شؤون فلسطينية

المسحراتي في القدس.. إحياء التراث محفوف بالمخاطر

يُعطي المسحراتي لمسة خاصة لشهر رمضان، في أزقة المدن التاريخية، ولكنه في مدينة القدس المحتلة، محفوف بالمخاطر، بسبب إجراءات سلطات الاحتلال الإسرائيلي.

فقبل وقت كاف من موعد السحور، تنطلق الأدعية والتواشيح من حناجر أربعة فلسطينيين، في حارة السعدية في القدس القديمة، لتذكير السكان بالاستعداد للصيام. ويستعين محمود بدر وأحمد قليبو وأحمد حواش ومحمد حواش بالطبل من أجل إعطاء عملهم لمسة إضافية أخرى، ويرتدي الشبان الأربعة زيا موحدا يعكس التراث الفلسطيني القديم.

لكن بهجة هذا العمل لا تكتمل، وينغص عليها ملاحقات الاحتلال للمسحراتي في شوارع المدينة. ففي العام الماضي، اعتقلت الشرطة الإسرائيلية عددا من المسحراتية، وأصدرت ضدهم مخالفات مالية بداعي أنهم يتسببون بإزعاج المستوطنين.

وكان مستوطنون قد وضعوا في السنوات الماضية يدهم على عشرات المنازل الفلسطينية في أزقة البلدة القديمة من المدينة المقدسة.

وقال حواش: لقد تعرضنا لمشاكل وتعرضنا لاعتقالات ومخالفات من قبل الشرطة الإسرائيلية، ونتعرض لمضايقات من قبل المستوطنين وهناك أماكن نمنع من الوصول إليها بالقرب من البيوت التي يوجد فيها المستوطنون.

وأضاف: كلما وجدنا شرطيا فإنه يشترط علينا عدم الوصول إلى مكان المستوطنين بداعي أنهم ينزعجون، وفي حال الوصول إلى مكان قريب منهم فإنه يتم اعتقالنا.

وتابع حواش: كما هو معلوم فإنه في كل حارة هناك أربعة إلى خمسة منازل لمستوطنين، وتم اعتقالنا العام الماضي مقابل المنزل الذي استولى عليه رئيس الوزراء الأسبق أرييل شارون، في حي الواد لمدة 24 ساعة، ثم أعطونا مخالفات بقيمة 475 شيكلا (حوالي 130 دولارا) لكل واحد منا، وعلى الرغم من المشاكل فإننا لن نتراجع، فهذا تراث أجدادنا وهو أمر ديني نفتخر به.

وتشير تقديرات إلى أن أعداد الفلسطينيين بالقدس القديمة تزيد على 36 ألفا. والبلدة القديمة من القدس حارات داخل أحياء، وهي الحي الإسلامي والحي المسيحي والحي الأرمني إضافة إلى الحي اليهودي الذي أقيم على أنقاض حارات فلسطينية بعد عام 1967.

المسحراتي في القدس.. إحياء التراث محفوف بالمخاطر
المسحراتية في أزقة البلدة القديمة برمضان العام الماضي

تراث أصيل

ورغم إجراءات الشرطة الإسرائيلية ضد المسحراتية، فإنهم يحرصون على الاستمرار في عملهم إحياءً للتراث الفلسطيني القديم.

يقول حواش لوكالة الأناضول: نستيقظ دائما الساعة الثانية فجرا، ونتجمع سويا، وإذا لم يستيقظ أحدنا نتواصل معه هاتفيا أو نذهب إلى بيته، فجميعنا جيران وأخوة، ونحن مسحراتية باسم حارة السعدية.

وأضاف: نحن فرقة مكونة من أربعة شباب، نقوم بهذا الجهد كمتطوعين، فنحن لا نأخذ دعما من أحد.

وتابع حواش: نحن نشتري الزي والطبل قبل شهر من حلول شهر رمضان، فنتحدث عن لون الزي الذي سنشتريه ونوع الطبل الذي سنستخدمه، ويدفع كل شخص من جيبه الخاص ثمن زيه ومساهمته بشراء الطبل، وتعتبر ظاهرة المسحراتي جزءا من التراث الفلسطيني الذي يعود لمئات السنين.

وقال الباحث المتخصص بشؤون القدس عزام أبو السعود لوكالة الأناضول إن المسحراتي بالقدس بدأ في العصر المملوكي بغرض تنبيه الناس وإعطائهم فرصة كافية للسحور.

وأضاف أبو السعود وهو جامع للتاريخ الشفوي بالقدس أن كل حارة في المدينة المقدسة كانت تختار شابا أو رجلا ذا صوت جميل ليقوم بتسحير الناس خلال رمضان، ومع نهاية الشهر يقوم الناس بإكرام المسحراتي بالمال وأحيانا بالأرز والطحين والسكر، وتُبدي الفرقة الفلسطينية اهتماما بإلغا بالإبقاء على ظاهرة المسحراتي في القدس باعتباره جزءا من التراث.

وقال حواش: إن أهمية المسحراتي أنه جزء من التراث ونحن لا نريد التخلي عنه ونحرص على تغيير الزي الذي نرتديه سنويا، ففي العام الماضي كان لونه أسود، وهذا العام تغير إلى الأبيض، وهكذا كل عام يكون هناك جديد.

واختتم حديثه بأن عمل المسحراتي جميل ويعطي بهجة في رمضان، مشيرا إلى أنه مساء الخميس يأتي الكثير من الفلسطينيين من خارج القدس، ويتجمعون حولهم وهذا يثير البهجة لأنه يظهر أن شباب القدس لا يهملون مدينتهم المقدسة.

المصدر : وكالة الأناضول

مقالات ذات صلة