المقالات

إلى متى سيستمر هذا الوضع الفلسطيني البائد سيد الموقف …؟!

إلى متى سيستمر هذا الوضع الفلسطيني البائد سيد الموقف …؟!

د. احمد محيسن – برلين

هذه هي ثقافة شعبنا العربي الفلسطيني بالفطرة.. هي ثقافة الصمود والتحدي والمقاومة .. فكل مناحي حياة شعبنا مجبولة بعشق الوطن والتمسك بثوابته .. والتحريض على مجابهة الإحتلال.. واستنهاض الهمم .. وعدم الخنوع والإستسلام للواقع المرير الذي يحاول الإحتلال وأذرعته فرضه علينا.. فمأكلنا ومشربنا وفننا وتراثنا .. وجهته هي الصمود والمقاومة…!!

هي مقاومة بكل أشكالها وأنواعها.. رضعناها مع حليب أمهاتنا .. خاصة المقاومة المسلحة منها.. فقد كفلتها لنا واعترفت بها كل الشرائع والأعراف والقوانين الدولية .. وحرضت على ممارستها ضد الإحتلال كل الأديان السماوية .. ومارستها كل الشعوب التي تحررت وكانت ترزح تحت نير الإحتلال.. واعتمدتها ثورتنا الفلسطينية كخيار استراتيجي في انطلاقاتها .. رغم إدراك شعبنا وقوى مقامته باختلال موازين القوة المسلحة مع الإحتلال.. ولم يكن ذلك محض صدفة أو عدم تقدير للموقف أو حشف وسوء كيل .. لكن هذه المقاومة هي السبيل الوحيد الأنجع والطريق الأقصر والأسرع .. لإجبار الإحتلال على الرحيل .. ولملمة ما تبقى من ذيوله إلى غير رجعة…!!

فالإحتلال يشكل القوة الباغية المعتدية المغتصبة للأرض وللعرض وللمقدسات .. والتي تسببت في هجرة أبناء شعبنا وتشتته في أصقاع الدنيا.. والعيش في مخيمات اللجوء .. وقد تم ذلك بقوة السلاح .. وقد كفلت الشرعية الدولية شرعية وقانونية المقاومة .. وتعهدت بمساندة ودعم كل قوى التحرر في العالم في نضالها ضد المحتل الغاشي .. ونص على ذلك ميثاق هيئة الأمم المتحدة .. وأتت معاهدة لاهاي واتفاقية جنيف ..تتناغم مع شرعية المقاومة وتأييدها وشرعنتها قانونياً وأخلاقياً…!!

وشعبنا العربي الفلسطيني يعد رأس حربة بين الأمم في تصديه للإحتلال ومقاومته .. لكي يستعيد حقوقه المسلوبة ويحرر أرضه ومقدساته.. ومنذ اليوم الأول الذي دنس الإحتلال فيه أرض فلسطين .. كانت المقاومة تتوالد من رحم هذا الشعب العظيم ومعه أحرار الأمة.. وقدم من أجل ذلك شعبنا الشهداء .. وسالت الدماء الزكية على ثرى الوطن.. وكان العهد والقسم .. بأن تستمر الثورة وأن تستمر الشعلة .. حتى التحرير والعودة .. ونيل الحرية والإستقلال .. وكنس الإحتلال…!!

وجرب شعبنا كل أساليب وأشكال وأنواع النضال والمقاومة.. وجرب شعبنا أيضاً .. ما يسمى بالمفاوضات السلمية مع الإحتلال منذ أيلول ‏من عام 1993 .. أي منذ أكثر من ثلاث وعشرون عاماً .. لم تسفر تلك المفاوضات إلا عن عبثيتها كما وصفها الشهيد المغدور أبو عمار .. ولم تسفر إلا عن المزيد من الإستيطان .. والتهويد والقتل والإعدامات الميدانية .. والتدمير والتشريد وهدم البيوت .. والإستيلاء على الأراضي وسرقتها ومصادرتها .. وبناء جدار الفصل العنصري الذي مزق الأرض الفلسطينية .. ومزيداً من الإعتقال والأسر .. ولم يحقق شعبنا من تلك المفاوضات سوى الدمار والتراجع .. لأن المفاوضات مع العدو تحتاج لقوة تحميها .. حتى لا تكون إملاءات كما في حالة المفاوض الفلسطيني.. وكانت فترة المفاوضات وما زالت تشكل للإحتلال غطاءً في تنفيذ مخططاته الإحتلالية …!!

وقد تم التصدي خلال هذه الفترة من المفاوضات ومنذ أوسلو للإنتفاضات الفلسطينية.. وخلق التنسيق الأمني مع الإحتلال

.. ونجم عن ذلك أيضاً بروز طبقة سياسية فلسطينية لا تلبي طموح أبناء شعبنا.. مستفيدة من الوضع القائم على أكثر من صعيد .. وتعلن بصراحة وبملء فيها .. بأنها تتبنى فقط المفاوضات مع الإحتلال كأسلوب للتحرير وتحقيق آمال شعبنا.. وتشجب وتدين المقاومة المسلحة وتعمل على وئدها…!!

فقد غابت المؤسسات الفلسطينية وأصبحت مصطلحات ودمى وأدواة وديكورات .. تستخدم منهم فقط لحاجتهم لها في كتابة البيانات وتغطية وشرعنة القرارات باسمها .. فلا منظمة تحرير ولا مجلس مركزي ولا مجلس وطني ولا مجلس تشريعي ولا مؤسسات موجودة على الأرض .. بفعلها وآدائها وحضورها .. فكلها هلامية لا وجود لها على أرض الواقع.. وبرلمان الشعب الفلسطيني المتمثل في المجلس الوطني الفلسطيني المعطل والمغيّب .. وهو الهيئة التمثيلية التشريعية العليا للشعب الفلسطيني بأسره داخل فلسطين وخارجها.. ويعبر عن إرادته وعزته وكرامته .. الذي يفترض أن يجتمع كل عام .. فقد غاب منذ عام 1988 أي اكثر من ثمان وعشرون عاماً …!!

وأما ما حصل في بيروت مؤخراً حول موضوع انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني.. إنما هو ذَر للرماد في العيون واستعراض لعضلات القيادة في تثبيت ومسمرة مساحتها على كرسي القيادة..!!

فإلى متى سيستمر هذا الوضع البائد سيد الموقف …؟!

ومتى سيدرك هؤلاء بأن عبثية المفاوضات قد وصلت القاع.. وحان الوقت للعودة إلى فطرتنا.. وفسح المجال لشعبنا بأن يمارس حقه في مقاومة المحتل…؟!

برلين في 21/01/2017

مقالات ذات صلة