المقالات

كي لا ننسى و حتي نتذكر القائد الذي رحل ولم يودع احدا الفارس الرمز..ابو علي مصطفي

في مثل هذه الايام وقبل ١٩ عشر عاما…غاب عنا قمر الشهداء .. القائد الوطني الكبير .. القائد الشجاع ..صاحب المباديء ..والمواقف الثابتة التي لا تساوم….امن بتحرير فلسطين ..كل فلسطين..ولم يتراجع ولم يهادن…كان قائدا بحجم الوطن

رحل اثر عملية اغتيال جبانة نفذتها اجهزة المخابرات الصهيونية وهو يمارس عمله في مكتبه…ولم يودع احدا وكانه ..اراد ان يقول لرفاقه في الجبهة الشعبية ولابناء شعبه اللذين احبهم واحبوه…انا باق معكم ..لن اترككم… ونحن .. نقول له لقد رحلت عنا و غادرتنا في مرحلة احوج ما نكون فيها للقادة العظام امثالك…ولكنك رحلت جسدا وبقيت معنا فكرا ..و موقفا ..و ممارسة..فانت ساكن فينا و باق معنا الى الابد

لقد ارادت دولة الكيان من اغتيال الرفيق ابوعلي مصطفي ان تغتال الجبهة الشعبية ودورها واغتيال الموقف ..الوطني الفلسطيني العظيم الذي جسده قولا وفعلا

نعم لقد عجزوا عن مواجهتك ايها الرفيق في ميادين الكفاح والمواجهة فاستهدفوك بعملية الغدر هذه

ان عمليه الاغتيال التي استهدفت الرفيق ابوعلي لم تكن استنادا لمواقفه و مامثله في السابق وانما خوفا من الخطر الذي يمثله في المستقبل وهذا ما ادركه العدو لحجم الإنجازات الكبيرة التي حققها الرفيق في هذه الفترة القصيرة بعد عودته على كافة المستويات جبهاويا ووطنيا وخوفها من ذلك

لقد كان الرفيق ابو علي مصطفي الامين العام الاول الذي يستشهد على ارض الوطن وتطاير جسده قطعا بفعل الانفجار وروت دماؤه.الطاهرة ارض فلسطين وزرعت فيها صمودا وتحديا ورسخت جذور المقاومة حيث قامت الجبهة بالرد على عملية الاغتيال بقتل الوزير المتطرف زيءفي.. وفي سرعة زمنية وتخطيط محكم اذهل العدو و اجهزة مخابراته ووجهت من خلال هذه العملية الفريدة من نوعها .. رسالة قالت للعدو العين بالعين والراس بالراس كما قال امينها العام احمد سعدات اطال الله في عمره وفك اسره قريبا إنشاءالله في يوم السابع والعشرين من اب عام ٢٠٠١ قبل تسعة عشر عاما رحل عنا القائد الشجاع والرمز الوطني الكبير الكبير احد اهم اعمدة النضال الفلسطيني في ثورته المعاصرة…غادرنا ..صاحب المباديء.. القائد الذي لا يساوم… القائد الذي آمن بتحرير فلسطين كل فلسطين وبقي متمسكا بالثوابت الوطنية وتحقيق اهداف شعبنا كاملة ولم يتزحزح عنها قيد أنملة رغم كل الصعوبات ..اثر تعرضه لعملية اغتيال جبانة قامت بها دولة الكيان الصهيوني و اجهزة مخابراتها من خلال اطلاق الصواريخ عليه وهو في مكتبه يمارس عمله المعتاد…حيث اصابته بشكل مباش و تطايرت اجزاء جسدة في كافة انحاء المكان وروى دمه تراب فلسطين..وشكل وقودا جديدا لاستمرار الثورة و تصعيدها وإشعال لهيبها..لقد ارادت دولة العدو الصهيوني من خلال هذه العملية الجبانة اغتيال الموقف الوطني الفلسطيني وموقف الجبهة الشعبية الذي مثله الرفيق الشهيد والقضاء على شعلة المقاومة ..لقد ظنوا انهم بذلك سيوجهون ضربة قاسمة للمواقف الشجاعة والنموذج الثوري الذي جسده الرفيق ..لقد فشلوا في مواجهة الرفيق القائد في ميادين المواجهة ونجحوا من خلال هذا العمل الجبان

