المقالات

ذهب الجميع واستنكر الفرد

ذهب الجميع واستنكر الفرد

بقلم : الحاج ابو سامر موسى

تعاني مجتمعاتنا العربية والإسلامية للأسف الشديد من ظاهرة مرضية مستشرية ، وهي ظاهرة الأنا وحب النفس والتفرد ومحاولة إرجاع الانتصارات والإنجازات للفرد دون ملاحظة المجموع الذي شاركه الجهد والعمل وتحرك معه وتحرك معهم .

وهذه الظاهرة للأسف تتسع رقعتها وتزداد بشكل خاص في الحركات والمؤسسات الإسلامية بشكل أكبر من غيرها وكأنهم لم يقرؤوا الآية الكريمة ( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون ).

المؤسف أنه كثيرا مايكون هناك جهد مشترك فصائلي أو حزبي وحين الحديث يبادر الفرد لينسب العمل كله لجماعته أو لشخصه . أين ذهب كلامه عند إلقاء المحاضرات وتنظيم الندوات وعندما كان يشبعنا كلاما وخطابات في العمل الجماعي وأهميته ونتائجه الكبيرة والحسنة كما هو المثل العربي القائل رأيين احسن من رأي وهكذا… وكلامه للأسف مغاير لسلوكه وتصرفاته فهو يحتكر العمل لنفسه ويرجع كل حسنة لعقله الراجح الفريد من نوعه ؛ ويرجع كل إخفاق وسيئة على الآخرين تحت حجج واهية ليس لها صرف أو أصول إلا في عقله المريض وكبريائه ووسوسة الشيطان له وإشعاره بعظمة نفسه المزعومة والتي تدفع به إلى مزيد من الاحتكار وتصدر المقامات واستخفافه بالشركاء ؛ ومرضه هذا الذي حرفه عن بوصلة الحق والاحتكام لقوله تعالى : (والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون ).

وقد قال حكيم : إذا بلغ الرأي المشورة فاستعن برأي لبيب أو مشورة حازم ولا تجعل الشورى عليك غضاضة

فإن الخوافي نافع للقوادم.

هذه الظاهرة القاتلة التي تجتاح عالمنا العربي والإسلامي سهلت الكثير على العدو المتربص بنا شرا لأننا جميعا نعلم علم اليقين أن إحدى وسائل الظلم والقهر والقتل والضعف هو سياسة العدو التي يتقنها وينفذها هي سياسة فرق تسد ، وإنطلاقا من هنا فإن العدو وفر عليه الكثير من الوسائل والإمكانيات وأدوات العمل ليصل لمرحلة التفريق والتشتيت والتشرذم لأننا نعيش هذا الواقع وهو متأصل فينا .

والعامل الأساسي لشيوع هكذا ظاهرة إنما تدل على ضعف الإيمان ؛ إيمان الفرد على المستوى الديني او على مستوى المشروع واتباعه هواه الذي زينه له الشيطان وشعوره بالاستعلاء والكبر عن الناس ونسي قول الله تبارك وتعالى ( وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ

أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ فَلَمَّا تَرَاءتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ إِنِّيَ أَخَافُ اللّهَ وَاللّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ ). كذلك نسي ان التفرقة تؤدي الى الضعف وخسارة كل شئ في الدنيا كمقدمة لخسارة الآخرة لأن القاعدة الربانية تفيد أنه لا يدخل الجنة من كان في قلبه ذرة من كبر .

وانطلاقا مما تقدم أقول أن النجاح والفلاح في إتمام دورة العمل الجماعي والتخلي عن المكاسب الشخصية والحزبية الضيقة المقيتة العفنة والوقت ما زال متسعا للعودة قبل أن يعم الخراب على الجميع .

السبت في 9_1_2016

مقالات ذات صلة