المقالات

ملاحظات تأملية في انتخاب الرئيس الأمريكي

بقلم: الدكتور نزار محمود

الشعب الأمريكي شعب يتميز بخصوصيات نادرة في نشأته وأسلوب حياته وأحلامه وأخلاقياته. هذه الخصوصيات طبعت، ولا تزال، واقعه في تطوراته، من جهة، وفي مفاهيمه حول الحقائق، من جهة أخرى.

مجموعات بشرية بيضاء تغامر في هجرتها إلى أراض مجهولة عبر رحلات بحرية ومحيطية يحفها الموت والخطر، لتبدأ حياتها الجديدة في بحث عن عمل ومال وفي تحد لقساوة الطبيعة والبشر.

لقد فهمت هذه المجموعات من البشر ،ومنذ البداية، أن الحياة انجاز، وأن الغنيمة للأقوى المنتصر. ولم يردعها من أجل ذلك كثيراً، ظلم بشر أو تهديم حجر. تعاملت مع الظروف استغلالاً، ومع السود استعباداً، ومع الضعيف ظلماً وإخناعاً.

ولكي تحقق أهداف خصوصياتها هذه، عبدت المال وآمنت بالقوة وتوشحت بالحرية لأبنائها واتخذت من الفردية والديمقراطية سبيلاً لضمان استمرار حياتها.

وفي خضم هذه الخلطة من أخلاقيات وطموحات الحياة وقدراتها نمت في أحشائها أجنة رموزها وقادتها ورؤسائها التي ترسم ظروفها ملامح وجوه هؤلاء.

ولم تكن تلك الطاقة الجامحة لتغيب عن عيون الثعالب وصائدي جوائز رأس المال وذوي الغايات الدفينة الخاصة، فعرفوا كيف يمتطوها حصان طروادة إلى القصر داخل المدينة.

ومن عناصر هذه السبيكة تشكل أصابع الدهاقنة وتزين للعامة صورة للرئيس الأمريكي الذي يجب أن ينتخبه الشعب بحرية أكثرية قليلة. وهكذا نجح ترامب وفشلت هلاري كلنتون!.

لم يكن ترامب غير أمريكي أصيل في أخلاقياته السياسية وتصرفاته العنجهية وتصرفاته اللا إنسانية التي تعكس تاريخ نشأة شعبه وتاريخيه ونمط حياته.

ما تميز به ترامب هي صراحته وصدقه مع ما يعتلج في نفسه، دون نفاق أو مواربة!

فهو أمريكي رأسمالي وعنصري وأبيض ومسيحي صهيوني قوي ويجب أن يتفوق ويفوز ويهيمن!

وهذا ما أعلنه بكل صراحة في كلمة تسنمه رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، فلم يكذب!

لكن ترامب نسي أنه ليس الأمريكي الوحيد بهذه الصفات، وليس الأمريكان فقط أصحاب بشرة بيضاء، وليسوا هم الوحيدون الذين يمتلكون الصواريخ والفيروسات!.

نحن العرب،وغيرنا من الضعفاء، لا ينفعنا ذرف دموع الأرامل… ولنتذكر دائماً قول الشاعر العربي “أحمد شوقي”:

وما نيل المطالب بالتمني…. ولكن تؤخذ الدنيا غلابا…

والغلابة هنا ليست العنتريات الجاهلة، وإنما العنتريات الواعية!

برلين، ٢٤/٦/٢٠٢٠

مقالات ذات صلة