المقالات

مصر ليست الإخوان والسيسي، وفلسطين ليست حماس

مصر ليست الإخوان والسيسي، وفلسطين ليست حماس

نضال حمد

عليك أَن تتعلَم قواعد اللُعبة أَولا، ثم عليك أَن تتعلَم كيف تلعب أفضل من الآخرين … آلبرت أينيشتاين

منذ فترة طويلة ووسائل الإعلام المصرية تشن هجوما واسعا على حركة حماس وكذلك على الشعب الفلسطيني وقطاع غزة المحاصر. ويشارك في هذه الحملة كل من له ثأر مع الإخوان وحماس، التي بدورها وفرت لهؤلاء كل أسباب ومسببات الهجوم الذي تتعرض له الحركة وتستغله فلول نظام مبارك وكل التطبيعيين المصريين للهجوم على الفلسطينيين ومقاومتهم بشكل عام. مواقف شعب فلسطين واضحة مما يجري في مصر وسورية وكل الدول العربية بشكل عام فيما مواقف حركة حماس بهذا الشأن وخاصة في المسالة المصرية واضحة، حيث وضعت حماس كل بيضها في سلة مرسي وجماعة الإخوان عبر رهانها على تمكن هؤلاء من السيطرة على مقاليد الحكم في البلدان العربية التي وصلتها رياح الربيع والتغيير.

بقلم نضال حمد
بقلم نضال حمد

لقد ظن قادة حماس وبتشجيع من مرجعياتهم الاخوانية مثل الشيخ يوسف القرضاوي والمرشد العام محمد بديع ونائبه خيرت الشاطر وحاكم تونس راشد الغنوشي والعثماني اردوغان وغيرهم من قادة جماعة الإخوان ان هذه فرصتهم التاريخية التي لن تتكرر. وما مشاركة حماس في مؤتمر اسطنبول الأخير لنصرة مرسي سوى تقدير خاطئ جديد يضاف لسجل تقديراتها الخاطئة وسياساتها الفاشلة منذ بداية ثورة الربيع العربي، فقد أخطأت حماس بمعاداة سورية ودخولها طرفا في الأزمة السورية وانحياز كثير من عناصرها في سورية الى جانب الجيش الحر وجبهة النصرة وقتال بعضهم ضد الجيش السوري، ومساهمتهم الكبيرة في إسقاط واحتلال مخيم اليرموك قرب دمشق. وكذلك قيام قادة الحركة من مشعل الى هنية برفع رايات الجيش الحر وارتداء شالات تمثل علم الجيش السوري الحر، وهذا ينطبق على كل فروع حماس في أوروبا والعالم.

خسرت حماس سورية وإيران وحزب الله مقابل اعتقاد خاطئ منها ان الإمارة الاخوانية ستتشكل في مصر وسورية وتونس وليبيا واليمن ودول الربيع العربي وان محور المقاومة المذكور سوف يسقط بالضربة القاضية. لكن صمود سورية ومن ثم قيام شعب مصر باستكمال الثورة ضد حكم الإخوان، وتأييد العسكر لحركة الشعب ( ستكشف أسبابه الحقيقية الأيام القادمة) الذين بدورهم قاموا بعزل مرسي بالرغم من انه منتخب ساهم في فشل رهانات حماس. وعزز هذا الفشل انقسام شعب مصر الصريح والواضح بين مؤيدين ومعارضين لمرسي وللعسكر. في ظل هكذا وضع شديد التعقيد والصعوبة وخطير جدا على مصر والمنطقة برمتها لم تعمل حماس بسياسة النأي بالنفس، ولا استخدمت العقل والحكمة في مواقفها، وجعلت نفسها طرفا في الصراع الدائر هناك متجاهلة مصلحة أهل غزة خاصة والشعب الفلسطيني بشكل عام. فبدلا من ان تأخذ حماس موقفا محايدا انغمست في معاداة العسكر والقوى المصرية المعارضة للإخوان المسلمين. متهمة هؤلاء بتنفيذ مشروع صهيوني أمريكي، ومتجاهلة ان مرسي أثناء حكمه وخلال عدة أشهر قليلة دمر مئات الأنفاق وأكد على التزامه بكمب ديفيد والسلام مع العدو الصهيوني، وألزم الحركة بتوقيع هدنة مع الصهاينة تلتزم بها التزاما دقيقا جدا. وبأن مرسي أرسل رسالة مع سفيره المقيم بشكل ثابت في فلسطين المحتلة، خاطب فيها جزار قانا شمعون بيريز رئيس كيان الاحتلال الصهيوني بصديقي العزيز هذا الشيء الذي لم يفعله أبدا الرئيس السوري بشار الأسد الذي تقف حماس ضده وضد سلطته. فسورية لم تستلم ولم تفاوض ولم تقم صلحا ولا سلام مع الصهاينة ولم تدعوا أحدا للقيام بذلك، بعكس بقية الأنظمة العربية السالفة، ولم ترسل رسائل غزل وغرام وود للصهاينة كما فعل ويفعل قادة الربيع العربي من الاخوان المسلمين.

