المقالات

ملاحظات في الدكتاتورية كونها حالة افلاس عند القائد أو السياسي

بقلم: الدكتور نزار محمود

لماذا يلجأ القادة أو السياسيون إلى الدكتاتورية، ومتى؟

وإذا كان عنوان المقال قد استبق الاجابة، لكن ذلك ليس نهاية المطاف. إنه بحاجة إلى شيء من التفصيل والتوضيح.

قبل أيام، تشاء الصدف وفي ظروف تقييد الحركة بسبب وباء كورونا، حدث أن شاهدت فلمين روائيين عن الأيام الأخيرة لهتلر، أحدهما انجليزي والآخر ألماني. وقد تشارك الفيلمان في كثير من المشاهد في شخصياتها وأحداثها وسياقاتها، والتي انتهت إلى انتحار هتلر وعشيقته التي تزوجها قبل أيام من انتحارهما سوية، وكذلك انتحار “غوبلز” وزوجته بعد أن قامت بتسميم أطفالها الستة بيدها!

لقد بدأ كثير من القادة والسياسيون حياتهم في إطار انتخابات حرة، ولم يمارسوا تلك الدكتاتورية منذ أيامهم الأولى، لا بل واستمروا في مواقعهم جراء ما قاموا به لشعوبهم، حتى وصل بتلك الشعوب إلى عشقهم والتضحية من أجلهم إلى حين. ألم يكن حتى “ديغول” محرراً لفرنسا، ومعتقاً للجزائر لينتهي إلى دكتاتور ، رفض إعادة انتخابه شعبه؟!

أليست لدساتير الدول، التي تقرها الشعوب، من دور في صنع دكتاتورياتها، على افتراض أنها تمت بنزاهة وحرية؟!

أعود للتوضيح المباشر عن أن الدكتاتورية حالة افلاس للقائد أو السياسي، فأبداؤها بالملاحظات التالية:

⁃ هناك مقولة، تقول: من أمن العقاب أساء الأدب. قد تبدو العبارة أن ليس لها علاقة مباشرة بالموضوع، لكني أوضح ذلك من كون الديكتاتورية تعني لجم الأفواه والاعتراض وإكراه الآخرين على ما برتأيه القائد أو السياسي من أمر ما. فعندما لا يخشى محاسبة أو عقاب سيشجعه ذلك حتى على إساءة الأدب في التعامل مع الآخرين.

⁃ إن القائد أو السياسي الذي تنفذ ذخيرته في اقناع معيته من قادة أو سياسيين، أو ينفذ صبره في الاستماع لآرائهم من أجل الأخذ بأحسنها، لا يبقى له إلا الرجوع إلى الدكتاتورية.

⁃ قد يكون القائد أو السياسي قد انزلق إلى ما يفرض عليه من التزامات لا يستطيع أن يحيد عنها، وحينها لن يسمح بوجود فضاء يناقشه فيه من أحد.

⁃ القائد أو السياسي قد يلجأ إلى الدكتاتورية للحفاظ على منظومات علاقات ومصالح لا يرغب أو لا يقدر على الانفكاك منها.

⁃ وأخيراً قد ترتبط الديكتاتورية بخصائص نفسية من تسلطية أو نرجسية وغيرها، أو ربما قامت على قيم وأعراف اجتماعية وثقافية.

برلين، ٢٠/٥/٢٠٢٠

مقالات ذات صلة