اخبار مخيم البداوي

صفحة البداوي… عاجقة || ميسون مصطفى

مخيم البداوي، ولد فايسبوكياً في 23 آب 2012، فاحتفل بولادته عدد من أبناء المخيم عبر صفحات الإنترنت، إذ أصبح لمخيمهم صفحة يكثر ويزداد عدد زوارها يومياً.

يزورها أهل الدار، «الأصدقاء والأعدقاء»، كما الجوار، ويتلقفها المسافرون بشغف كبير. عنها يقول المشرفون: «في ظل سعينا السابق لتوحيد صفحات مخيم البداوي، أتت هذه الصفحة لتكون أرشفة لجميع نشاطات المخيم عبر فيديوات وصور خاصة وبث مباشر لبعض النشاطات».

تدخل الصفحة، فتجد صوراً قديمة جداً، يبحث عنها مشرفو الصفحة بدقة وعناية في ألبوماتهم الشخصية وغير الشخصية، في قصاصات الجرائد، وصفحات الإنترنت. ذكريات المخيم تعج صوراً. صور تحاكي المعاناة والهم اليومي وحارات المخيم الضيقة وشوارعه، وأخرى تحكي عن الثورة الفلسطينية وأمجادها، أعراس المخيم ومناسباته القديمة، شخصيات حية وأخرى فارقته، فيما بعضها الآخر ينقل أنشطة المخيم الاخرى.

وفي هذا الإطار _ والكلام هنا نقلاً عن الصفحة _ فإن «صفحة مخيم البداوي ليست حيادية، بل متحيزة لمصلحة شعبنا. نبتغي من خلالها تبيان نشاطات المخيم وإيصال أخباره إلى المسافرين والمحبين. يمكنكم المشاركة في مجموعة البداوي عبر إرسال الأخبار من صفحاتكم الخاصة أو عبر الرسائل، ونحن سننقل المواد الى هنا بطريقة مرتبة وسهلة للوصول، كذلك يمكنكم التعليق على الصور والبوستات». أدوات بسيطة جداً يستعملها مشرفو الصفحة، بعض الصور الحديثة تلتقط أحياناً عبر الهواتف النقالة، والكاميرات الشخصية، والبحث عن أي شيء يخصّ المخيم إن كان مصدره «إنترنتياً» أو مخيماتياً، أي من بعض المعارف.

لعل أكثر ما يثير الدهشة هو تلك العاطفة التي تدفع بالبعض، من الذين عاصروا المخيم منذ أكثر من أربعين عاماً، إلى العودة إلى ذاكرتهم البصرية من ألبومات وصور معلقة في منازلهم والتبرع بها للصفحة. وهذا إن دل على شيء فعلى كون الفلسطيني اللاجئ في المخيم يريد أن يتشارك ذاكرته الشخصية مع الذاكرات الشخصية لأترابه وأهل مخيمه.

فهذا التشارك سيراكم ذاكرة بصرية تصبح بمرور الوقت هوية لأهل المخيم، تجمعهم وتربطهم، ولو كان في الوجود المؤقت. تتحرك المشاعر عند رؤية صور الأبيض والأسود للمعسكر القديم الذي كان مكاناً للتدريب العسكري أيام الثورة، وأصبح في ما بعد ملعباً لكرة القدم، ثم تحول أخيراً إلى شقق سكنية محت معالمه.

إلا أن الصور القديمة ما تزال تشهد أنه هنا كان المعسكر. حينما تتنقل بين الألبومات، يلفتك أن أكثر رواد الصفحة هم من المغتربين الذين يطلبون تصوير أزقة المخيم وحاراتهم التي ولدوا وترعرعوا فيها، وعند رؤيتهم للصور يعلقون «يااااه! أديه متغيّر المخيم!»، أو يرسلون صورهم الشخصية كي يشعروا أنهم لا يزالون في المخيم ولو فايسبوكياً.

تحرك الصفحة العواطف، فيجتمع فيها الكل كحارة ضيقة أو شارع من شوارع المخيم، وتدور بينهم أحاديث حقيقية في عالم افتراضي، هو أقرب ما يكون إلى شبكة من الانتماء العاطفي.

ميسون مصطفى

مقالات ذات صلة