اخبار الوطن العربي

مسلسل التوطين، تابع…

يؤكد الدستور اللبناني في الفقرة “ط” من مقدمته ان ارض لبنان واحدة لكل اللبنانيين والا فرز لشعبه على اساس اي انتماء كان ولا تجزئة ولا تقسيم ولا توطين.

والتزاما بمبادئ الدستور يمنع قانون تملك الاجانب في مادته الاولى “تملك اي حق عيني من اي نوع كان لأي شخص لا يحمل جنسية صادرة عن دولة معترف بها او لاي شخص اذا كان التملك يتعارض مع احكام الدستور لجهة رفض التوطين”. ووفقا للمادة 16 منه “يعدّ باطلا بطلانا مطلقا وبحكم غير الموجود كل عقد او عمل يجري خلافا لاحكام هذا القانون وللنصوص التي تصدر من اجل تعيين اصول تطبيقه. ويعاقب من اقدم عليه واشترك و تدخل فيه بأي وجه من الوجوه ومن قام بتصديقه او تسجيله مع علمه بأمره، بالاشغال الشاقة الموقتة او بغرامة تتراوح بين قيمة الحق العيني وثلاثة اضعافها”.

و من هنا تبدأ القصةَ !

فمنذ سنوات يقدم لبنانيون على بيع ممتلكاتهم بموجب عقود اقرار بيع لفلسطيننين امام بعض الكتاب العدول. وتحت حجة ضرورة تسجيل العقار في السجل العقاري لتثبيت الملكية ، وهو امر تحرّمه القوانين اللبنانية على الفسلطينيين، يوافق هؤلاء الكتاب على تصديق مثل هذه العقود التي لا تكرّس التمليك بنظرهم وتغض السلطات المعنية النظر عنها.

الا ان ما فات البعض، ان في احد نصوص العقود المسربة في ال 2010 المصدقة لدى احد الكتاب العدل في الشياح، يقر (م.أ) بائع ملك في منطقة عين عنوب ان “الاقرار والتعهد نهائيين لا رجوع عنهما وهما ملزمين له ولورثته من بعده، صالحين للتنفيذ مباشرة لدى كافة المحاكم المختصة، وفي حال وفاة البائع فان الملكية تنتقل حكما الى الفلسطينية مريم ابراهيم دياب او ابنها او الى اسم من يريدان في حال ارادا بيعها”. وفي حرفية عقد اخر مصدق لدى احدى الكاتبات العدل في الشياح ايضا في ال 2013، باعت فيه اللبنانية (ن.ع) جزءا من عقارها في منطقة المزرعة لصالح الفسلطيني محمد محمد، “حل فيه الشاري محل البائع بكافة الحقوق والموجبات واعطي حق التصرف كما يشاء، مثل تصرف المالك بملكه من دون اي معارضة او منازع…”

هذه العقود هي غيض من فيض وعند هذا الحد يحذررئيس جميعة الارض اللبنانية طلال الدويهي من محاولة توطين عبر عقود تحفظ حق الفسلطيني بالتملك خلافا للدستور، اذ ان الاقرار بالبيع فيها واضح وصريح.

يتحدث الدويهي عن اكثر من عيب في العقود. اولا لمجرد الذكر ان البيع تم بكامل هوية الشاري ببطاقة خاصة باللاجئين الفسطينيين خلافا للدستور اللبناني. ثانيا عبر نصوص العقود التي تملّك الفسلطيني وتمنع ايا من الورثة اللبنانيين من المطالبة بعدم استعمال المالك لملكه. اما المخالفة الاكبر التي يرتكبها الكتاب العدول فهي ابرام عقود اقرار غير قابلة للعزل من دون الحاقها بعقود لنفي للملكية، ما يجعل من ذريعة وجوب التسجيل في الدوائر العقارية، تفصيلا لا ينفي ملكية الشاري.

من الوجهة القانونية ينبه المحامي انطوان سعد من تكريس واقع منعه الدستور عبر هذه العقود، اذ لا يجوز للكتاب العدول اعطاء بدء عينة لاثبات ملكية الفسلطينيين خوفا من ان تسهى بعض المحاكم عنها وتسمح ببت اثبات التملك او الاشغال او التصرف بعقار معيّن، حتى لا يتكرس واقع عرفي جديد او اجتهادي جديد، لأن الدستور واضح لجهة منع التوطين.

مستندا الى قانون تملك الاجانب يؤكد صفير ان كل ما بني على باطل هو باطل وبالتالي فان اي عقود مبرمة بهذه الطريقة هي التفاف على القانون وعلى الدستور بشكل اساسي، الذي يرعى عمل الموظفين الاداريين وحتى العلاقات بين الافراد لناحية البيع والشراء.

يتمسك المتابعون لهذا الملف بقانون تملك الاجانب الملتوي الذي ابطل المجلس الدستوري مواده المتعلقة بتمليك الفلسطينيينن، معتبرين ان هكذا اجراء سيسمح بادخال الكيان الفسلطيني الى المجتمع اللبناني لاسباب سياسية معروفة. في هذا الاطار يتحدث الدويهي عن حوالى ال 500 مخالفة على مختلف الاراضي اللبنانية ، تشهد على عمليات بيع لا بأس بها من مسيحيين الى فلسطينيين غير مسيحيين.

اليوم يطلق المطلعون صرخة بعيدة كل البعد عن العنصرية. صرخة مبدأية في ظل وضوح الدستور وهشاشة قانون تملك الاجانب. فالسكوت عن المخالفة بنظرهم هو تكريس مبطن للتوطين وغض الطرف عنها هو تواطؤ سيسهم في تهجير المسيحيين وتحويلهم الى اقلية مهدورة الحقوق.

اليوم، وبعد ان قُدّمت مذكرة بالمخالفات لوزير العدل اشرف ريفي منذ وقت غير بعيد، وضعت الوثائق مجددا بين ايدي المرجعيات المسيحية وفي طليعتها بكركي، تحت طائلة التحرك قبل فوات الاوان.

لارا الهاشم | ليبانون ديبايت

2015 – تشرين الأول – 28

مقالات ذات صلة