هل نسيت حماس ان غزة لا تستطيع التنفس بدون الرئة المصرية، وبان هذه الرئة مازالت تحت سيطرة العسكر. وبأن العسكر لا يكنون أي ود لحماس ولا للمقاومة. وان كل من وقف مع مرسي والإخوان ويسخر فضائياته لهم مثلما هو حال فضائيتي القدس والأقصى التابعتين لحماس سيدفع ثمن ذلك.

ان سقوط مرسي وفشل مشروع إسقاط النظام السوري جعلا وضع حماس أسوا مما كان عليه بكثير، فقطر مقر حماس الجديد مغلق أمام أي تصريح ولا نقول فعل مقاوم، والصواريخ لن تأتي من تركيا وقطر كما كانت تأتي من إيران وسورية وحزب الله. أما سياسة الاعتماد على نظام الإخوان في ظل حكم مرسي فقد ذهبت أدراج الرياح مع مرسي والإخوان في مصر، حين قام الشعب ضده وحين قرر العسكر عزله تجنبا لحرب أهلية في البلد. وهذا السبب بالرغم من صوابيته ومنطقيته لا يكفي لنثق بالعسكر وبما سينتج عن قرارهم بعزل مرسي. ومع سقوط مرسي وفشل المشروع في سورية واحتمال دخول تونس بعد اغتيال القائد الشعبي محمد البراهمي حالة استكمال الثورة بإسقاط الإخوان هناك سينتهي دور قطر وتركيا حلفاء حماس هذه الأيام. بعد ذلك ماذا سيحل بحركة حماس؟

الإطاحة بحكم مرسي عمل محمود بالتأكيد لكن تسليم السلطة للعسكر او لكركوزات أمريكا والغرب عمل ستندم عليه مصر والأمة. لذا يجب قطع الطريق على العسكر وعلى الفلول وعلى الإخوان والبحث عن حل يرضي ملايين شعب مصر التي ثارت وأرادت الحرية والكرامة والعيش والدولة الديمقراطية الحرة المستقلة ذات السيادة والمواقف القومية. الدعوة لتفويض الجيش محاربة الإرهاب فيها خطورة كبيرة على مستقبل مصر بالرغم من عبث الإرهابيين بمصير مصر وأمنها القومي خاصة في سيناء. يجب أولا تحديد مفهوم الإرهاب ومن هم الإرهابيين. فمن الممكن بكل سهولة استغلال هذا التفويض لإقامة أحكام عرفية وحالة طوارئ وهيمنة العسكر على مقاليد الحكم.

أما قرار النائب العام المصري بتوجيه تهمة الى الرئيس المعزول محمد مرسي بالتخابر مع حماس وحبسه بسببها لا يمكننا القول سوى انها رسالة غير محمودة للفلسطينيين ولحركة حماس بالمقام الأول. مع أن هذه التهمة سخيفة ومؤسفة ومخجلة. التخابر مع حركة حماس ليس تهمة. التهمة هي ان يتخابر أي عربي مع الاحتلال الصهيوني. ولو أن النائب العام تشجع ووجه لمرسي تهمة التخابر مع الصهاينة بسبب رسالته الى شمعون بيريز التي وصفه فيها بصديقي العزيز لكان وقع هذا القرار أقل وطأة على الجميع.

في معرض تعليقه على هذا القرار قال البرفسور عبد الستار قاسم استاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية بنابلس المحتلة : “أن قرار القضاء المصري بحبس الرئيس محمد مرسي بتهمة التخابر مع “حماس” هو “تحريض على المقاومة وعلى الشعب الفلسطيني ما كان يجب أن يتم”.

وفي تعليق له على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك قال الصديق المثقف اللبناني التقدمي سماح ادريس : ” لا أطيق ساسة حركة حماس ولا سياستهم. ورفاقي الناشطون في مصر يتحدثون عن دور مقيت لهذه الحركة في دعم محمد مرسي والإخوان في يونيو هذا العام. لكن، ألم يجد السيسي تهمة أقبح يرمي بها مرسي من تهمة “التخابر مع حماس”؟ والله العظيم، أن يقول مرسي لبيريز “صديقي العزيز” تهمة أعظم!”.

وأنا أضيف من عندي : بالفعل يخافون سواء الإخوان أو العسكر في مصر الاقتراب من الصهاينة ويبدو أنهم يطلبون رضاهم ورضا العم سام في البيت الأبيض. أما بخصوص حماس وسياستها وفضائياتها وناطقيها الإعلاميين، اثبت هؤلاء للأسف الشديد أنهم ليسوا فقط قليلي خبرة بل عديمي خبرة، فهم يؤكدون يوما بعد آخر أنهم لا يعرفون ألف باء السياسة والتكتيك. لذا فالأجدر بهم ان يفكروا مائة مرة قبل الكلام في موضوع مصر بالذات.