ان عملية الاغتيال ..لم تستهدف الرفيق ابوعلي لما مثله وما انجزه بعد عودته للداخل علي صعيد الجبهة بشكل خاص والعمل الوطني بشكل عام.. وانما خوفا مما سينجزه في المستقبل ومن الخطر الذي يشكله على دولة الكيان ..لقد كانت فترة اقامته في الداخل قصيرة جدا الا ان انجازتها كانت عظيمة جدا وكبيرة جدا عكست نفسها على المستوي الوطني ككل ولم تقتصر في تاثيراتها على اوضاع الجبهة فحسب

لقد… غادرتنا يارفيق ابوعلي مسرعا ودون سابق إنذار دون ان تمتلك الوقت لتودع اي منا .وكانك اردت ان تقول لنا جميعا لن اترككم …انا باق معكم… غادرتنا جسدا .لكنك بقيت معنا فكرا وممارسة…بقيت معنا وانت تجسد النموذج القيادي الصلب.. النموذج الملتزم بقضايا الوطن والمبادئ والاخلاق والقيم

تعرض الرفيق ابوعلي لعدة محاولات فاشلة لاغتياله في الاردن ولبنان ونجا منها باعجوبة ..التحق الرفيق ابو علي في حركة القوميين العرب منذ عام ١٩٥٥ ..وفي ريعان شبابه عندما اتصل مع الدكتور جورج حبش و انتظم في صفوفها

اعتقل في الاردن عام ١٩٥٧ وحكم عليه بالسجن بقرار من المحكمة العسكرية حيث امضي داخل السجن اكثر من ٥ سنوات .مثل خلالها اسطورة في الصمود والمواجهة

بعد خروجه من السجن تزوج ابو علي من رفيقة دربه ام هاني ومن المفارقة انه اصر ان يكون يوم زواجه بتاريخ ٢٣-٧-١٩٦٤ هذا التاريخ الذي احبه حيث كان تاريخ انتصار ثورة يوليو بقيادة

الزعيم عبد الناصر

شارك في دورة الضباط في انشاص في مصر

لعب دورا اساسيا في تشكيل الخلايا الفدائية الاولي وإرسالها إلى الارض المحتلة وكان من ابرز المؤسسين لمرحلة الكفاح المسلح

تولى العديد من المسؤوليات في الجبهة حيث تحمل مسؤولية قيادة الداخل في الجبهة وتحمل مسؤولية الجهاز العسكري في الاردن وشارك في الدفاع عن الثورة في المعارك التي خاضتها مع النظام الأردني ..وشارك في معركة الكرامة وكان احد ابرز قياداتها

بعد خروج الثورة من الاردن توجه إلى لبنان

في عام ١٩٧٢ وفي المؤتمر الثاني للجبهة تم انتخابه نائبا للامين العام للجبهة وبقي في هذا المنصب حتى انعقاد المؤتمر السادس في عام ٢٠٠٠ والذي انتخب فيه أمينا عاما

في نهاية عام ١٩٩٩ عاد الى ارض الوطن

كانت فترة وجوده في الداخل

فتره مميزة استطاع خلالها ان يعيد بناء الجبهة كما استطاع ان يلعب دورا وطنيا كبيرا في تطوير اوضاع منظمة التحرير وشكل احد اعمدتها الأساسية ولعب دورا قويا في تاسيس وتطوير انتفاضة الأقصى وشكل نموذجا وطنيا بامتياز من خلال صلابته وتواضعه و التصاقه بالجماهير وخلال هذه الفترة القصيرة التي عاشها في الداخل لم يترك بيت شهيد الا وقام بزيارته ولم يترك مؤسسة او وزارة او دائرة فلسطينية او جمعية او حزب او منظمة اجتماعية او سياسية الا زارهها

