المقالات

العلاقة الغرامية بين نتنياهو وحماس

العلاقة الغرامية بين نتنياهو وحماس

عنار شيلو

بنيامين نتنياهو محتاج الى “حماس”. نتنياهو محتاج الى “حماس” احتياجاً يائساً. فلولا “حماس” لوجب على نتنياهو ان يوجدها، ونتنياهو محتاج بيأس إلى “حماس” القوية كي يمتنع عن الذهاب الى مسيرة سياسية، وهو يبذل أقصى ما يستطيع لتقويتها.

بدأت العلاقة الغرامية بين نتنياهو و”حماس” في العام 1996. ولولا “حماس” لما انتُخب نتنياهو لرئاسة الوزراء. أفضى اغتيال “المهندس” يحيى عياش – وكان قرارا من شمعون بيريس حسم مصيره السياسي – الى انتقام “حماس”، وأثار موجة “ارهاب” دامية عشية انتخابات 1996. فالعمليات “الارهابية” عندنا تقوي اليمين بصورة آلية، ولاسيما إذا وقعت في ولاية حكومة يسار. وهكذا وبرغم قتل اسحق رابين والتعاطف مع حزب العمل، نجحت “حماس” بسلسلة عمليات فتاكة في ان تزرع الذعر واليأس من مسيرة “اوسلو” ووصل نتنياهو الى الحكم.

لم يتأخر مجيء الفصل التالي من العلاقة الغرامية. فقد أمر نتنياهو، عندما كان رئيس وزراء “الموساد” باغتيال خالد مشعل في عمان. وكان مشعل حتى ذلك الحين مجهولا تقريبا. وقد جعلته محاولة الاغتيال الفاشلة وانقاذه بأمر من نتنياهو مشهورا دوليا فورا. فلو كانت هنا نية مس بـ “حماس” فإن النتيجة كانت عكسية.

وفوق ذلك وللافراج عن رجال “الموساد” السجناء في الاردن أفرج نتنياهو عن زعيم “حماس” الشيخ أحمد ياسين. حتى إن “حماس” لم تتوقع جائزة كهذه. ومن غير ان يُقصد ذلك نشأ هنا نوع من العدل الشاعري: فقد أوصلت “حماس” نتنياهو الى السلطة، وكافأها نتنياهو بترفيع فوري لقائديها مشعل وياسين.

كان يمكن للانفصال عن قطاع غزة أن يعزز “فتح” والمسيرة السياسية على حساب “حماس”. لكن الانفصال كان اجراء من طرف واحد تم اتخاذه دون تفاوض مع محمود عباس. ومن المحيّر انه حينما تكون اسرائيل مستعدة ايضا للعودة الى حدود 1967 (في الجنوب) تفعل ذلك دون أي حوار وموافقة وتعزيز للجانب الفلسطيني المعتدل. فلا عجب في هذه الظروف من ان “فتح” ضعفت فسيطرت “حماس” على قطاع غزة. ان مؤيدي الأحادية عندنا رفعوا مؤيدي الأحادية في الجانب الفلسطيني. واستطاع رافضو الحوار من الطرفين ان يتنفسوا الصعداء.

أفرج نتنياهو عن نحو ألف أسير من “حماس” في صفقة شاليت، ومنح المنظمة في عملية “عامود السحاب” انجازات لم يسبق لها مثيل كاطلاق الصواريخ على تل ابيب والشرعية الدولية. وحصل مشعل، الذي تلقى في الماضي حقنة إحياء من نتنياهو في العام 1997، على مساعدة اخرى في الآونة الأخيرة، فقد أنعش عثرته وأُعيد الى مركز المسرح وتم الاذن له لأول مرة في حياته بأن يزور غزة.

أثارت زيارة مشعل النفوس في غزة، وما كان ذلك ليكون ممكنا تحت سلطة اسرائيلية اخرى. وكانت مصحوبة بخطب حماسية عبرت عن عدم الاعتراف باسرائيل في أية حدود وبدعوات الى القضاء عليها. وقد أوفى مشعل بنصيبه من الحلف غير المكتوب بين “حماس” ونتنياهو، وهو انه لا يوجد ما يمكن الحديث فيه، وعاد خطاب المحرقة.

“حماس” محتاجة الى نتنياهو. يجب على “حماس” أن تشكر رئيس الوزراء لخدمته المخلصة ولاضعافه خصمها اللدود محمود عباس – وهو مسار سيفضي الى تسليم الضفة الى “حماس” على طبق من فضة. فلو استطاع أناس “حماس” المشاركة في الانتخابات القريبة في إسرائيل لصوتوا لـ “الليكود بيتنا”. فسائر الاحزاب تهدد باسقاطهم أو بمحادثة خصومهم، لكن نتنياهو فقط لم يُخيب الآمال فلا يمكن الاعتماد إلا على نتنياهو. ان تصويتك لبيبي تصويت لـ “حماس”.

هآرتس، 16/12/2012

الأيام، رام الله، 17/12/2012

مقالات ذات صلة