اخبار الوطن العربي

صمود و جميل .. قصة حب على الطريقة الفلسطينية

صمود و جميل .. قصة حب على الطريقة الفلسطينية

2013-04-16

يوسف فواضلة | مراسل رنوة

هذه قصة حب تختلف عن غيرها من قصص العشق و الغرام، حكاية حب تكللت في غياهب السجون و من عبق عذابات الاسرى، لا أدري هي الصدفة أم القدر الذي جمعهم في معتقلات الاحتلال الاسرائيلي، قصة تمتلئ بالبطولات و التضحيات و المشاعر الإنسانية، تحمل بين ثناياها إسمين الأول “صمود التحدي” والثاني “جميل المقاتل”.. في هذا السجن نقيضٌ للعذاب و الموت والحقد .. انه الحب.

” وحين يهشم رأسي الجنود.. وأشرب برد السجون.. لإنساك.. أهواكِ أكثر” هذا ما قاله الشاعر عبد اللطيف عقل، هكذا فقط تختلف قصص الحب عن غيرها من القصص، فرغم الواقع المعقد إلا أن صمود و جميل قررا الإرتباط، حيث أن الأمل يبعث في قلوبهم حتمية اللقاء و أنهما سيلتقيان يوماً ما.

صمود كراجة وجميل عنكوش

الاسير جميل عنكوش (31 عاماً) من قرية دير أبو مشعل قرب رام الله، اعتقل عام 2002 ولايزال حتى اللحظة في معتقلات الاحتلال يقضي حكماً بالسجن 20 عاماً، أمضى منها عشر سنوات متنقلاً بين عدة سجون، حيث أمضى هذه السنوات خلف قضبان السجن يكتب ويتعلم ويفكر ويطمح ويرسم أحلاماً يعيشها بعد خروجه، أما أخر ثلاث سنوات من اعتقاله فهي تحمل شيئاً جميلاً رغم مرارة الاعتقال وذلك عندما بدأت قصة حبه الغريبة والرائعة مع صمود كراجة التي هي الأخرى كانت تقبع خلف قضبان السجن.

صمود كراجة (26 عاماً) من قرية صفا بمحافظة رام الله والبيرة، أعتقلت في 25/10/2009 لتمضي عامين ونصف خلف قضبان سجون الاحتلال الاسرائيلي من مدة حكمها البالغة عشرون عاماُ و ست سنوات مع وقف التنفيذ، عامين عاشت خلالهما أقسى وأصعب لحظات حياتها، تجرعت خلالها كافة صنوف العذاب، فالضرب والاهانة من سجان لا يعرف الرحمة أو الإنسانية … لكن صمود انتصرت بصمودها على سجانها و تحررت في “صفقة وفاء الأحرار”.

قصة حب لم يستطع السجان قتلها

صمود و جميل لم يعرفا بعضهما يوماً ولم يلتقيا من قبل بتاتاً، سوى بعض الصور والأخبار التي استطاع كل منهما جمعها عن الاخر، بدأت القصة تنسج في الخيال حين سمع الأسير جميل عنكوش على التلفاز عن فتاة فلسطينية حاولت طعن جندي على حاجز قلنديا مما ادى الى اعتقالها وهي تدعى صمود كراجة، تقول صمود:” أمضيت في سجن هشارون ثلاثة شهور حاول جميل خلالها إرسال أكثر من رسالة لي، لكنها لم تصل لان ادارة السجون تمنع من هم ليس بالأقرباء من التواصل مع بعض، و عندما انتقلت الى سجن الدامون وصلتني الرسالة الاولى من جميل، وبما أني لا أعرفه فحسي الأمني منعني من التعامل مع هكذا رسائل “.

وأضافت صمود رغم عدم ردي على الرسالة إلا أن جميل عاود مراسلتي مجدداً، الأمر الذي جعلني أفكر في جميل بشكل جدي وعندها قمت بطلب من أخي حسن أثناء زيارتي من التحقق من هذا الاسم ” جميل عنكوش “، ليعود بعد فترة بالرد علي بأن هناك أسير في سجن ريمون اسمه جميل عنكوش محكوم بـ 20 عاماً.

عد اطمئنان صمود تجاه هوية جميل قامت بمراسلته للمرة الأولى، حيث ردت عليه برسالة شكر وامتنان على رسالته وتواصله معها، لتستمر الحكاية بكثير من الرسائل بين جميل و صمود، يتناولان فيها أخبار بعضهما البعض وأخبار من يعيشون معهم في الأقسام، لتجد العلاقة بينهما صيرورة لاستمرارها رغم جدران السجن التي تحول بين تواصلهم.

صفقة وفاء الأحرار والخطوبة

نعم هي سخرية القدر، حُكم عليها عشرون عاماً وست سنوات مع وقف التنفيذ، صدمة لم تستسلم لها صمود، كيف وهي صمود الاسم و الفعل الذي ارتبط بالفكرة .. عشرون عاماً ستعيشها صمود خلف جدران تتنقل من سجن الى اخر، أبواب مغلقة لا تفتح .. لا تفتح .. لا أعتقد أن هناك شيء يبقى مغلقاً الى الأبد؟!

كل هذا تبدد مثل وهم في يوم 11 أكتوبر 2011 عندما أعلن عن أتمام صفقة وفاء الاحرار – صفقة شاليط، الصفقة التي أفضت إلى إطلاق سراح 1027 أسير فلسطينياً من ضمنهم عدد من الأسيرات، فكان اسم صمود كراجة من بين من تنفسن عبق الحرية.

تقول صمود “بعد الإفراج عني تقدم جميل بطلبي رسمياً من أهلي بواسطة الأسير المحرر صالح السبتي الذي أمضى 25 عاماً في زنازين الاحتلال، في البداية واجهت بعد الرفض من أهلي لاسيما والداي، ولكني كنت مصرة بشدة على الارتباط من جميل”. ورغم الأسر والصعاب والحرمان تغلبت صمود على كل العقبات، وتم عقد القران بشكل رسمي.

قصة حب على الطريقة الفلسطينية جسدها صمود و جميل، فكانا بالفعل مثالاً حياً لمعركة الارادة الإنسانية ضد ارادة القمع والتصفية والاستعباد.

ورغم أن المحتل مع كل ما يملك من سيطرة ونفوذ، إلا أنه لا ولن يستطيع التحكم بقلوب وإرادة وسعادة شعب عشق الوطن وآمن بحتمية وجوده وحقه في العيش والحب، يحب من نريد و أينما يريد و في الوقت الذي يشاء فيه … قصة حب خطت طريقها في غياهب السجون، هي فلسطينية حتى النخاع.

وكالة رنوة الاعلامية

مقالات ذات صلة