الشتات الفلسطيني

القيادة العامة تطلق عبر البناء مشروع رؤية حول تطوير العمل الفلسطيني المشترك في لبنان

أبو عماد رامز: أول ضحايا أحداث عالمنا العربي هي القضية الفلسطينية
عطايا : المبادرة تكونت في لبنان الذي نجح في احتضان المقاومة كجزء من الانتظام العام السياسي والاجتماعي
ابو العردات : نبحث في كيفية تعزيز مشاريع كهذه حتى نصل إلى صيغة عمل مشتركة
بركة : الفلسطينيون في لبنان يريدون تحييد المخيمات عن كل الخلافات الداخلية
أبو جابر : نؤيد كل مشروع يساهم في تقدّم القضية الفلسطينية خطوة إلى الأمام
أبو عبيدة : نثمّن دورالجبهة في تقديم مشروع وحدوي منظم يُعنى بضبط وتنظيم المخيمات

بعدما أفشلت المقاومة اللبنانية في حرب تموز الـ 2006 مشروع

الشرق الأوسط الجديد ، جاء انتصار المقاومة الفلسطينية على العدو الإسرائيلي في غزة عام 2008، ليؤكد هزيمة مخطط الفوضى الخلاقة الذي أرادت الجهات الغربية من خلاله خلق جو يناسب العدو، ويفتح أمامه الطريق لتحقيق مشروع الدولة اليهودية .

وحين أدرك الجميع أن هذه المشاريع تتفتت أمام سواعد المقاومين، قرّروا تعميم الفوضى عبر تأسيس جبهات ومجموعات طائفية ومناطقية تحارب كل العقائد الوحدوية المقاومة، ونشر الفتنة في أمتنا كالذي يحصل اليوم في شام الياسمين، إضافة إلى توتير الأجواء في لبنان ومحاولة زجه في أتون الفتنة، كل ذلك جزء لا يتجزأ من ذلك المخطط التقسيمي الطائفي.

ولأن المشهد في لبنان لا يكتمل إلا بوجود الصورة الفلسطينية، وكي لا تتكرر معركة مخيم نهر البارد في أيّ من المخيمات الفلسطينية في لبنان، وضعت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة، مشروع رؤية هدفه تطوير العمل الفلسطيني المشترك.

وللإضاءة على المشروع الهادف إلى الحفاظ على سلامة المخيمات الأمنية والاجتماعية، توجهنا إلى مقابلة أبو عماد رامز مسؤول الجبهة في لبنان، وكان معه الحديث التالي:{ طرحتم في الآونة الأخيرة مشروع حول تطوير العمل الفلسطيني المشترك في لبنان، فما هو الدافع الأساسي لطرح مشروع كهذا؟

– إن تطوّر الأوضاع السياسية والمتغيّرات والأحداث الحاصلة في المنطقة عموماً، وتداعياتها على لبنان خصوصاً، ومع ما أكدته وقائع هذه المتغيرات كلها وتطوّر أحداثها وتسارع وتيرتها منذ أواخر عام 2010، فإن المحصلة في النهاية لنتائج هذه الأحداث ستكون أولى ضحاياها القضية الوطنية الفلسطينية، هذا ما ظهر جلياً بعد زيارة أوباما إلى الأراضي المحتلة، وخصوصاً أن القضية المركزية اليوم في ظلّ الانقسام الفلسطيني الحاد تفتقد المناعة التي نقوى بوجودها.

فمن هنا ومن أجل حماية القضية الفلسطينية، تقدّمنا إلى كل الفصائل الفلسطينية بطرح مشروعنا الوحدوي الذي يحمل في طياته التعاون مع جميع الأخوة اللبنانيين والفلسطينيين، لمنع زجّ أبناء المخيمات في أتون الفتنة الطائفية والمذهبية، لأن هناك من يحاول توظيف الطاقات الفلسطينية لمصالح سياسية خاصة، وهذا ما حصل في مراحل سابقة.

{ ما هو الإطار القيادي لهذا العمل الفلسطيني الوحدوي؟

– إلى حين إنجاز المصالحة الفلسطينية التي نتطلع جميعاً إلى تحقيقها سريعاً، وإلى حين إعادة ترتيب أمور منظمة التحرير الفلسطينية وفق الآليات المتفق عليها في آذار عام 2005 وأيار 2011 في القاهرة، فإن

تسمية المرجعية الفلسطينية في لبنان يجب ألا تقف عائقاً أمام ترتيب العمل الفلسطيني المشترك. وفي هذا السياق، نعتقد أن تكون التسمية هي الإطار القيادي للفصائل والقوى الفلسطينية، ويضم هذا الإطار جميع الفصائل الفلسطينية الوطنية والإسلامية من دون استثناء أي أحد.

