المقالات

في الذكرى ٥٥ للإنطلاقة أصبحت أخشى على الفكرة ذاتها أن تضيع .. على يد من يدعي الإنتماء إليها

بقيت من فتح فكرتها الرائدة ..

*في الذكرى ٥٥ للإنطلاقة أصبحت أخشى على الفكرة ذاتها أن تضيع .. على يد من يدعي الإنتماء إليها .. *

*«فتح» في عيدها الخمسين .. بقيَت الفكرة *

كما كتب الأخ معين الطاهر في العيد الخمسين لحركة فتح ..ويعيد نشره ..!!

معين الطاهر .. عضو سابق في المجلس الثوريّ لحركة فتح الأصالة..

وعضو المجلس العسكريّ الأعلى للثورة الفلسطينيّة…

ساهم في تأسيس الكتيبة الطلّابيّة منتصف السبعينيّات…

قائد للقوّات اللبنانيّة ــــ الفلسطينيّة المشتركة في حرب 1978 .. منطقة بنت جبيل ــــ مارون الراس .. وفي النبطية ــــ الشقيف عام 1982 ..

قائد لكتيبة الجرمق في “فتح” .. وهي الكتيبة التي أدت الدور الرئيسي في معركة قلعة الشقيف ( 1982 ) ..

في العيد الخمسين لحركة فتح كتبت هذا المقال الذي اعدت نشره لاحقا في كتابي تبغ وزيتون. وقلت حينها أنه بقيت من فتح فكرتها الرائدة.

*في الذكرى ٥٥ للانطلاقة أصبحت أخشى على الفكرة ذاتها أن تضيع على يد من يدعي الانتماء إليها «فتح» في عيدها الخمسين… بقيَت الفكرة *

*ماذا تغيّر في «فتح»؟ بل ماذا بقي منها بعد خمسين عامًا من انطلاقتها يوم أن أطلقت الكفاح المسلح الفلسطيني في الأول من كانون الثاني/ يناير1965؟ في البداية، ينبغي الاعتراف بأنّه لا توجد حركة في التاريخ لا تقوم بتعديلات في برامجها وأساليبها وأفكارها التي قد تخضع للتطوير بعد اقترانها بالممارسة العملية. في المقابل، لا توجد حركة انقلبت على ماضيها، وتغيّرت أساليبها وأفكارها من الشيء إلى ضده، في الوقت ذاته الذي استمرت فيه تستلهم تاريخها العريق وتمجّده – وهو حقًّا جزء أساس من تاريخ الشعب الفلسطيني منذ الستينيات في هذا القرن – وتتغنّى بسيرة أبطالها ومعاركهم. المتتبع لنشاط حركة فتح وتصريحات قادتها نشاط كوادرها يفاجأ تمامًا بهذه المفارقة الكبيرة. فثمّة مجموعة تقف على رأس الهرم ولا تنفك تدين العمل المسلح، والصواريخ العبثية، وتنتقد الانتفاضة التي جرّت على شعبنا الكوارث، وتؤمن بقناعة راسخة بأنْ لا سبيل لحلّ القضية الفلسطينية إلّا عبر التسوية السلمية والمفاوضات، طالت أو قصرت. وما عدا ذلك، فدونه الويل والثبور وعظائم الأمور. وفي الوقت ذاته تحتفل قواعد الحركة يوميًا بذكرى شهدائها، وتعيش حاضرها على تاريخها المجيد، وتعتمده أسلوبًا للتعبئة والتحريض والتنظيم، إذ يعتقد المرء أنّه ما زال يعيش في حقبة السبعينيات والثمانينيات. *

*تاريخيًا، تميّزت «فتح» بأنّها وضعت جميع شعاراتها وأفكارها ومبادئها في سبيل هدف واحد هو تحرير فلسطين، إذ إنّ فلسطين هي طريق الوحدة، وعلى دروبها تتحقّق وحدة التنظيمات والأحزاب، بل حتى الدول الساعية للتحرير أيضًا. واللقاء هو فوق أرض المعركة، والوحدة وحدة البنادق الثورية. أمّا الأرض، فهي للسواعد الثورية التي تحرّرها، وقد سعت «فتح» عبر هذه الشعارات والأفكار إلى إخراج القضية الفلسطينية من أُتون النزاعات العربية والحزبية، ومن محاولات احتواء القضية أو استغلالها من أيّ طرف عربي في صراعاته الداخلية أو الخارجية. *

*تاريخيًا أيضًا، تميّز التغيير في حركة فتح بالبطء الشديد، وباقتصار التداول فيه على نخبة سياسية محدّدة. وحتى عندما يُعرض هذا المتغيّر أو ذاك على المؤسسات الوطنية لإقراره ومنحه الشرعية اللازمة، ففي أغلب الأحيان تكون الممارسة باتجاهه قد بدأت قبل ذلك بوقت طويل، أو يكون قد جاء لتلبية شروط دولية. *

واللافت أنّ هذه المتغيّرات في البرنامج السياسي، منذ حرب تشرين حتى مرحلة أوسلو، لم تحظَ بتعبئة فكرية مواكبة لها، إذ كان الهدف هو الحصول على قرار من المؤسسات الوطنية يتيح للقيادة المضي قدمًا في محاولتها الحصول على مقعد في قطار التسوية.

* أمّا في الميدان، فقد كان الواقع مختلفًا تمامًا، إذ بقيت التعبئة والشعارات ضمن سياق المبادئ والأفكار والمنطلقات الأساسية. ولعل هذا يرجع إلى عدد المعارك المتتالية التي خاضتها «فتح» والثورة الفلسطينية، ووعي القيادة حينذاك بضرورة الاستمرار على امتلاك عناصر القوة، بل زيادتها كشرط لازم للدخول في أيّ عملية سياسية. *

اليوم، وبعد خمسين عامًا، تغيرت الصورة كليًا. أضحت محاولة امتلاك عناصر القوة تعني في عُرف العدو أنّ الطرف الفلسطيني غير مؤهل للمشاركة في عملية التسوية التي لا قرار لها، وكان من شروط هذا التأهيل بعد استشهاد ياسر عرفات، الموافقة على خطة دايتون، والتنسيق الأمني مع العدو، وإنهاء ما تبقى من الانتفاضة الثانية، وتجلّى هذا الموقف خلال الحرب الأخيرة على غزة. وتحوّل التمرّد على موازين القوى السائدة، وهو المبرّر الوحيد لقيام جميع الثورات، إلى ضرورة الاعتراف بهذه الموازين والإقرار بها كحقيقة أزلية غير قابلة للتغيير، والتحذير من الاقتراب من حدودها.

بعد خمسين عامًا، من العبث أن تبحث عن «فتح» الأولى في صفوفها المتقدّمة إلّا مَن رحمَ ربي. هنالك انتهت مرحلة الثورة في ذهن الكثير منهم. أمّا لدى الجيل الصاعد، ولدى القواعد الشعبية، ولدى الجمهور الفلسطيني، فإنّ «فتح» ما زالت حركة الشعب الفلسطيني، «فتح» بقي منها أهمّ ما فيها، بقي منها الفكرة، ومن الفكرة تولد ثورة

مقالات ذات صلة