المقالات

الوضع في سوريا.. اوباما لا يريد أو لا يستطيع

في الرابع من حزيران كانت فرنسا أول دولة قضت “بيقين” بأن النظام السوري يستعمل سلاحا كيميائيا في الحرب الأهلية الوحشية التي لا تنتهي. وسارعت لندن الى موافقة باريس. ولم تدع صور الفظاعة من بلدة خان العسل في ريف حلب في شهر آذار أحدا غير مكترث. وقد أمر الأسد – بتوجيه شخصي، حسب ما تقول جهات استخبارية غربية – جيشه باستعمال سلاح كيميائي. وتلعثمت واشنطن فقط.

وكانت أمس (الأول) صور فظاعة من سوريا مرة اخرى، كانت هذه المرة من حي جوبر في ريف دمشق. وتشير جميع الدلائل الى ان الجيش السوري استعمل غاز السارين مرة اخرى بواسطة صواريخ موجهة على هدف حظي المتمردون فيه بانجازات في الأيام الأخيرة، وكانت نتيجة ذلك حسب تقارير المعارضة السورية مئات القتلى وفيهم نساء وأولاد. والصور فظيعة. وقد حذرت وسائل الاعلام في الغرب المشاهدين من أن الصور مشاهدتها مؤلمة. وينبغي أن نأمل اذا ثبت صدقها ألا يلعبوا في ذلك الوقت في واشنطن الغولف أو لعبة الورق. واذا كان ما زال يوجد شيء قليل من الاخلاق في عالم منافق فان الأسد يجب ان يمضي رغم البديل غير الواعد.

بيد ان واشنطن في مشكلة حقيقية، فقد بين رئيس الأركان العامة هذا الاسبوع فقط الجنرال مارتن دامبسي ان الولايات المتحدة يجب ألا تتدخل عسكريا فيما يجري في سوريا.

وليس زعمه غير منطقي تماما اذا أخذنا في الحسبان البديل الذي ينتظرنا بعد فترة الأسد، لكن ماذا عن “كلمة القوة العظمى”؟ ألم يتحدث اوباما عن خط أحمر حينما كان يقصد استعمال نظام الأسد للسلاح الكيميائي.

إن هذا الخط الأحمر قد تم تجاوزه في شهر آذار حينما ثبت أنه استعمل السلاح الكيميائي، لكن اوباما لم يفعل شيئا آنذاك، فماذا يكون هذه المرة؟ إن اميركا اليوم غير ذات صلة في مصر. والويل لها – ولنا – اذا كانت هذه هي الحال في سوريا ايضا. وفي الحالة السورية، خلافا لمصر يكمن الروس في الزاوية. فيجب على واشنطن ان تأخذ الأمور بيديها فان لها عددا كافيا من الشريكات الاقليميات التي تستطيع ان تساعدها. ألم يوجب اوباما علينا بسبب ذلك ان نصالح تركيا؟ ومع هذا الايقاع سيبقى الأسد وسنعود نحن الى مشاجرة تركيا.

إن سوريا منذ 15 آذار في تدهور دائم. وقد سقط أكثر من 100 ألف قتيل ووجد 1.7 مليون لاجيء. وسيكون من الصعب على العالم ان يقول لم نر ولم نعلم ولم نسمع.

ينظر الأسد حوله ويدرك ان اوباما لا يريد أو لا يستطيع أو لا يعلم ببساطة ماذا يفعل، ويجعل رئاسته في الشؤون الخارجية بذلك محرجة. وفي هذه الاثناء وفي الوقت الذي يذبح فيه الأسد أبناء شعبه ويحتفظ بحكمه تأمر محكمة في القاهرة بالافراج عن الرئيس مبارك بعد ان تمت تبرئته من جنايات فساد. وما زال مبارك لم ينه الأمور مع المحكمة لكن أي انتقام حلو لمن يخلف وراءه في السجن مرسي وزعيم الاخوان بديع ووريثه المشير الطنطاوي الذي لم يحفظه وأصبح اليوم عاطلا عن العمل. إن الثورة المصرية تأكل بنيها كالثورة الفرنسية بالضبط.

وفوق كل شيء يجب أن يسأل اليوم في اسرائيل السؤال البسيط التالي: أية رسالة بالضبط ينقلها اوباما بسلوكه في الشرق الأوسط الى ايران؟.

اسرائيل اليوم، 22/8/2013

الحياة الجديدة، رام الله، 23/8/2013

مقالات ذات صلة