المقالات

إضراب الأسرى وتكامل النضالات الفلسطينية

يوم الأسير الفلسطيني في 17 نيسان/إبريل لهذا العام 2017 جاء بهياً ولائقاً بأسرانا الذين بدأوا إضراباً مفتوحاً عن الطعام في اليوم ذاته. لقد شاركتهم جماهيرنا الفلسطينية في أرجاء الوطن المحتل كافة، وفي الشتات، كما جزء كبير من جماهيرنا العربية ومؤسسات تضامنية مع شعبنا، بمسيرات واعتصامات وتظاهرات وندوات وأشكال أخرى من التضامن، والتي ستستمر طيلة بقاء الإضراب.

د. فايز رشيد
د.فايز رشيد

كنت في السجن حين قمنا بإضرابات متعددة، لذا أشعر تماماً بالانعكاس الإيجابي والفرح الشديد والإمداد بالقوة الإضافية للنشاطات التضامنية، في مواجهة السجانين الغزاة، فهذا التأييد الشعبي الفلسطيني والعربي والعالمي، هو في غاية الأهمية للمضربين في معركة الإرادات، المعركة التي لا يمتلك فيها السجناء غير إرادتهم في مواجهة الجلادين، الذين يمتلكون كل الأسلحة، وهم فاقدو الإرادة، لأن لا انتماء لهم لهذه الأرض الفلسطينية الخالدة، خلود الأزل الفلسطيني العربي الكنعاني اليبوسي الأصيل.

الفاشيون لا يدركون حقيقة الفلسطيني العربي، وبالتالي لا يقدّرون صلابته ولا استعداده للدفاع عن معركته التي يخوضها، إضراباً كانت، أم معركة في سبيل انتزاع حقوقه من براثن هذا العدو المتعطش لدمائنا، الملاحِق للفلسطينيين أمواتاً وأحياءً، فيقوم بإخفاء جثثهم عن ذويهم، ويضيع معظمها، كما نُشرَ مؤخراً، هذا العدو الذي يعتبر الفلسطينيين واالعرب، أرقاماً فقط ! وبذلك فهو يعيد إنتاج التجربة النازية، في وضع الأرقام وليس الأسماء في معاصم السجناء… ما أشبه اليوم بالبارحة، غير أن ما لا يدركه العدو الصهيوني، هو أننا فلسطينيون، أسرى أو تحت الاحتلال، أو في الخارج، لم نكن، ولسنا، ولن نكون هنوداً حمراً (مع الاحترام والتضامن الكبير مع حقوقهم) . نحن شعب يتزايد، يورث الأجداد أبناءهم وأحفادهم، مفاتيح البيوت التي هُجّروا منها قسراً. في صدر كل بيت تجد المفتاح معلّقاً، وكأنه حرز مهم.

أسرانا يضربون ويناضلون من أجل تحقيق مطالبهم الإنسانية البسيطة، من أجل تحسين أكلهم، وطبابتهم وظروف معيشتهم اللاإنسانية، والشديدة القسوة. ما زال الجلادون يمارسون الاعتقال الإداري، رغم وعودهم للمضربين وللجنة السجناء، بوقفه. العدو الصهيوني لا يعترف باتفاقيات ولا يحترمها من الأصل، فقد أعاد اعتقال غالبية المفرج عنهم في صفقة شاليط! وما زال يمارس العزل الإنفرادي لأسرانا، وخاصة قادتهم، ولسنوات طويلة. ما زال يمنع زيارات الأهل للأسرى! ويقوم بنقل الأسرى إلى سجون متعددة، ما زال يستعمل كل الأساليب اللاإنسانية في محاربة الأسرى. حتى المحكمة العليا “الإسرائيلية”، أجازت تعذيب الأسرى الفلسطينيين. لقد سنّ الكنيست الصهيوني في العام 2016 قانونا، بعدم محاسبة الجنود “الإسرائيليين”، الذين يقتلون الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، إذا ما شكّ الواحد منهم في الفلسطيني، بأنه يحمل سلاحاً أو حتى سكينا يهدد بها الجنود!.هذا إلى جانب 13 قانوناً، سنّتها من قبل ومتعلقة بالأسرى.

نعم، اليوم تخوض حركة الأسرى الفلسطينيين معركتها الشرسة ضد المعتدين الصهاينة، هذه التي أصابت بالاعتقال والتعذيب والقهر، نحو مليون فلسطيني على مدار سنوات الاحتلال.

وبحسب التقرير الصادر عن كل من هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني والجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فإن «سلطات الاحتلال تمارس أبشع الانتهاكات والأساليب التنكيلية بحق الأسرى من الأطفال» ولفت إلى قيامها «باعتقالهم ليلاً، والاعتداء عليهم بالضرب المبرح أمام ذويهم، واقتيادهم مكبلي الأيدي والأرجل ومعصوبي الأعين، وتعرضهم للتحقيق المصحوب بالتعذيب النفسي والجسدي، وإجبارهم على توقيع أوراق بدون معرفة مضمونها». لقد ارتفع أعداد الأطفال الجرحى بسبب قيام قوات الاحتلال بإطلاق النار عليهم قبل عملية اعتقالهم، بما تسبب لمعظمهم بإعاقات جسدية، ومنها دائمة.

لقد استشهد 210 أسرى في سجون الاحتلال. وقامت سلطات الاحتلال منذ عام 1948، بعمليات إعدام جماعية بحق أسرى فلسطينيين، عبر إطلاق النار عليهم إبان إلقاء القبض عليهم وهم أحياء، زاعمة محاولتهم الهرب. نعم، هذا هو العدو الصهيوني. حق الأسرى علينا وعلى أمتهم كبير ويحتّم: استمرار نشاطات التضامن معهم، والقيام بأكبر حملة إعلامية لتوضيح حقيقة ظروف اعتقالهم اللاإنسانية، وتصعيد الضغط على سلطات الاحتلال الفاشي الصهيوني، للاستجابة لمطالبهم.

في ذكرى يوم الأسير الفلسطيني، وبمناسبة إضراب الأسرى الحالي، علينا التأكيد على ما يلي: أهمية التضامن مع المطالب المحقة لأسرانا، دعم صمودهم بكافة الأساليب والطرق، محلياً وعربياً، إقليمياً ودولياً. إن شعبنا ما يزال يعيش معركة التحرر الوطني بكل أبعادها ومقاييسها، وبالتالي لا بد من تكامل النضالات الفلسطينية كافة معاً. نعم، إن تناقض شعبنا الرئيس هو مع سلطات الاحتلال، وبالتالي في المعارك الوطنية، مثل معركة الأسرى الحالية، لا بد من تسييد المظهر النضالي الرئيسي، وهو الوحدة الوطنية الفلسطينية، بعيداً عن التجاذبات والاستقطابات الفصائلية.

د. فايز رشيد /كاتب فلسطيني

مقالات ذات صلة