المقالات

لغتنا العربية ومحاولات الصوملة

بقلم : عماد خالد رحمة

مع تزايد المتعالمين والرويبضة اليائسة ، وظهور فقاعات المتفيقهين والمتثاقفين ازدادت محاولات ايقاع لغتنا العربية الغنية بالوهن والارتكاس والنكوص.

فقد تعرَّضت لغتنا العربية الى الصوملة مراراً حيث تخطت الاقتصاد والسياسة والنزاعات الأهلية إلى اللغات التي هي من صميم الهويات القومية ، وأداة التعبير عن العقل والوجدان لدى شعوب العالم.

وذلك لانعدام لغة الحوار ، ولأنَّ سياسات الإقصاء قد سادت وآل هذا كله إلى الانفصال عن الواقع ، وإلى غياب الاستجابة الاستجابة للمسائل التي نتناولها عبر لغتنا العربية .

وذلك في ظل تجليات أيديولوجيات وافدة ، أدَّت إلى تراجع الهوية الوطنية والهوية القومية ، وهو تراجع محمول على تكريس وإرساء سياسات تمييزية ، وإثارة عصبيات فرعية ما قبل وطنية .

والمفارقة الهامَّة هي أن اللغة العربية اجتذبت طيلة قرون عديدة من تاريخها علماء وشعراء وكتَّاب وفلاسفة من قوميات أخرى، وأصبحوا باعتراف بعضهم عرباً بفضلها. فكيف تفهم ما آلت إليه لغتنا في أيامنا التي تضاعف فيها مرات عديدة المتعلمون والأكاديميات والمؤسسات الإعلامية والثقافية ومراكز الأبحاث والدراسات .

ومجامع اللغة العربية هي لغة التواصل والنشاط الإنساني والعنصر الرئيسي لكل قومية ، فهي ذاكرة الأمة وأرشيفها عبر الزمن والحاضن للثقافة وأساس الهوية لأي شعب من الشعوب، ذلك لأن اللُّغة والهُويَّة وجهان لشيء واحد، ولأنَّ لغتنا العربية من أعرق اللغات فإنَّ الإنسان العربي ومن في محيطه في جوهره قد جسَّد حقيقة وقوة اللُغة والهُويَّة،فكانت اللُّغة فِكرُه ولسانه، وفي الوقت نفسه انتماؤه، وهذه الأشياء هي وجهه وحقيقته وهُويته، وشأن الجماعة، أو الأمَّة هو شأن الفرْد، لا فرق بينهما. ولأن لغتنا العربية هي إحدى أهم مقومات الهوية العربية، فقد عملت هذه اللغة على حماية التاريخ والحضارة والثقافة العربية عبر ردحٍ من الزمن.

وكانت أحدى العوامل التي وحَدّت شعبنا العربي بين شطري المحيط والخليج. وهذا مابيّنه الشاعر العربي زهير بن أبي سلمى في بيت الشعر الشهير:

لسانُ الفتى نصْف ونصف فؤاده فلم يبق إِلاَّ صورة اللَّحم والدَّم.

بقلم || عماد خالد رحمة

مقالات ذات صلة