وتحاور معها وناقش همومها واعطي توجيهاته لها ونتج عن هذا للتحرك انجازات كبيرة قررت دولة الكيان على اثرها التخلص من هذا القائد الكبير كونه يشكل خطرا كبيرا عليها وقامت بعملية اغتياله حتى لا يعطي فرصة لاستكمال برنامجه

الرفيق ابوعلي كان منخرطا في صفوف الجماهير و واحدا منها قبل تفرغه للعمل النضالي وكان كادحا منحازا للفقراء

حيث عمل مراسلا في البنك وفي.. محلات الزجاج.. ومصنع الكرتون ..فتح محلا تجاريا حوله بعد ذلك لمطعم شعبي صغير يبيع الفول والحمص والفلافل

ام يتخرج الرفيق ابو علي من الجامعة ولم يحمل شهادة جامعية في الطب او الهندسه او القانون وغيرها من الشهادات ولكنه كان جامعة بحد ذاتها كان الرفيق ابوعلي جامعة تخرج منها الآلاف من المناضلين و الوطنيين.. والمقاتلين..اصحاب المباديء والاخلاق والممارسة الثورية. اللذين لا يساومون على حقهم ولا يفرطون في ارضهم …نعم هذه هي جامعة الرفيق ابوعلي جامعة الكفاح..جامعة نشر الوعي وثقافة المقاومة

نعم لقد كنت في تاريخك و مواقفك و ممارساتك اكبر من كل المعاهد والجامعات…وانت صاحب المواقف الشجاعة والعزيمة الفولاذية

اذكرك يارفيق وانت تقول عندما وطأت قدماك ارض فلسطين وانت تدخلها بعد غياب طويل

وانت تقول ( عدنا لنقاوم ولم نعد لنساوم)

هذا الشعار الذي اختصرت فيه الكثير الكثير وكان معبرا اكثر من الاف المقالات والخطب] اذكرك يارفيق وانت تحدد الفواصل و التخوم ..وتضع النقاط على الحروف اثناء جلسات الحوار الوطني الفلسطيني و اللقاءات التي اتيحت لي المشاركة في بعضها معكم وعند احتدام النقاش كنت تقول بوضوح مقولتك الشهيرة( ان نختلف على وضوح افضل الف مرة من ان نتفق على غموض)

لقد كنت قائدا فلسطينياً عربيا…امميا بامتياز

اذكرك وصوتك يصدح عاليا في المجلس الوطني الفلسطيني الذي عقد في دمشق في اعقاب كامب ديفيد..عندما قمت بالرد على هاني الحسن عضو اللجنة المركزية لحركة فتح الذي قال في كلمته امام المجلس( بيننا وبين سوريا زواج كاثوليكي لاطلاق فيه اذا قاتلت سوريا سنقاتل واذا خانت سوريا سنخون) وعندما اعتليت المنصة قلت ردا على هاني الحسن ( اقول لاخي هاني الحسن بيننا وبين سوريا علاقات سياسية و تحالفية…اذا قاتلت سوريا سنقاتل معها والي جانبها اما اذا خانت سوريا سنقاتل ضدها )

…نعم هذا هو الوضوح وهذه هي الاستقلالية وعدم التبعية لاحد وهذا هو الموقف الوطني الذي لا يجامل

نعم هذا هو ابوعلي القائد الصلب كا لفولاذ ولكنه الرقيق كا لنسيم في حبه لشعبه ورفاقه ..وانا افتخر انني عرفت الرفيق ابوعلي من ايام الاردن و عاصرته في لبنان و جاورته في بغداد ايام القيادة الخلفية حيث كان بفصل بين بيتينا سور الحديقة..وعرفته في دمشق والتقيت معه مرات عديدة في براغ وقامت بيننا علاقات عائلية متينة ورائعة

افتخر واعتز بها مدى الحياة

ابو علي لم يساوم ولم يهادن بقي متمسكا في الثوابت الوطنية رغم تخلي الكثيرين عنها ..وظل مدافعا عن منظمة التحرير والوحدة الوطنية ..وهو القائل ( منظمة التحرير مقدسة بمقدار ما تقربنا من فلسطين وهي ليست كذلك بمقدار ماتبعدنا عنها..وانت القائل ايضا الوحدة الوطبة والمنظمة ليست هدفا وانما وسيلة للتحرير..اما الهدف فهو تحرير فلسطين كل فلسطين

