المقالات

هل اقتربنا من المعركة الكبرى؟

وهل اصبح التفجير الشامل واقعا لا محال؟

منذ فترة زمنية طويلة والمنطقة تشهد تطورات وتوترات كبيرة، تتصاعد احيانا وتنخفض احيانا اخرى بحكم العديد من العوامل المؤثرة إقليميا ودوليا، وكانت تتم السيطرة عليها وتمنعها من الإنفجار و تبقيها في اطار محدود .
اما الآن وفي ظل التطورات القائمة محليا ودوليا لم تعد السيطرة على الأوضاع ممكنة، حيث باتت كل المؤشرات تشير بوضوح الى امكانية التفجير، وتنذر باقتراب حرب واسعة شاملة في المنطقة، تكون مفتوحة ويشارك فيها العديد من القوى، ولن تقتصر على جبهة واحدة.
حرب تشمل كل الساحات من فلسطين الى لبنان، ومن لبنان الى سوريا، ومن سوريا الى اليمن والعراق، وتبدأ بتوجيه ضربات قوية الى ايران تحت حجج و ذرائع مختلفة نستعرضها لاحقا.
ان المراقبة للأوضاع السائدة في المنطقة تشير الى ارجحية حصول هذا الاحتمال وحدوث ذلك، وتؤكد اننا ذاهبون الى هذا الخيار ربما في وقت قريب، كون المنطقة لم تعد تحتمل استمرار الوضع القائم كما هو او التعايش معه لوقت اطول، وبالتالي لا بد من العمل على تغييره. وتلتقى كافة اطراف الصراع على ضرورة التغيير وعدم الإستمرار في هذه الحالة ولكل اسبابه و منطلقاته و اهدافه التي يريد تحقيقها.

وفي هذه المقالة السريعة اود التوقف امام العوامل التي تدفع نحو خيار التفجير والذهاب إلى الحرب:

_أولا :العامل الفلسطيني
منذ فترة والأوضاع في الساحة الفلسطينية تشهد تطورات نوعية، خاصة في الضفة الغربية، التي شهدت مرحلة من الهدؤ في السابق باستثناء بعض المناطق مثل جنين. جاءت هذه التطورات بعد معركة سيف القدس وما أفرزته من نتائج وضعت النضال الفلسطيني على ابواب مرحلة جديدة، وبعد عملية نفق الحرية وبعد العمليات البطولية التي حصلت خلال هذه مثل عمليات القدس وتل ابيب، النقب، الخضيرة وجنين، نابلس، شعفاط ، الخليل، وحاجز زعترة، والعمليات البطولية في مدينة القدس، وما ترافق معها من عمليات القتل والاعتقال والقمع وفرض العقوبات الجماعية وهدم البيوت وقطع الأشجار، ومصادرة الأراضي وزيادة بناء المستوطنات والتوسع فيها، الى جانب الاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى، هذه الممارسات التي ازدادت بعد مجيء حكومة اليمين المتطرف والمستوطنين.
كل هذه التطورات اكدت ان الشعب الفلسطيني ضاق ذرعا بممارسات الإحتلال ولم يعد امامه من خيار سوى الذهاب لخيار المواجهة والمقاومة بعد ان فشل خيار المفاوضات وسقطت اوسلو.

_ثانيا: العامل السوري
التزايد المستمر في الأعمال العدائية ضد سوريا حيث استمرت الولايات المتحدة وتركيا جاثمتين على الأراضي السورية تحتلها وتستغل ثرواتها وتقدم الدعم للإرهابيين والانفصاليين وتفرض الحصار على سوريا والعقوبات، يترافق كل ذلك مع استمرار الإحتلال الصهيوني لمرتفعات الجولان وضمها رغم كل القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة، ليس هذا فحسب بل تقوم دولة الاحتلال بمواصلة العدوان على سوريا حيث تضرب في دمشق وحلب واللاذقية، وفي كل مكان تريده بدعم وغطاء من الولايات المتحدة وبعض الدول العربية، وكان آخرها قصف مطار حلب أثناء كتابة هذا المقال.
ان الوضع لم يعد يطاق وبالتالي سوريا لن تستمر في عدم الرد المباشر على هذه الاعتداءات وسوف تقوم بذلك.

_ثالثا: العامل اللبناني :
يبدوا ان الولايات المتحدة ودولة الكيان مارستا خداعا كبيرا للبنان والمقاومة عندما وقعت اتفاق ترسيم الحدود بما يضمن للدولة اللبنانية استخراج نفطها وغازها والاستفادة من ثرواتها، وقد اتضح ذلك من خلال الخطابات الاخيرة لسيد المقاومة حسن نصرالله الذي بدا فيها غاضبا ولكنه حازما وهو يشير إلى هذا الموضوع، ويؤكد المرة تلو الأخرى ان المعادلات التي رسمها الحزب سيبقى متمسكا بها، وبالتالي اذا راهنت دولة الكيان على الأوضاع القائمة في الساحة اللبنانية ولم تنفذ الاتفاق فإن الاستعدادات للمواجهة قائمة والذهاب للمعركة خيار مطروح بقوة.

