أرشيف المنتدى

عقولٌ لا تبشر بقرب الخلاص!

عقولٌ لا تبشر بقرب الخلاص!

قد يُثيرك هذا الصمت المُريب الذي يُخيِّم على معظم وسائل الإعلام العربية، بعد إنهيار داعش في الموصل، وكأنه “الإعلام” هو من خسر معركة الموصل وليس تنظيم داعش،، أو أنه قد فقد مادة إعلامية كانت تبرر رؤيته السياسية التي عرَّتها هزيمة داعش!.

لكن ما يُدهشتك أكثر، هو حالة الإرباك التي أصابت بعض الكُتاب بعد تحرير الموصل. حتى يهيأ لك، بأن الإنهيار الداعشي في الموصل قد أحرجهم بعد أن جرف معه جدران ثقافتهم وأقلامهم التي أسهمت بزرع البؤر الفتن الطائفية التي عايشتها منطقتنا العربية!.

حقيقة، تحيّرك ثقافة أقلام تخبرك بلا حياء، بأن التهنئة بتحرير الموصل هي بمثابة تهمة عند أهل الطائفة السنَّية، لها أثمانها وتبعاتها، حتى ليدفعك الإعتقاد بأن من خسر معركة الموصل هم أهل السنة وليس تنظيم داعش!. وهو قولٌ يعمل على ترسيخ صورة مشوهة لأهل السنة “كمخزون” بشري لا يؤتمن جانبه، وبيئة حاضنة لثقافة الإرهاب!.

هل هكذا هي الحقيقة؟!. أم أن في الأمر خيوط رسمتها أيد خفية!.

لنختصر المسألة بالقول:

تنظيم داعش ومُلحقاته الإرهابية.. ليست مجرد تنظيمات إرهابية ظهرت فجأة وفي ليلة ظلماء. بل هي أداة تنفيذية لمشروع سياسي متسلسل الخطوات. بدأ منذ السقوط المدوي للعراق وهدفه كما أُعلن في حينه، الوصول إلى شرق أوسط جديد تكون فيه إسرائيل سيدة القرار، بعد أن تلفظ القضية الفلسطينية أنفاسها الأخيرة نتيجة غدر وظلم ونكران!.

ولو نجح ما يسمى قطار “الربيع العربي” في إزاحة “عقبة” الرئيس السوري بشار الأسد، لما وُجدت فكرة ظهور تنظيم داعش بأشكاله الإرهابية المتعددة. لكنه الصمود السوري الذي أجبر أرباب الربيع العربي على إعادة صياغة معادلات ديماغوجية شعبوية نجحت في كل من تونس وليبيا ومصر واليمن، لكنها لا تمتلك مقومات النجاح على الأرض السورية. فكان لابد من سيناريو جديد قابل لمحاكاة الحالة السورية المستعصية. فجاء “البكاء المُصطنع” للتحالف الدولي على حالة الشعب السوري التي كانت تحسد إستقراره كل دول المنطقة. وإستمر بكاؤهم.. إلا أن ظهر للعلن فجأة زنادقة الأرض وعلى رأسهم المدعو ابو بكر البغدادي وتنظيمه الإرهابي مصحوباً بفلسفة الفتن الطائفية التي روَّجتت لها أبواق إعلامهم المصون!.

طبعاً وللتذكير فقط، لم نكن نسمع بنغمة الطائفية في كل من تونس وليبيا ومصر واليمن لأن التركيبة السكانية هناك غير قابلة لتسويق الفكرة أو تطبيقها، لكنها وجدت في تعدد الطوائف والديانات في سورية تربة خصبة لتمرير مخططاتها. أولى مسرحيات الفتن الطائفية كانت تُعرض على مدار الساعة على مسرح “الجزيرة” القطرية ومسرح “العربية” الخليجية”. ثم عُممت تلك المسرحيات على شاكلاتها من وسائل إعلام عربية تضرب بسيف السلطان، وللأسف نجحت تلك المسرحيات إلى حد كبير في إقناع عقول جهلت دينها فتبعت الشيطان.. ونفوس أغواها المال فعبدت السلطان.

ولابد أن القارئ الكريم يعلم بقية الأحداث، ويعلم كيف دُمِّرت الأوطان على رؤوس أهلها بإسم تلك الأكاذيب الطائفية والمذهبية.. وكيف أستبيحت الأعراض بفتاوى شيوخ وضعوا ضمائرهم في خدمة السلطان.

كل هذا وقع على مرأى ومسمع الجميع. لكننا وهنا تكمن المأساة، لا زلنا نستمع ونقرأ لتلك الأبواق والأقلام التي بثت أكاذيبها وسمومها على مدى سبع سنوات من عمر الأزمة، ولا زال هناك من ينصارهم رغم أنه الخاسر الوحيد من تلك السياسات وإن طال الوقت.

مفاهيم أعيت فلاسفة الرياضيات!.

كيف تنتصر الموصل وتُهزم داعش هناك، ثم يُنكر الإنتصار إعلام فقد مصداقيته.. ليأتيك مُحاججاً “مثقف” أو مواطن دفع فواتير القتل والدمار.. ليقارعوك بأصالة الطائفية.. وصدق هذا الإعلام في إنكاره لهذا الإنتصار!

وبعدها يأتي من يحاول إقناعك بإنتعاش الثقافة داخل شارعنا العربي!.

عجبي.. ولنا لقاء..

أبورياض