المقالات

المصالحة الفلسطينية رافعة مصرية للعمل ضد “إسرائيل”

المصالحة الفلسطينية رافعة مصرية للعمل ضد “إسرائيل”

الكسندر بلاي

محاولة الرئيس المصري، محمد مرسي، المنتمي الى “الاخوان المسلمين”، التقريب بين قادة السلطة الفلسطينية، وفي مقدمتهم أبو مازن، وبين قادة “حماس”، خطوة اخرى في الجهد المصري للعودة الى موقع القيادة وإقرار مكانة النظام الجديد وسيطا في الصراعات العربية العامة. وبين يدي ذلك المصلحة المصرية التي تطورت منذ حل “الاخوان” محل نظام الضباط، وهي الاسهام في النضال ضد اسرائيل بكل وسيلة ممكنة، وجعلها تلغي اتفاق السلام مع مصر وتنشئ في الوقت نفسه لنفسها صورة مسهمة في السلام والاستقرار في المنطقة بحيث لا ينقطع عنها الدعم السياسي والاقتصادي والعسكري من الولايات المتحدة.

تتآلف الاجراءات المصرية الاخيرة في سلسلة مسارات على الصعيد الفلسطيني وهي: تقوية الارهاب “الليّن” في “يهودا” و”السامرة”، والشعور بخيبة الأمل عند الجمهور الفلسطيني الذي لم يستفد شيئا من اجراء الاعتراف في الامم المتحدة، وانتقاض القيادة الميدانية الحمساوية في قطاع غزة وكان من اسباب ذلك عملية “عامود السحاب”.

أصبحت منطقة “يهودا” و”السامرة” في الاسابيع الاخيرة حلبة اخلال بالنظام “ليّن”: فقد كثر رمي الحجارة وحالات “ارهاب” ينقذها أفراد ومجموعات صغيرة. ويحدث كل ذلك بموافقة السلطة الفلسطينية بصراحة أو ضمنا. ويقوي عدم وجود خطوات ما لمواجهة “المخربين” االشعور بان الحديث يدور عن “تصعيد ليّن” ليس عرضيا. يعارض أبو مازن في حلقات معلنة العمل العنيف، وهو مع ذلك لن يعارض انتفاضة “شعبية” لـ “الجماهير”، وإن كان يتحفظ الآن من انتفاضة مسلحة اخرى. وقد تضعضعت شرعية حكمه لأن موعد نهاية ولايته الرئاسية قد مر في العام 2010 ولا تُرى في الأفق انتخابات جديدة.

تضعضعت مكانة أبو مازن على الارض ايضا كمكانتي منظمتيه الأمين: فتح وم.ت.ف. فهما تفقدان على الدوام من وزنيهما قياسا بـ “حماس” التي تقوى والتي أخذ عرب “يهودا” و”السامرة” يرونها ايضا بديلا وإن يكن ذلك بتحفظ ايضا. وبازاء وضع أبو مازن يبدو ان تحفظه على جولة عنف اخرى هو نتاج خوف من ان تستغل “حماس” هذه الجولة لاسقاط السلطة الفلسطينية وتولي الحكم بالفعل في “يهودا” و”السامرة” ايضا.

“حماس” من جهتها تعوزها قيادة مصوغة وفكرة مركزية واحدة تجذب الجماهير. ليس الجمهور الفلسطيني مسلما متطرفا في تصوراته العامة، وقد أعطى “حماس” ثقته في انتخابات 2006 أملا في مستقبل أفضل لم يأت. وكذلك فان وضع قيادة “حماس” ليس حسنا لأنها لا تعتمد على قيادة ميدانية مقبولة، ويوجد بدل ذلك خليط من القيادات المحلية أو العائلية.

في اللقاء بين ممثلي الفصيلين الفلسطينيين الذي يتم في القاهرة في هذه الايام، ستطلب م.ت.ف كعادتها منذ سنوات ان تعترف “حماس” بقرارات الرباط (في تشرين الاول 1974) التي تُعرف م.ت.ف بأنها “الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني”، وان تنضم الى المجلس الوطني الفلسطيني – حيث يوجد لـ م.ت.ف تفوق مطلق – وان تقبل اتفاقات اوسلو، وان تلتزم بالكف عن الكفاح المسلح. احتمالات ان تقبل “حماس” هذه الشروط صفر، فهي لم تقبلها في الماضي حينما كانت ضعيفة ومضعضعة ولا احتمال بأن تقبلها الآن وقد أصبحت مكانتها أفضل من مكانة خصمها (م.ت.ف/ السلطة الفلسطينية)، وفي وقت لا تزال فيه ذكريات “عامود السحاب” و”الصمود القوي” للمنظمة طرية في الذاكرة الجماعية الفلسطينية، وستطلب “حماس” من جهتها لزوم واحد من طريقين باعتبار ذلك نقطة انطلاق في التفاوض وهما: انتفاضة عنيفة مسلحة تهز “يهودا” و”السامرة” جميعا وتُقر أطرا تنظيمية جديدة، أو تنصيب خالد مشعل زعيم “حماس” مرشحا ايضا لانتخابات رئاسة السلطة في مواجهة أبو مازن، فاذا انتُخب فان انتخابه سيجعل كل مطالب م.ت.ف لا داعي اليها.

ليست مواقف القيادة الفلسطينية بمركبيها م.ت.ف والسلطة، و”حماس”، مشكلة الى الآن لدعم انتفاضة عنيفة ثالثة. ومع ذلك فان عمل اسرائيل بعنف في الداخل سيُسهل على الدول العربية وفي مقدمتها مصر ان تعرضها بأنها “معتدية”، على الادارة الأميركية التي بدأت الآن مدة ولاية ثانية، وتصرفها عن الاستعداد للهجوم على ايران ويكون ذلك بيقين ذريعة مناسبة لحلف بين “حماس” وم.ت.ف لغرض ما.

“إسرائيل اليوم”، 10/1/2013

الايام، رام الله، 11/1/2013

مقالات ذات صلة