الشتات الفلسطيني

لماذا اغتال العدو الصهيوني الأخوين || أبو حمزة ونضال المجذوب؟!

تمر ثماني سنوات على جريمة اغتيال الأخوين، الشهيد القائد محمود المجذوب «أبو حمزة»، وشقيقه نضال على يد الموساد الصهيوني وعملائه. فبعد رحلة من الجهاد الشاق والمضني آن للفارس الجهادي أن يرتاح ليُزف إلى علياء المجد والخلود برفقة أخيه في الدم والخيار الجهادي ولكن لماذا اغتال الاسرائيلي محمود المجذوب.. (أبو حمزة)، وأخيه نضال (أبو هادي)؟.

وللاجابة على هذا التساؤل لا بد من التأكيد أن إسرائيل ما زالت تحتفظ في ذاكرتها بعدد القتلى الإسرائيليين الستة الذين سقطوا في عملية الجهاد الإسلامي في مستعمرة شلومي خلال انتفاضة الأقصى المباركة، وكان المسؤول المباشر عنها الشهيد أبو حمزة. كما أنها تُحمّله مسؤولية ما حول عملية تل أبيب الاستشهادية في 2006 التي نفذتها سرايا القدس.

وبهذا كان يمكن وضع عملية اغتيال المجذوب وشقيقه في إطار السياسة الأمنية الإسرائيلية التي تستهدف المقاومة وقادة حركة الجهاد الإسلامي بحسب ما أعلن رئيس الوزراء السابق آرييل شارون وبعده أولمرت حول استهداف الجهاد في كل مكان. إلا أن إسرائيل من وراء الاغتيال والضربات الجوية اللاحقة سعت إلى تعقيد الوضع اللبناني وتأزيمه وفرض رغبتها على المتحاورين اللبنانيين للإسراع بحسم مسألة السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، وإنهاء مسألة وجود سلاح المقاومة بشكل يريحها ويعيد لها التوازن الذي أفقدتها إياه المقاومة في فلسطين ولبنان. ولكن سرعة رد المقاومة الإسلامية وشبه الإجماع اللبناني على تحميل إسرائيل مسؤولية جريمة الاغتيال عكس حجم الفشل الإسرائيلي في فرض معادلة جديدة تحكم آليات الصراع خارج فلسطين.

وكتب المعلق العسكري في صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية (30/5/2006)، أليكس فيشمان أنه “قبل يوم من تصفية أبو حمزة وشقيقه في صيدا، زار الأمين العام لحزب الله مدينة صور. والعناصر التي كانت ستقوم بتصفيته أرسلت رسالة: بالطريقة التي تمكنا فيها من تصفية أبو حمزة في صيدا كان بوسعنا زيارة صور في اليوم السابق”، حسب زعمه.

وأخذت القيادة الشمالية الإسرائيلية ذلك بالحسبان حيث أنها أعلنت يوم الاغتيال عن رفع حالة الاستعداد إلى مستواها الأعلى ووضعت الفرقة الشمالية في حالة تسمى “التوقع المستعد” أي عدم الظهور علانية والاستعداد لمواجهة الخصم”.

وإذا كانت الأوساط العسكرية الإسرائيلية تعتقد ان اغتيال قيادات المقاومة خارج فلسطين يمكن ان يردع المقاومة من تنفيذ عملياتها او يحد منها، هو تصور ثبت عدم صحته على امتداد الصراع بل كان الاغتيال باستمرار يزيد من إصرار المقاومة على استمرار الصراع ومواجهة الاحتلال. وعدا عن ذلك فتلك الأوساط تدرك أن الجسم الأساسي للمقاومة تدريباً وتخطيطاً وتنفيذاً موجود داخل فلسطين وتبقى علاقة الخارج محدودة، وبالتالي فإن المقاومة ستستمر وستواصل عملياتها.

كما أن الاغتيالات بشكل عام داخل وخارج فلسطين لم تنجح في تحقيق أهدافها أو فرض المعايير الإسرائيلية للصراع ويمكن الاستشهاد على ذلك بالعديد من العمليات الإرهابية الإسرائيلية: “..أبو جهاد الوزير، د. فتحي الشقاقي، الشيخ أحمد ياسين، د. عبد العزيز الرنتيسي، أبو علي مصطفى…”.

