اخبار الوطن العربي

أزمة عنوسة تضرب لبنان: الأفضلية لـ "اللاجئات السوريات"

البلد 2013 – أيلول – 30

في خضم الأزمة السياسية التي ضربت سورية، وأدّت الى تشريد عدد كبير من العائلات طلباً للأمان والاستقرار، نشأت أزمة اجتماعية في لبنان، البلد الذي استقبل الآلاف من السوريين في مخيّماته وحاراته ومناطقه المختلفة. أزمة تقاسم دور البطولة فيها رجالٌ أعجبتهُم كينونة (تاج راسي) التي تتداولها المسلسلات السورية، ونازحات رأَين في الزواج من لبناني حدّاً لمعاناتهم وأهلهم في بلاد اللجوء.

تظهر بشكل واضح ملامح “العنوسة” التي تضرب لبنان، حسب بعض الدراسات، والتي لعل أحدثها تلك التي نشرها موقع “اذاعة هولندا العالمية”، حيث أعد تقريراً عن العنوسة في الوطن العربي، جاء فيه أن فلسطين سجلت أقل نسبة منها، اذ لا تتعدى الـ 7%، أما أعلى نسبة – حسب التقرير – فكانت في لبنان، حيث بلغت الـ 85%. تلك النسب المخيفة وصلت الى ما هي عليه بعد بلوغ الأزمة السورية ذروتها، جالبة معها البنات والنساء، وسط تعالي الدعوات المنادية بحمايتهن من (العيون الفارغة) التي قد تستغل وضعهن، ليكون الزواج هو الملاذ.

لاجئات… لا سبايا

ناشطون سوريون على مواقع التواصل الاجتماعي لاحظوا ما يُثار من أحاديث حول النساء السوريات ومصيرهن، فعمدوا الى تنظيم حملة (لاجئات لا سبايا)، التي انتشرت الكترونياً في عدة دول أبرزها تلك التي استقبلت اللاجئات السوريات على أراضيها. الحملة نددت من خلال منشوراتها الالكترونية بما تتعرض له بعض اللاجئات في لبنان، والتي من جملتها عدد من الزيجات المشبوهة، وكذا الاتجار بهنّ وارغامهنّ على الدعارة ومبادلة المساعدات الصحية والاجتماعية مقابل الجنس، وفي احد منشوراتها، ذكرت الحملة عبارة: “استغلال السوريات في لبنان لم يعد مقبولاً”.

واقع مغاير

الحملة تلك يناقضها الشارع اللبناني، اذا ما قرر المتقصّي البحث عن الواقع فيه، شارعٌ باتت اللهجة الغالبة على بعض مناطقه “سورية”، نسبةً الى تغلغل تلك العائلات فيه.

تحكي لمى الحاج حسن قصة ابن عمها الذي عمد الى الزواج من احدى السوريّات “خطيفة”، تلفت الى أنّ الرجل متزوّج سابقاً وله من الأولاد أربعة، تصف المرأة السوريّة بـ “الحربوقة” التي تعرف كيف تتعاطى مع الرجل وكيف “تسايره” على حد وصفها. أما عن عمر العروس فتشير الى أنها لم تتجاوز السادسة عشرة، فيما يكبرها العريس بعشرين عاماً.

بدورها، آمال عبدالله، تقول انّ أخاها قرر الارتباط بلاجئة سورية، تصفها بـ “الآدمية وبنت البيت”. وفيما تتحدّث عبدالله عن أنّ ضريبة الخروج من الوطن عالية، وانها لا تلوم ذوي السوريات على تزويجهن في لبنان، تؤكّد أن وجودهنّ قد يؤثّر على نسبة زواج اللبنانيات، وبالتالي ارتفاع نسبة العنوسة المرتفعة أصلاً.

للرجال رأي…

عندما تحارب المرأة المرأة، وتقاسمها “النصيب”، يرتفع صوتها وتصبح كل واحدة منهما تتحدّث عن سلبيات الأخرى… هذا هو لسان حال معظم الرجال الذين يرون في ما يخص موضوع “اللاجئات السوريات” رؤية مغايرة.

“من حق الأب أن يبذل جهده للحفاظ على عرضه وألا يفوّت أيّة فرصة تصب في مصلحة ذلك”، بهذه العبارة يبرّر رامي عوّاد للآباء السوريين موافقتهم فيما يخص زواج بناتهم، يقول ان الناس لا يرحمون، وما أكثر من يتمتّعون بأخلاق دنيئة قد تدفعهم الى اقتراف الأفعال المشينة. ويروي عوّاد قصّة احدى سوريات الحي الذي يقطنه، التي تعرّضت الى حالة اغتصاب، ما اضطرّها للهروب من المنزل مخافة أن يقتلها أهلها، ومنذ ذلك الحين توارت عن الأنظار. ليختم بالقول “الله أعلم شو مصيرها هلأ”.

تسهيلات

“بـ 100دولار بجيب وحدة سوريّة ومن حلب كمان”… ما أكثر الرجال الذين باتوا يرددون هذه العبارة ليلَ نهارَ على مسامع زوجاتهم أو خطيباتهم… عبارةً تحمل في طيّاتها الكثير من الوقائع، فالى مدى تُعَدُّ صحيحة؟

لعلّ الوضع الاقتصادي المتردّي الذي يعانيه شباب لبنان، وفي موازاة ذلك المهور العالية التي يطلبها أهالي العروس، عدا المتطلّبات الأخرى كتأمين شقة أو ما شاكلها، لجأ كثيرون الى اختيار زوجة من أبناء الجمهورية العربية السورية، تكون – حسب أحدث الأمثال الشعبية المتداولة – “للصيف، وللضيف، ولغدرات الزمن…”.

عباس اسماعيل، الشاب العشريني يحكي لنا تجربته عن زواجه من سوريّة، يقول: تعرّفت عليها عن طريق أحد أقربائي، سمعتها كانت جيدة ومهذبة، وعندما ذهبت لخطبتها، لم يكن عند والدها أية متطلّبات، المهر كان 1000$، وها نحن اليوم تزوّجنا، وتسكن معي في غرفة عند أهلي”، وعندما سألناه عن تأثير ذلك برأيه على نسبة العنوسة في لبنان، أجاب بالاشارة الى أنّ أحداً لا يأخذ نصيب أحد.

المهور المنخفضة لبنات سورية المقيمات في لبنان بعد الأزمة، وفي الوقت الذي يعتبرها البعض دلالة على “السعر البخس للمرأة السورية اليوم”، يقول كثيرون ان هذا هو الخيار الأنسب، وهكذا يكون الأهل قد ساعدوا بناتهم على بناء أسرة مستقرة، في ظل الأوضاع المتأزّمة.

وفيما يبدو الوضع على ما هو عليه، تشير لاجئات سوريات عديدات الى المظالم التي يتعرّضن لها في لبنان، قائلات: “هربنا من الموت، لنعيش في الذل”.

مقالات ذات صلة