وفي ما يخص مهام هذا الإطار، فيجب الارتقاء بالعمل الفلسطيني المشترك على الأصعدة كافة، والعمل على حماية الهوية الفلسطينية وتوحيد الجهود من أجل تأمين الحقوق المدنية والاجتماعية للفلسطينيين في لبنان، إضافة إلى تعزيز العلاقات الثنائية الفلسطينية ـ اللبنانية وتأكيد العمل على اعتماد لغة الحوار بين القوى والفصائل، والعمل على تحييد الوضع الفلسطيني في لبنان عن التجاذبات والاصطفافات السياسية. والمهمة الأساس لهذا الإطار هي طمأنة الدولة اللبنانية وكل أجهزتها الرسمية والأمنية، على أن الواقع الفلسطيني كان يخرج عن سياق وجهته النضالية نحو فلسطين.

{ برأيكم، هل سيرحب الشارع الفلسطيني بالمجلس السياسي الفلسطيني الذي تتحدثون عنه؟

– في رأيي، من أجل إعطاء العمل الفلسطيني المشترك في لبنان دفعة قوية على طريق الارتقاء به نحو المزيد من تعزيز العمل الوحدوي وتحصيناً للساحة الفلسطينية في لبنان، وتحمّلاً للمسؤولية تجاه جملة التحدّيات التي يواجهها الوجود الفلسطيني، لا بد من إيجاد إطار سياسي تتشارك فيه كل الفصائل والنخب الفلسطينية الوطنية والحقوقية إضافة إلى ناشطين يتم التوافق حولهم لاحقاً.

في النسيج اللبناني، هناك كوادر ونخب فلسطينية إعلامية وثقافية، وهناك أيضاً أعضاء المجلس الوطني الفلسطيني، وتوحيداً لهذه الكوادر والطاقات طرحنا فكرة هذا المجلس الذي تعدّ مهمته توجيه العمل ووضعه على السكة الصحيحة.

ولا شك لدى القيادة العامة أنه سيلقى ترحيباً في الشارع الفلسطيني، لأن الفلسطينيين في لبنان اليوم بأمسّ الحاجة إلى هذه الهيكلية التنظيمية في ظلّ الأجواء الانقسامية المحيطة.

{ بالعودة إلى المشروع، هناك كلام عن لجان ومجالس شعبية، فما الدور الملقى على عاتقها؟

– لا تقف التحدّيات عند الواقع الاجتماعي والاقتصادي والخدماتي والحياتي، بل تتعداه إلى الأخطر، من خلال التحدّيات السياسية التي تمسّ بالمحرمات الوطنية، كإشهار سيف التوطين أو التهجير

تحت عناوين واهية، والقول مثلاً بأنّ لبنان لا يتحمّل تبعات الوجود الفلسطيني فوق أراضيه، ولعلّ استهدافه أمنياً في كثير من المراحل أتى في هذا السياق.

بناء على ذلك وانسجاماً مع إدراكنا وتلمسنا لحجم المخاطر والتحديات بكل عناوينها، فلا بد من إعادة النظر في واقع اللجان الشعبية إن لجهة برنامجها أو آليات وأدوات عملها التي تقع في سلم أولويات عملنا.

هذه اللجان الشعبية هي إحدى المؤسسات الوطنية الهامة والأساسية لأنها تشكل المرجعية الاجتماعية

التي تجسّد الشخصية الوطنية في لبنان، وهي المؤطر الاجتماعي لطاقات الجماهير الفلسطينية، وهي التي تهتم بالتقديمات الاجتماعية في المخيمات ويعود لها رسم الخطط ووضع البرامج الكفيلة برفع مستوى التقديمات من خلال توفير الإمكانيات، وتبقى مهمتها الرئيسية في أطر النضال المطلبي الاجتماعي، إذ يكمن دورها في مواجهة سياسات التقليص التي تنتهجها إدارة الأنروا ضد الفلسطينيين في المخيمات، منطلقةً من سياسة تقوم على إنهاء دورها بما يخدم السياسة الأميركية القائمة واستمرارها بخدمة مخططات الكيان الغاصب.

كما تهدف إلى تحقيق أوسع مشاركة شعبية في اتخاذ القرارات ذات العلاقة المباشرة بالناس.

{ تتكلمون عن لجنة حفظ النظام والأمن الاجتماعي، ماذا تعنون بالأمن الاجتماعي؟

– شهدت المخيمات حديثاً حالات من الانفلات والتفلت الأمني على أصعدة مختلفة، ما يحتّم علينا أن نعيد النظر في آليات عمل أدوات الأمن الاجتماعي بما ينسجم مع تطلعات أهلنا وشعبنا في الحفاظ على أمنهم، وصوناً لكرامتهم وبما يضمن حقوقهم وممتلكاتهم وأرزاقهم وأعراضهم من كل سوء.

