أرشيف المنتدى

عنترية إبن شداد العربية!

عنترية إبن شداد العربية!

أصبح العداء لإيران من قبل بعض الدول العربية أشبه بتراث يزيّن بُعدها الثقافي. أنا شخصياً، لن أستغرب يوما أن طالعتنا إحدى هذه الدول بإصدار طابع بريدي يوثق كرهها الثقافي.

من المعروف، أو الذي أعلمه. أن مصالح الدول تبقى المحرك الرئيس لعجلة السياسات. فالصديق قد لا يصبح صديقاً إذا ما إرتأت المصالح ذلك، والعكس صحيح. ولكي لا نظلم ما تبقى فينا من حسن نوايا، أحب أن أؤكد بأن قياداتنا العربية رعاها الله، هي الأخرى تؤمن بنظرية المصالح.. لكن مع بعض “التعديلات” التي لا تُرى بالعين المجردة!.

مثلاً هي تؤمن بأن تحقيق مصالح دولة ما، قد يجلب لها تحقيق مصالحها ولو بعد حين!. وأن تنفيذ أجندة دولة ما حتى وإن خسرت مالها وسيادتها قد يحقق لها أهدافها وإن طال الزمن!.

يا صاحبي، حتى أفلاطون الذي صنَّف الدول إلى 4 دول، دولة دينية ودولة إقطاعية ودولة شعب ودولة إستبدادية، لم يستطع أن يصل بفلسفته إلى مفهومكم الكنفشاري (دولة بلا مصالح)، الذي تصر عليه بعض من دولنا العربية!.

والحق يقال، إستغرابي ليس بسبب حاكم ظالم يريد تطبيق فلسفته، أو بسبب وزير يرى في تأجير ضميره وكل ما ملكت أيمانه مقابل منصب أو حفنة من الدولارات. إن ما يثير إستغرابي هو ذاك المواطن الفقير المعدوم من كل مقومات الحياة، والذي يأتيك مُقارعاً ومُخاصماً ومُعادياً إن لزم الأمر إذا ما واجهته بمهزلة نظرية دولة “بدون مصالح” وما جلبت لنا من ويلات أطاحت بكل قيم الأوطان داخل عالمنا العربي!.

وهنا لا تملك سوى الوقوف أمام هذا الفراغ الذي تحتويه عنترية هذا المواطن العدم.. محاولاً إن أمكن، قراءة السراديب الفقهية التي جعلت منه عنترة بن شداد زمانه في دفاعه عن الطابع البريدي التي قد تصدره دولته العتيدة كرها بإيران وتنفيذا لمصالح الدول الأخرى التي ترى في إيران دولة تعيق مصالحها!.

جملة ” من نافلة القول” نكتبها بعض الأحيان تبريراً لمعلومة سبق ذكرها، لكنني أجد نفسي مجبر على تكرارها علَّي أستطيع تحريك الجمود الفكري العالق داخل سراديب الظلام المُفتعل:

الذي أعلمه أن إيران لم تغتصب فلسطين ولم تكن يوم أن إغتصبت إسرائيل فلسطين عدوة للعرب، ولم يخبرنا التاريخ بتآمرها في ضياع فلسطين فلماذا عداؤك لها يا عنترة بن شداد العبسي؟!.

والذي أعلمه أيضاً أن شاه إيران ومنذ خمسينيات القرن الماضي كان بمثابة الأخ الأكبر المُطاع عند آل يعرب، وأنه كان السيف المُسلَّط من قبل الغرب على رقاب ملوك وأمراء ورؤساء آل يعرب فلماذا لم نسمع يوم ذاك ببطولاتك العنترية يا ابن شداد!.

والذي أعلمه كذلك يا ابن شداد أن آل يعرب قلبوا خنوعهم لإيران الشاه الغربي إلى عداوة لإيران الثورة منذ إنتصار الثورة الإسلامية فيها وأصبحت معادية لإسرائيل والغرب، رغم أنها قامت بكل ما من شأنه خدمة مصالح الشعب الفلسطيني وقضيته، فهل تفسر لنا سبب ثقافة عنترياتك؟!.

دعني أخبرك يا ابن شداد كيف إنعكست مسيرة عداؤك لإيران وأين أوصلتنا:

في بداية العداء لإيران كانت إسرائيل تسمى “العدو الصهويني”. ثم تتطور العداء لإيران فأصبحت إسرائيل “العدو الإسرائيلي”. ثم إزاد عداء آل يعرب لايران فاصبحت إسرائيل تسمى “إسرائيل” بدون صفة عدائية. ثم تضخم عداؤكم العنتري لإيران فنتج عنه إسرائيل “الشريك” في العداء المزعوم. حتى أوصلتنا عنترياتكم يا ابن شداد إلى أن تصبح إسرائيل “دولة سنية” أكثر حرصاً من المسلمين على دينهم وأوطانهم وأبنائهم!

طبعا يا ابن شداد، لك أن تستنتج كيف تطورت أثناء ذلك القضية الفلسطينية وكيف أدخلتموها ضمن متاهة سراديبكم المُفتعلة التي همَّشت القضية ودمرت ما تبقى من أوطانٍ كانت تزخر بمعالم أخلاقية ودينية وإنسانية!

ولنا لقاء..

أبورياض