_رابعا: العامل الإيراني
تزايد عمليات القصف (الإسرائيلي) لبعض المواقع الايرانية في سوريا التي تكثفت في الفترة الأخيرة
وليس هذا فقط وانما الذهاب للضرب في العمق الإيراني واثارة اعمال الشغب كما حصل مؤخراً في اصفهان وفي المظاهرات التي شهدتها بعض المناطق في ايران وازدياد عمليات الاغتيال للعلماء والعسكريين الإيرانيين وأعمال التجسس.
كل ذلك يؤكد أننا امام تصعيد واضح من قبل الولايات المتحدة ودولة العدو والتحضير لتوجيه ضربة كبيرة لإيران، وتحت حجج كثيرة منها عدم التوقيع عل الاتفاق النووي، ودعم (الإرهاب)، يسمون دعم المقاومة إرهابا وهم من خلقوا الارهابيين وقدموا لهم كل اشكال الدعم باعتراف قادتهم.

وهنا لابد من التوقف امام التصريحات الامريكية قبل أيام التي جاء فيها ان إيران اصبحت على بعد ١٢ يوم من انتاج القنبلة النووية ولماذا يتم التحديد بهذا الشكل وهل يرتبط مع موعد توجيه الضربة.
وعلينا ان نتابع أيضا الزيارات الأخيرة والمفاجئة التي قام بها وزير الدفاع الأمريكي ورئيس الأركان إلى المنطقة في هذا الوقت، وشملت الأردن ودولة الكيان وبعض الدول الأخرى في المنطقة الى جانب زيارة شمال سوريا الواقع تحت الاحتلال الأمريكي. وكل ذلك يأتي في اطار ترتيب وتهيئة الأجواء قبل الحرب،

خاصة ان (إسرائيل) والولايات المتحدة تؤكدا دوما ان ايران هي الخطر الرئيس في المنطقة وعلى امن (إسرائيل)، كما قال كوهين رئيس الموساد، (طالما ظل النظام الحالي قائماً في إيران مع الاتفاق النووي او بدونه فإن إيران تظل تشكل التهديد الرئيس لأمن إسرائيل والمنطقة).

_خامسا: العامل (الإسرائيلي)
ان ما تعيشه دولة الكيان من ازمة داخلية منذ مدة باتت تشكل خطراً جديا على وجودها وهذا ما عبر عنه بعض قادتها ومنهم باراك وغيره عندما قالوا هل تحتفل ( إسرائيل) في عامها الثمانين واضعين علامة استفهام حول ذلك. ان مايجري داخل الكيان وزيادة حدة الانقسام فيها بين الموالاة والمعارضة بين المتطرفين والاكثر تطرفا، والمظاهرات الكبيرة التي تحصل في الشارع والاحتجاجات في صفوف الجيش، والخلاف حول قضايا مهمة جدا قامت عليها دولة الكيان مثل القضاء وغيرها، تشير الى ان دولة الكيان تعيش ازمة مستعصية (هذا الأمر يمكن الحديث عنه في مقالة أخرى) يصعب الخروج منها وبالتالي قد تقوم بتصدير ازمتها الى الخارج عبر الذهاب إلى اشعال حرب في المنطقة.
قد يختلف معي البعض في ترجيح الذهاب إلى هذا الاحتمال ولديهم مبرراتهم واهمها ان الولايات المتحدة الأمريكية مشغولة الان في حرب أوكرانيا وتعطيها الاولوية على ما عداها ولن تكون قادرة على مساندة (إسرائيل)، وبالتالي يستبعد خيار الحرب، الا انني اقول ان خيار الحرب يبقى قائما ومرجحا للخروج من هذه الحالة. والايام القريبة القادمة سوف تجيب على ذلك.
كل هذه المؤشرات تؤكد اننا مقدمين على تطورات كبيرة عاجلة في المنطقة قد تكون الحرب الشاملة عنوانها الرئيس. واننا اصبحنا قاب قوسين أو أدنى من حصول المعركة الكبرى التي يبدوا أنها قادمة بشكل اسرع بكثير مما يتوقع البعض.
و السؤال الكبير الآن وفي ظل هذه المعطيات من سيبدأ هذه الحرب أولا…
اتمنى ان يكون محور المقاومة هو من يملك زمام المبادرة وعنصر المفاجأة لما لذلك من دور كبير في اي حرب تندلع.
اعتقد شخصيا وانا لست محللا عسكريا ولا خبيرا استراتيجيا، ان الأمور قد نضجت وان الخطط قد وضعت ولم يبقي سوى الضغط على الزر و اشعال الفتيل
وعلينا ان نكون جميعا في محور المقاومة مستعدين لذلك .

طارق ابو بسام
براغ، ‏08‏/03‏/2023

مقالات ذات صلة