المقالات

خلافات بين أجهزة الأمن الإسرائيلية أيهما أفضل لإسرائيل: الأسد أم الثوار؟

خلافات بين أجهزة الأمن الإسرائيلية أيهما أفضل لإسرائيل: الأسد أم الثوار؟

ايلي بردنشتاين

على خلفية النقاش العلني حول مسألة ما إذا اجتيز “الخط الأحمر” وهل هاجم الرئيس السوري الأسد الثوار بسلاح كيميائي، يدور خلاف حاد بين محافل الاستخبارات، فما الذي يخدم على نحو افضل مصالح اسرائيل الأمنية: حكم الاسد في دمشق أم حكم الثوار؟.

عقد رئيس الوزراء، أول من أمس، اجتماعا للمجلس الوزاري السياسي – الأمني لاول مرة منذ قيام الحكومة الجديدة لبحث الوضع في سورية، ورد اسرائيل على التطورات. تنقسم محافل الاستخبارات في اسرائيل في الرأي حول كيفية العمل بالنسبة تجاه سورية. يعتقد أحد الاجهزة بأنه يجب التركيز أساسا على مسألة النووي الايراني، وبالتالي اذا انهار نظام الاسد فسيتلقى محور ايران – سورية – “حزب الله” ضربة قاضية، ستخدم مسألة معالجة النووي.

ثمة تقدير لمحفل استخباري آخر يوجه نظره بالذات الى الحدود بين سورية واسرائيل، وبقدر أقل نحو التهديد الاستراتيجي الايراني. وحسب هذا التقدير، فان اسقاط الاسد سيؤدي الى فوضى وتفكك الحكم المركزي، وعندها سترابط منظمات الثوار على الحدود السورية – الاسرائيلية، وتوجه نشاطها لتنفذ عمليات ضد اسرائيل. وعليه، فبتقدير المحفل الاستخباري هذا، من الافضل ترك الطرفين الصقريين في سورية يواصلان استنزاف أحدهما الاخر على مدى الزمن دون ازعاج.

برأي المؤيدين لاسقاط الاسد، فانه مع انهيار النظام سيختفي التهديد الذي شكله الجيش السوري على إسرائيل. “حزب الله” سيضعف جدا، وستتضرر قدرة ايران على الرد في حالة هجوم اسرائيلي. وحسب التقدير المعارض لرحيل الاسد، فان المعركة بين جيش الاسد والثوار أدت هي ايضا الى ضعف التهديد المحدق باسرائيل من جانب جيش الاسد. وطالما بقي الاسد، فان المنظمات الاسلامية المتطرفة التي تقاتل ضد الاسد، بما فيها منظمات الارهاب المتماثلة مع “القاعدة” و”الجهاد العالمي”، ستنشغل بالصراع مع الجيش السوري. وطالما بقي الثوار منشغلين بالصراع مع الاسد، ستبقى الحدود بين اسرائيل وسورية هادئة.

موقف رئيس الوزراء، نتنياهو، ليس واضحاً. فهو من جهة يخشى تسليح الثوار على أيدي الدول الغربية، بشكل قد يحسم المعركة ضد الأسد. كما أن نتنياهو يسعى الى التأكد من أن الجماعات التي ستتسلح ستتعاون مع الغرب في خلق حل سياسي. وحسب تقرير نشر، أول من أمس، في “نيويورك تايمز”، فان كل جماعات الثوار تتماثل مع الفكر الإسلامي، ولا تتقاسم بالضرورة القيم مع الغرب. ومع ذلك، ليس واضحا اذا كان نتنياهو يؤيد التدخل العسكري الذي من شأنه أن يشعل حرباً أهلية على الحدود الشمالية لاسرائيل وأن يصرف الانتباه عن مشكلة النووي في ايران. مائير دغان، رئيس “الموساد” السابق، قال في مؤتمر جيروزاليم بوست في نيويرك، أول من امس، إن سورية لا تشكل تهديداً امنيا لاسرائيل. “هم منشغلون بمشاكل داخلية”، قال دغان، وادعى انه لا يلوح من الأسد ومن سورية تهديد فوري لاسرائيل.