إن العمل على تحقيق ما تقدّم لا يمكن أن يأتي فقط من خلال الالتزام الأدبي أو اللفظي، بل من خلال العمل والجهود الحثيثة والشعور بالمسؤولية الأخلاقية تجاه أهلنا في المخيمات. هذا ما نقصده بلجنة حفظ النظام والأمن الاجتماعي، إضافة إلى محاربة الآفات الاجتماعية والأمنية المتمثّلة بالمخدرات وحبوب الهلوسة والاتجار بالسلاح ومنع الاعتداءات على أحد داخل المخيمات أو خارجها، وتسليم كل من يرتكب أفعال جرمية إلى الجهات اللبنانية المختصة.

في النهاية هدف هذه اللجنة هو تحسين أوضاع المخيمات الاجتماعية والأمنية وتغيير صورة المخيمات السيئة الراسخة في أذهان الكثير من الأشخاص في المجتمع.

فتح

بدوره، رحّب فتحي أبو العردات، أمين سر حركة فتح في لبنان، بالمشروع المقدم من قبل القيادة العامة، وأشار إلى ان هناك مشاريع وحدوية عدّة قُدمت من قبل، لكنها افتقدت للإرادة. وأكد أن المبادرة المقدّمة اليوم تهدف إلى إعادة ترتيب الصفوف الفلسطينية وتوحيد موقفها.

وقال: نحن نبحث عن كيفية تعزيز مثل هذه المشاريع حتى نصل إلى صيغة عمل مشتركة بين الفصائل، خصوصاً في هذه الأوضاع المتوترة.

وأضاف، إن هذه المبادرة ممتازة وهي عندنا في محط الاهتمام والتقدير.

الجهاد الإسلامي

من جهته، شكيب العينة أبو عبيدة، مسؤول العلاقات السياسية في حركة الجهاد الإسلامي، قال: ان هذه الرؤية التي قُدمت من الرفقاء في القيادة العامة ليست الأولى من نوعها، ونحن نثمّن دور الجبهة في تقديم مثل هكذا مشروع وحدوي منظم يُعنى بضبط وتنظيم المخيمات وتحصينها من الداخل على المستوى الفلسطيني ومن الخارج على مستوى العلاقة مع الدولة اللبنانية بما يخدم مشروع استمرار النضال الشعبي، على اعتبار أن الفلسطينيين هم ضيوف إلى حين تحرير فلسطين والعودة المظفرة إليها.

كما دعا الجميع إلى التوحّد في إطار رؤية واحدة من أجل حماية المخيمات ومن أجل أن يبقى الوجود الفلسطيني في لبنان وعبر الحدود شاهد على جريمة العصر التي ارتكبها العدو الصهيوني، والتي من خلالها شرّد الشعب الفلسطيني.

الجبهة الشعبية

وفي الإطار ذاته، أكد أبو جابر مسؤول العلاقات السياسية في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـ جورج حبش ـ أن الجبهة تؤيّد هذا المشروع الذي وضع أمام الفصائل الفلسطينية كافة كمادة نقاشية، وشكر القيادة العامة التي أخذت المبادرة الهادفة إلى لمّ شمل الفلسطينيين، مشيراً إلى أنها خطوة إيجابية لأن المرحلة تقتضي اليوم العمل على وحدة البيت الفلسطيني.

وختم قائلاً: إننا نؤيّد كل مشروع يساهم في تقدّم القضية الفلسطينية خطوة إلى الأمام.

حماس

إلى ذلك، قال ممثل حركة حماس في لبنان، علي بركة، إننا ندعم كل جهد يرمي إلى تفعيل العمل المشترك الهادف إلى حماية المخيمات وعدم انزلاقها خلف المشاكل السياسية اللبنانية .

مشدداً على التمسّك بخيار المقاومة حتى عودة آخر فلسطيني إلى دياره.

وأشار إلى أن هذا المشروع المقدّم من القيادة العامة يؤكد على أن الفلسطينيين في لبنان يريدون تحييد المخيمات عن كل الخلافات الداخلية.

القومي

وفي سياقٍ متصل اعتبر عميد شؤون فلسطين في الحزب السوري القومي الاجتماعي، هملقارت عطايا أن هذه المبادرة متى ارتبطت بالإرادة السياسية ستعبّر عن استعادة أبناء شعبنا الفلسطيني في لبنان دورهم في مشروع التحرر الوطني، كما ستضعه في موقع الشراكة الوطنية الكاملة ما يجعل فرض الحقوق المدنية والاجتماعية المشروعة أمراً ممكناً، كما رأى الحزب أن هذه المبادرة ستوجّه طاقات شعبنا وقدراته وإمكاناته تجاه العدو.

وقد أكد الحزب أن أهمية المبادرة تكمن في قابليتها للتحقيق في الأرض المحتلة، وذلك كونها تكونت في لبنان الذي نجح في احتضان المقاومة كجزء من الانتظام العام السياسي والاجتماعي رغم أنف المتآمرين محلياً ودولياً، ويقدّر الحزب دورها الذي لم يحد يوماً عن بوصلة الصراع مع العدو.

P07-01-04-2013
حاوره أحمد فخر الدين

مقالات ذات صلة