لقد عرفتك يارفيق ابوعلي كقائد وفارس صلب و شجاع كما عرفتك لحسن حظي كانسان وهذا مايجهله الكثيرين عنك..عرفتك وقد تجسدت كل القيم الإنسانية في شخصك. لازلت اذكر كيف كنت تستقبلني عندما ازورك في مكتبك المتواضع ..بعد فترة غياب..وكيف كنت تبدأ اللقاء مستفسرا عن الوالدة ماهي اخبارها وكيف صحتها..وانت تسأل عن الزوجة والحياة وتسأل عن الاولاد عن اخبارهم احوالهم في المدرس والمراحل التي وصلوا اليها …وبعدها تخبرني عن اوصاع اسرتك واخبارهم ام هاني والاولاد ..واذكر كيف كنت تتعامل مع الاطفال بكل رقة وحنان وكيف تتعامل مع الآخرين بتواضع القائد وانت تسمع لهم وهم يشكون لك همومهم ومشاكلهم وكيف كنت تعالج ذلك…نعم…لقد كنت يارفيق ابو علي نموذجا في كل سيء

اعرفك وانت صاحب النكتة الجميلة ومن يشيع اجواء المرح والسعادة في اللقاءات الاسرية

اذكر ك وانت تستقبلنا بحرارة ودفء في بيتك و تشعرنا اننا جزء من عائلتك

نفتقدك يارفيق ابوعلي وقد رحلت عنا جسدا. لكنك لازلت تسكن فينا فكرا وممارسة و موقفا

ما احوجنا البك في هذه الظروف

نذكرك الان وقد اشتدت المؤامرات على قضيتنا من صفقة القرن ..الى قرار الضم…الى التطبيع حيث يستهدفون تصفية قضيتنا و يصطف بعض الحكام العرب و اسباه المثقفين في طوابير الخيانة والتطبيع مع العدو الصهيوني اذكرك وانت تقول ليس امامنا الا الصمود و مواصلة الكفاح ولازالت كلماتك تتردد على مسامعي لا رهان على الحكام…انهم ذاهبون. ..الرهان هو على الشعوب لانها هي الباقية

اذكرك ..وانت تزرع الامل والثقة في نفوسنا..رغم حالة الاحباط واليأس الذي زرعها المستسلمون

نعم رفيق الحبيب ابو علي الحديث عنك ..بطول… ويطول..ولا ينتهي….ومهما قلنا فيك وكتبنا عنك سيبقى اقل مما لم نقله ولن نعطيك حقك وانت تستحق اكثر بكثير من ذلك ..لقد كنت صاحب مدرسة وطنيه كبيرة وتجربة استثنائية رائعه نستمد منها وتستمد الاجيال الدروس والعبر

..في…ذكري رحيلك نقول لك الثوار يموتون لكنهم لايرحلون وكما قال غسان كنفاني يرحل الجسد ويبقى الفكر والممارسة

سنبقى اوفياء لك و لمسيرتك ونواصل الطريق رغم كل الصعوبات نستمد من تجربتك الصمود والثبات والتحدي ولن نتراجع حت تحقيق كامل اهداف شعبنا وتحرير فلسطين كل فلسطين واقامة دولة العدالة والمساواة التي طالما ناضلت من اجلها

وختاما اقول لك با رفيق ابوعلي نم قرير العين لقد تركت الامانة لمن يصونها و رفاقك سيواصلون المسيرة دون كلل او ملل

وهاهو القائد الكبير احمد سعدات بصموده و شموخه مع رفاقه في الاسر وهاهو القائد الرمز ابو احمد فؤاد و رفاقهم في المكتب السياسي واللجنة المركزية بالاشتراك مع عموم كوادرها و جماهيرها يقودون سفينة الجبهة الى النصر رغم تلاطم الامواج

ثورتنا مستمره والنصر قادم لامحال والاحتلال الى زوال

انقول لك وداعا وانما نفول الى االقا…الى اللقاء

طارق ابوبسام

مقالات ذات صلة