المكانة الأميركية

حسب صحيفة “صاندي تايمز” البريطانية، فانه خلال زيارة اوباما الى اسرائيل، الشهر الماضي، عرضت على الرئيس الأميركي معلومات استخبارية تظهر أن النظام السوري يستخدم السلاح الكيماوي. وفي لقاء استغرق نحو خمس ساعات عرض العميد ايتي بارون، رئيس دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات، على اوباما المعطيات التي تبين استخدام السلاح الكيماوي في حلب وفي حمص وفي دمشق. وحسب “التايمز” فان عرض الامور امام الرئيس يعتبر اختبارا لجديته: فعدم الاستعداد للعمل عندما تجتاز سورية الخط الاحمر هو اشارة الى اسرائيل بانه لا يوجد الكثير خلف الوعد الأميركي للعمل ضد ايران لمنع امتلاكها سلاحا نوويا.

وحسب الصحيفة البريطانية فانه عندما فهمت اسرائيل بأن واشنطن لا تعتزم العمل، تقرر اخراج المعلومات الى الملأ – ولهذا قال العميد بارون في المؤتمر السنوي لمعهد بحوث الامن القومي ان “النظام استخدم سلاحا كيماويا فتاكا، على ما يبدو سارين، ضد الثوار المسلحين”. وبعد أن قيل ذلك، ولما كانت وكالات الاستخبارات الاسرائيلية، الفرنسية، والبريطانية توصلت الى ذات الاستنتاج، لم يتبقَ لاوباما بديل غير الاعراب عن موقف علني.

كما افادت “الصاندي تايمز” بأن رئيس الاركان البريطاني، الجنرال سير دافيد ريتشرتس، حذر من ان التدخل في سورية قد يؤدي الى حرب شاملة. وحسب التقرير، فقد قالت الضابط الكبير لرئيس الوزراء، دافيد كاميرون، ان ردا عسكريا على استخدام السلاح الكيماوي يجب أن يكون بحجم واسع للغاية كي ينجح. “فحتى اقامة منطقة انسانية آمنة ستعتبر حملة عسكرية كبيرة، دون تعاون السوريين”، قال ريتشرتس حسب التقرير لمحافل الامن العليا. وجاء من منظمة الامم المتحدة انه ارسل فريقا للتحقيق في استخدام السلاح الكيماوي في سورية وان الفريق بدأ منذ الان يجمع المعلومات حول استخدام مثل هذا السلاح. وفي هذه المرحلة يعمل الفريق في دول مجاورة لسورية، بسبب رفض النظام السماح له بدخول الدولة.

وفي البيت الابيض ناشدوا الاسد، أول من أمس، السماح لمراقبي الامم المتحدة بدخول الدولة لفحص مسألة استخدام السلاح الكيماوي. وذكر مساعدو اوباما حالة العراق حين أدت مادة استخبارية مغلوطة الى الحرب. وفي تلة الكابيتول في واشنطن، لم يكن للديمقراطيين شك بأن الخط الاحمر اجتيز: فبزعمهم، مكانة الولايات المتحدة على الكفة. ووصف السناتور الجمهوري، جون ماكين، جر الارجل في البيت الأبيض بأنه “سخيف” و”غير مفاجئ”. وقال ماكين انه “عندما قال الرئيس إنه يوجد خط احمر، فسر بشار الأسد هذا وكأنه يوجد خط أخضر. وذبح الناس بصواريخ سكاد. هذا أحد الفصول الاكثر خجلا في التاريخ الأميركي”.

“معاريف”، 29/4/2013

الأيام، رام الله، 30/4/20103

مقالات ذات صلة