اخبار الوطن العربي

الرواية الكاملة لاقتراح قانون استعادة الجنسية للمغتربين

اثنتا عشر عامًا مرّت على تقدم النائب نعمة الله أبي نصر اقتراح قانون استعادة الجنسية للمتحدرين من أصل لبناني و اقتراح القانون ما زال يراوح مكانه ،مرة جديدة يشعر المغترب اللبناني ان الدولة لا تريد منه سوى تحويلاته المصرفية و دعمه الامحدود للاقتصاد وتعمد الى تهميشه من الحياة السياسية وحرمانه من ابسط حقوقه الطبيعية وهو حقّه أن يكون لبنانيا.

لماذا اقتراح القانون ؟

تعود المشكلة الى معاهدة لوزان سنة 1923 التي حددت جنسيّات الأشخاص الذين عاشوا في ظل السلطنة العثمانية واعتبروا حينها لبنانيين فقط من كانوا يقيمون في دولة لبنان الكبير أثناء توقيع معاهدة لوزان، و بالتالي حّرم اللبنانيين الذين كانوا قد هاجروا من لبنان بسسب المجاعة و الحرب العالمية الاولى من الحصول على الجنسية اللبنانية.

وبالرغم من اعطائهم مهل محددة للتقدم من السفارات اللبنانية في الخارج للتصريح عن لبنانيتهم الأ ان طلباتهم اهملت و لم تنفذ الدولة اللبنانية القسم الأكبر منها ،هنا تبرز اهميّة اقتراح القانون في اعادة المجال لهؤلاء لكي يستعيدوا جنسيتهم و في تبسيط آلية اكتسابهم الجنسية، اذ ان الالية المتبعة حاليا معقدة جدا و في اغلب الحالات يتوفى المغترب قبل استحصاله على الجنسية اللبنانية.

تسلسل مسار اقتراح القانون

في بعض خفايا المسار الشائك لاقتراح القانون، أنه بعد ان قبع في مجلس النواب عدة سنوات و بعد أن كانت قد وافقت عليه لجنة الادارة و العدل تم تحويله الى لجنة الدفاع النيابية ( و ما علاقة لجنة الدفاع ؟) فرفضت الاخيرة القانون، وطلبت بأن يتم ارساله بموجب مشروع قانون من الحكومة كون قانون الجنسية من الموضوعات الأساسية التي تحتاج الى موافقة ثلثي عدد اعضاء مجلس الوزراء مجتمعا، وذلك سندًا للمادة 65 من الدستور.

بعد جهود جبارة قام بها الوزير ميشال ادّه في سبيل تأمين الاجماع الوزاري حوله تمّت الموافقة عليه واعيد ارساله الى مجلس النواب، ليصار الى تحويله للجنة فرعية منبثقة عن اللجان المشتركة، وهناك بقي يُراوح مكانه ما يزيد عن السنة بسبب الاعتراضات على بعض بنوده أبرزها اعتماد آلية اثبات جذور المغترب اللبنانية.

بهدف اعادة تحريك اقتراح القانون عقد المحامي لوران عون ،المعروف بدفاعه عن حقوق المغتربين ، عدة لقاءات مع الوزير سمير الجسر للوصول الى قواسم مشتركة حول بنوده وقد توجت هذه اللقاءات باستضافته الوزير ميشال اده وبعض اركان مؤسسة الانتشار والوزير سمير الجسر على غداء عمل وقد تم التوافق خلاله على ما يلي :

– اعتماد سجلات النفوس الصادرة بعد اعلان دولة لبنان الكبير كوسيلة اثبات ” لبنانية ” المغترب.

– اعتماد السجلات الحكومية دون سجلات الطوائف.

– عدم حاجة طالب استعادة الجنسية ان يمكث ثلاثة اشهر متتالية في لبنان.

وقد تم الاتفاق على التواصل مع نواب اللجنة الفرعية المنبثقة عن اللجان المشتركة لنيل موافقتهم على التعديلات التي اتفق عليها المجتمعون تمهيدًا لإقرارها.

اقتراح القانون الى اللجان المشتركة مجددًا

بذلت جهود كبيرة لنيل موافقة اللجنة الفرعية على البنود التي اتفق عليها الا أنّه و بعد فقدان الأمل، تدخّل البطريرك الراعي لدى الرئيس نبيه برّي فأعيد تحويله الى اللجان المشتركة بالتزامن مع صدور أصوات تعارض القانون وأخرى تطالب بربطه بحق المرأة اعطاء الجنسية لأولادها.

وبعد كل هذا ظل القانون معلقا، الى ان بدأت طاولة الحوار التي دعا اليها رئيس مجلس النواب نبيه بري، حيث رافقها الكثير الكثير من المشكلات العالقة، بما فيها موضوع تشريع الضرورة وحتمية انعقاد المجلس لتشريع عشرات القوانين المرمية في أدراج اللجان المشتركة، ومن بينها بالدرجة الاولى قانون الانتخاب وقانون استعاد الجنسية.

وبناء عليه عاد الجدل بين معارض وموافق، وبعد اصرار الرئيس بري على الدعوى لجلسة تشريعية، اتخذ تكتل التغيير والاصلاح والقوات اللبنانية موقفا حازما بعدم حضور الجلسة التشريعية ما لم يكن قانون الجنسية مطروحا على جدول اعمالها.

الامر الذي دفع بعجلة الضغوطات، فوضع القانون واخيرا على جدول اعمال الجلسة التشريعية المقبلة والتي حددها الرئيس بري يومي 12 13 من الشهر الجاري ، الا ان المسألة لم تتوقف هنا فوضع القانون على جدول اعمال الجلسة لم يثن وزير الصحة وائل ابو فاعور باعلانها صراحة “ان هذا القانون لن يمر”.

وبالتالي يبقى مستقبل قانون الجنسية على المحك بين تجاذبات السياسيين سواء الرافضة أو الداعمة، وبين ما ستنتجه الجلسة التشريعية.. فاما تحدث انجازا نوعيا باسترداد حق من حقوق المواطنين واما تفشل في الاتفاق كما جرت العادة.

ليبانون ديبايت

2015 – تشرين الثاني – 05

مقالات ذات صلة