كما أنه يمكن القول إن الاغتيال رسالة إسرائيلية تعبّر عن الرفض الكامل للتعاون الفلسطيني ـ اللبناني في مجال المقاومة. ويمكن التدليل على ذلك باستهداف الشهيد عوالي الذي اغتيل في الضاحية الجنوبية وهو “ضابط ارتباط بين المقاومة الإسلامية من جهة والمقاومة الفلسطينية في الداخل”. وكذلك الشهيد أبو حسن سلامة. والمجذوب عدا أنه “مهندس” في قطاع السلاح ومنه ما يطال الداخل الإسرائيلي عبر صواريخ “قدس” بأنواعها المختلفة، فإنه أيضاً “ضابط الاتصال بين الجهاد وحزب الله”.

وللاغتيال دلالة واضحة أن لبنان مرتبط، بشكل أو بآخر في الصراع بالمنطقة، بكل ما فيها من التوتر، والذي تشكل إسرائيل أساس التأثير فيه، بحكم عدوانها المستمر. ولذلك يجب صيانة وحماية لبنان من الاختراقات الإسرائيلية التي مسَّت وتمس سلامه واستقراره بل وتهدد وجوده ذاته!.

من هو الشهيد محمود؟

أسباب عديدة أدت لقيام الموساد الصهيوني وعملاؤه في لبنان، باغتيال (أبو حمزة) وشقيقه نضال، اللذين يتحدران من عائلة لبنانية مجاهدة كادحة، وسط ظروف حياة صعبة، ولكن كانت فلسطين الحاضر الدائم في هذا البيت.

واعتقلت قوات الاحتلال الصهيوني الشهيد أبو حمزة في معتقل أنصار وكان عمره 17 سنة، وَوُضِعَ في زنزانة منفردة لأنه كان دائماً يحرّض المعتقلين ضد إدارة المعتقل والاحتلال.

وبعدها قامت قوات الاحتلال بنقله إلى داخل فلسطين المحتلة إلى سجن عتليت.

وبقي هناك حتى خرج بعملية تبادل الأسرى. وعندما خرج من المعتقل من عتليت صار الجهاد عنده أكبر وأعظم، ما أثَّر فيه السجن عند اليهود. فقد خرج وعنده عزيمة أقوى وصار لديه تصميم على الجهاد أكبر.

وقام الشهيد أبو حمزة ومن معه من المجاهدين بتنفيذ العديد من العمليات البطولية ضد قوات الاحتلال الصهيوني في منطقة صيدا أثناء الاحتلال الصهيوني.

كان الشهيد أبو حمزة عنده إيمان بالله كبير وكان جريئاً وكانت أمنيته أن يستشهد وهو يقاتل اليهود.

انخرط في حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين منذ بدايتها وتولى مناصب عدة إلى أن أصبح المسؤول العسكري في لبنان.

تعرض لأربع محاولات اغتيال تم كشف اثنتين منها، وواحدة انفجرت بعد أن قفز من سيارته. أما الرابعة فهي التي أدت إلى استشهاده وشقيقه نضال.

المطلوب

وفي الوقت الذي ثُبت فيه وبالدليل الملموس أن إسرائيل وشبكات الموساد التخريبية والتي كُشف العديد منها في لبنان، أن إسرائيل لن تدخر جهداً في النيل من استقرار لبنان وأمنه والعبث بأمن المخيمات الفلسطينية ونشر الفوضى والتخريب، انتقاماً لاندحارها وهزيمتها على أيدي المقاومين في فلسطين ولبنان. مما يضع مسؤولية كبيرة على الجميع للتنبه واليقظة لأننا أمام عدو لا يرحم.

وأمام هذه الأخطار المستفحلة، لا بد من تجديد المطالبة للسلطات اللبنانية بأن تنفذ وبأسرع وقت حكم الإعدام الذي صدر بحق العميل “محمود رافع”، بعد أن تمت إدانته في عملية الاغتيال الآثمة، وأن يكون هذا الحكم هو مصير كافة العملاء بغض النظر عن ديانتهم أو جنسياتهم، لكي يكون رادعاً لكل من تسوّل له نفسه التعامل مع العدو.

وكالة القدس للأنباء – بيروت – لبنان

مقالات ذات صلة