يبحثون عن الأعمال، كما أن الفلسطينيين سيرفضون الدخول في العملية السلمية من أجل العملية فقط. الثانية، أنْ تكون العملية السياسية مرنة، وعدم وضع البيض في سلة واحدة كما فعل باراك في كامب ديفيد، لأن الفشل في هذه المسيرة ستكون نتائجه مأساوية، كما أنه يجب بناء تحالف إقليمي لتقديم المسيرة، وفي مقدمة ذلك مع الأردن ومصر، والتوصل إلى اتفاقيات جانبية بين السلطة وإسرائيل في الطريق إلى الحل النهائي.

أما النتيجة الثالثة والأخيرة، قالت الدراسة، إن إسرائيل قامت في السنوات الأخيرة بإضعاف رئيس السلطة محمود عباس عن طريق تصريحات لمسؤولين كبار في تل أبيب، مثل وزير الخارجية السابق، أفيغدور ليبرمان، وبالتالي لا يُسمح لإسرائيل بالبكاء على الوضع الذي آلت إليه السلطة الفلسطينية وزعمائها، لأنها ساهمت كثيرًا في ذلك، أيْ إسرائيل، على حد تعبير الباحث بروم.

القدس العربي، لندن، 5/3/2013

مقالات ذات صلة