أرشيف المنتدى

الرئيس السيسي والموقف المصري!

الرئيس السيسي والموقف المصري!

ما من مرة أستمعت فيها للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وهو يُليقي خطابه، إلا وكانت الأفكار تتصارع في مخيلتي.. تدفعني بقوة لأتساءل عن:

عودة عبد الناصر وطموحات هذه الأمة، عن رد الإعتبار لهيبة الدور المصري على الساحة العربية والدولية.. عن العرب والقومية العربية.. عن القضية الفلسطينية وعودتها لأولويات العقل العربي. عن إتفاقية كامب ديفيد وقيودها. عن الجامعة العربية وإعوجاجها المشبوه!

نعم، هذا الهذيان السياسي يجتاحني كلما أطلّ علينا الرئيس السيسي بخطابه. إلى أن جاء العدوان الإسرائيلي على أهلنا في غزة، لأصدم بالموقف الرسمي المصري وبحقائق أضاعت مني الهذيان!

الواقع ليس كالأماني يا صاحبي! وعبد الناصر المُنتظر كبّلته قيود كامب ديفيد وأَسَرَته المساعدات السعودية وأحرجته المواقف الأميركية، فأصبح كالرئيس حسني مبارك في قراراته، ومهمته تنحصر فقط في تقريب وجهات النظر بين الفلسطينيين والإسرائيليين!

عند فلسطين وأحداثها تتضح الرؤية.. وعند غزة الخبر اليقين.

وفي التفاصيل نقول:

الرئيس السيسي هو عبد الناصر فقط عندما يُلقي خطابه.. وأنور السادات عندما يعادي الأخوان المسلمين.. وحسني مبارك عندما يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية! الحقيقة تعرّي الجميع لتخبرنا بأن هناك سد مرتفع الأسوار بُني بتخطيط إسرائيلي وتنفيذ غربي وتمويل عربي، لا يجرؤ أحد من العرب وغير العرب القفز من فوقه أسواره.. حتى وإن كان إسمه عبد الفتاح السيسي!

الواضح أن الموقف المصري من الحرب على غزة يستند في تحركاته إلى الآتي:

1- مصر تعاني أزمة إقتصادية خانقة وأزمة أمنية مُربكة.

2- مصر لم تغفر لحركة حماس تحالفاتها الأخوانية، لذلك لن تُستشار في أي إتفاق هدنة تنجزه السياسة المصرية.

3- مصر محكومة في تحركاتها إلى هذه الإتفاقات الموقعة بينها وبين الحكومة الإسرائيلية:

-اتفاقية كامب ديفيد 1979م .

-اتفاقية الكويز 2004م.

-اتفاق فيلادلفيا 2005م.

-اتفاقية تصدير الغاز المصري لاسرائيل 2005م.

ومن يعلم فحوى بنود هذه الإتفاقات يُدرك حجم الأزمة السياسية المصرية، فهي مُقيّدة الحركة اللهم إلا بما تسمح به هذه الإتفاقات وهو أقل من أن يلبي مطالب المواطن المصري قبل الفلسطيني أو العربي!

من هنا كانت طموحاتي كمواطن عربي وأنا أستمع لخطابات الرئيس عبد الفتاح السيسي مجرد حالة يُطلق عليها ” أحلام اليقظة”.

ومن الخطأ الفادح ربط الموقف المصري من العدوان على غزة الذي كان ولا يزال يُقتصر على دور “الوسيط”، بتحالفات حركة حماس الأخيرة الخاطئة مع الأخوان المسلمين. بل هو موقف محكوم للكم الهائل من القيود التي فرضتها عليه الإتفاقيات، وأولها إتفاقية كامب ديفيد! وإذا لم تنكسر قيود هذه الإتفاقات ستبقى مصر غير قادرة على أن تلعب دورها القيادي في العالمين العربي والإسلامي.

ووقتها فقط.. لن يصيبنا الهذيان ونحن نستمع للرئيس السيسي وهو يلقي خطابه.

ولنا لقاء..

أبورياض