المقالات

الصهيونية وثعلبها الماكر

الصهيونية وثعلبها الماكر

بركات شلاتوة

تحاول الحركة الصهيونية استغلال أي حدث في أي مكان في العالم لخدمة كيانها الدموي وتسخير مجريات الأحداث ونتائجها لتصب في مصلحته. ويبدو ذلك واضحاً في الأزمة السورية، حيث يطل علينا المسؤولون “الإسرائيليون” وبطبيعة الحال الأمريكيون والغربيون، بين الفينة والأخرى ليحذّروا من الأسلحة الكيماوية السورية والزعم بأن النظام يتهيأ لاستخدامها نحو المعارضين أو أنها قد تقع في أيدي المتشددين منهم، أو أن يتم تهريبها إلى حزب الله اللبناني.

هذه المزاعم تذكر بالاسطوانة التي صمّت واشنطن ولندن بها آذان العالم قبل غزو العراق عن “أسلحة الدمار الشامل” لتبرير الغزو، مع أن الأيام كشفت أن كل ما قيل لم يخرج عن طور التلفيق والأكاذيب وأنه لا وجود لأي نوع من هذه الأسلحة، حيث درج الغرب على التخويف من نظام صدّام على قاعدة وزير الدعاية النازي جوزيف غوبلز “اكذب ثم اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس”.

لذا فإن هذا الطرح يبرر التدخل الغربي في سوريا بذريعة أن الدول العربية غير مهيأة للتعامل مع مثل هذه المخاطر، وكأن هذا الباب هو الأنسب لإقناع العالم وتبرير غزو سوريا واحتلالها مستقبلاً.

الآن يمارس ثعلب الصهيونية الماكر، شمعون بيريز دور غوبلز في الكذب والتضليل لاستغلال أحداث “الربيع العربي”، لتصب في خدمة الكيان الصهيوني، فتارة يدعو لقوة تدخّل عربية في سوريا، وتارة يحرّض لإيقاظ الفتنة في لبنان وخلق قتال مذهبي لا يبقي ولا يذر وإحياء شبح الحرب الأهلية، وتارة أخرى يحاول تأليب العالم على من لم تستطع “إسرائيل” مواجهتهم أو الوقوف في وجههم لإراحتها من كوابيسها. من يسمع كلام بيريز يخيّل إليه أنه حمل وديع يسعى لخير البشرية، أو أنه وصيّ على هذا العالم الذي تنقصه توجيهات هذا المتلّون المتعجرف.

المؤسف أن هناك من يتساوق مع أكاذيب بيريز، رغم أن التاريخ الطويل لهذا العجوز يكشف عن أنه تمساح لا يتوانى عن البكاء على ضحاياه، فهو يحذّر من النووي والكيماوي، وهو أول من أتى بالسلاح النووي بعدما أنشأت له فرنسا مفاعل ديمونة الذي يتهدد شعوب المنطقة بأكملها. ويتظاهر هذا الثعلب الحرص على لبنان ويظن أن أحداً سينسى أنه هو شخصياً من قاد عدوان “عناقيد الغضب” الذي حصد مئات الأبرياء من النساء والأطفال عام 1996 ودمر مناطق بأكملها على رؤوس أهلها، وأنه جزار مذبحة “قانا”، وأنه كان أحد قيادات عصابات “الهاغاناة” الإرهابية، وكل الحروب والاعتداءات “الإسرائيلية” تمت بمباركته، وبعد كل هذا تم منحه جائزة نوبل للسلام.

أما بشأن الملف الفلسطيني فإن بيريز يحاول الظهور وكأنه يغرّد خارج السرب السياسي في الكيان، ويصف الرئيس الفلسطيني محمود عباس في كل مناسبة بأنه “شريك”، لعلمه أن كلامه الدعائي غير ملزم سياسياً، بالنظر إلى منصبه الفخري، خاصة أن هذا الثعلب لم يخرج عن المنظومة الصهيونية وجرائمها في المراحل الرئيسة في الصراع.

ختاماً، يجب أن لا ننسى أن بيريز هو عرّاب مشروع “الشرق الأوسط الكبير” الذي يعيش مخاض الولادة بفضل ثورات “الربيع العربي”، لذا لا نستبعد أن تقدم “إسرائيل” طلباً لعضوية جامعة الدول العربية.

الخليج، الشارقة، 17/3/2013

مقالات ذات صلة