من الواضح ان الأزمة المصرية تدق أبواب غزة بقوة وان حماس تتخبط فقد أقدمت اليوم على إغلاق مكتب قناة “العربية” السعودية المعروفة بلا عروبتها.وكذلك مكتب وكالة “معا” الفلسطينية في قطاع غزة. وبررت الحركة بحسب ما أعلن مصدر مسئول فيها القرار بأن النائب العام في سلطة غزة قرر إغلاق مكتب قناة العربية ومكتب شبكة معا الإخبارية في قطاع غزة بسبب نشرهما لأخبار كاذبة تتعلق بحملة التشويه ضد حكومة حماس وغزة فيما يتعلق بالأوضاع في مصر”. ومن جهته أكد مراسل القناة إسلام عبد الكريم لوكالة “فرانس برس” الخبر. من الممكن ان يكون تبرير حماس صحيحا لكن كيف تبرر حماس سلوك وسائل إعلامها المقروءة والمرئية والمسموعة خاصة فيما يتعلق بمصر والصراع الدائر فيها فهي تقوم أيضا بالتحريض.

حماس في الموضوع السوري أسوأ من حماس في الموضوع المصري

كذلك في الموضوع السوري حماس سيئة ومنحازة وتعتبر طرفا في الصراع الدائر هناك لان مواقفها مما يجري في سورية اثبت ذلك. أما مواقفها مما جرى ويجري في مخيم اليرموك ليست اقل عدمية من مواقفها مما يحدث في مصر. فأن تتهم حماس اللجان الشعبية الفلسطينية باستخدام سلاح كيميائي في هجومها على معاقل المسلحين من الجيش الحر وجبهة النصرة وبعض عناصر الحركة الذين يحتلون مخيم اليرموك، لا يمكننا القول سوى أن مثل هذا الاتهام أخرق و لا يقبله العقل والمنطق.

كان الأجدر بحماس التي تركت الشعب الفلسطيني الذي احتضنها في سورية لسنوات طويلة أن تلتفت لمعاناة سكان المخيمات وان ترفع الصوت ضد احتلال المخيم وهذا الشيء لم نسمعه أبدا من حماس وقادتها. وكان الأجدر بها أيضا أن تسمي محتلي المخيم بأسمائهم وان تمنع عناصرها من الانخراط في احتلال المخيم والقتال الى جانب الجيش الحر. لم يعد سرا ان مئات المقاتلين الحمساويين يشاركون في احتلال اليرموك وفي القتال الى جانب محتليه من المسلحين المعارضين. ومن المعروف للقاصي والداني ان حماس صمتت وتصمت عن كل جرائم المسلحين في مخيمات سورية وبالذات في اليرموك، فيما الآن تدين محاولات تحريره من قبل اللجان الشعبية وأبناء المخيم.

لقد مضى على انخراطي في العمل السياسي والإعلامي عشرات السنين لذا استطيع القول أنني في حياتي كلها وتجربتي السياسية والتنظيمية والنقابية لم أر مثل هذا النفاق السياسي، الذي تقدمه الحركة بشكل معيب ومكشوف. يدعون الحياد وهم منخرطون في الأزمة السورية منذ البداية والى يومنا هذا. هذا النفاق الإعلامي والجهل السياسي استدعى تعليقا من الفنان التشكيلي الفلسطيني المقيم في النرويج الصديق حيدر الديراوي جاء فيه : ” إذا كان بيانكم ينص على أن الفلسطينيون ليسو طرفا في الصراع . فمن يعطي الحق لخالد مشعل رفع علم ما تسمى الثورة عند زيارته غزة أم أنها كانت إشارة لبدء هجوم عناصره على المخيم حينها”.

أما الناشط الفلسطيني ابن مخيم اليرموك المنكوب الصديق الدكتور غسان السهلي كتب من قلب الحدث التالي : ” مايحدث هذه الأيام في مخيم اليرموك صراع من يريدوا تصفية حق العودة ربع أُوسلو وليس فصائل منظمة التحرير,,, ومابين من يريد تجذير دور المخيمات قلاع وجسور للعودة وإبقاءها عنوان وخزان وطني متجدد…. إصطفاف حقيقي يفرز المناضل المنتمي للمخيمات وأهلها ومابين اللذين يغردوا هناك قيادتهم على طاولة مفاوضات الحل النهائي …. سجل ياتاريخ أين هي المقاومة الشريفة والغير شريفة”.

وفي ظل سياسة حماس المتخبطة يخرج علينا عباس البائس واليائس ببدعة جديدة عنوانها الاستفتاء على حق العودة. يبدو ان ابا مازن ( عباس) بدو يعمل ( استفتاء )… عفوا بل ( استغناء ) عن حق العودة .. من قال له انه يجوز استفتاء أي كان على حق العودة فهذا حق غير قابل للنقاش و الجدل. إلي ما بدو حق عودته يروح الله لا يرده. يا ابا مازن لا استفتاء ولا استغناء على وعن حق العودة. وشعب فلسطين قطع الأمل من مصالحتكم انتم وسلطة حماس وصار لزاما عليه ان يتمرد ويثور لإسقاط سلطتي رام الله وغزة التي جاءت بهما اتفاقية أوسلو ومشتقاتها.

* مدير موقع الصفصاف

مقالات ذات صلة