المقالات

ومضات: هل يشعل مشعل الشعلة؟

ومضات: هل يشعل مشعل الشعلة؟

د. صبري صيدم

ما الذي يدور في مخيلة رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل؟ وهل يواجه تحديات حقيقية داخل حركته؟ وأين يقف من المصالحة الفلسطينية؟ ولماذا يريدها؟ وما هي أسباب زيارته الأخيرة لقطاع غزة؟ وهل هو باق في موقعه أم أنه حتما مغادر له؟ وهل يصنع المصالحة الفلسطينية حقاً؟ أم أنه يواجه داخل حركته امتحانا عسيرا بهذا الشأن؟ وبماذا يفكر برغبته تحقيق المصالحة؟ وهل ستحصل الأخيرة أصلا؟ وما هي خطواته القادمة بعد المصالحة لو تمت؟.

أسئلة كثيرة تدور في مخيلة الجميع حول شخصية فلسطينية راوحت بين الخلاف والوفاق بشكل خلقت كثيرا من الأسئلة وربما قليلا من الأجوبة. زيارته الأخيرة لغزة ربما جمعت بين المعلن وهو الاحتفال بانطلاقة حركته وترتيب بيته الداخلي وشأنه العسكري وحسم مناكفاته الداخلية وزيارة الوطن والاحتفاء بتوازن الرعب الذي خلقته غزة خلال الحرب الظالمة الأخيرة، وبين المخفي من رغبات وآراء سنشهدها لاحقا تحضيرا لمعارك فلسطينية ديمقراطية داخلية قادمة منصتها الرئيسية صندوق الانتخابات من جديد أو المحاصصة أو التحاصص.

نعم خالد مشعل الحامل لراية حماس والشخص الذي يجمع حوله وربما داخل حركته أسئلة توازي في أهميتها ما يحمله خارجها. بماذا يفكر بعدما أكد إيمانه بسلطة واحدة ومجلس تشريعي واحد وحكومة واحدة ورئيس واحد؟ وما هو تكتيكه المحتمل بعد أن اضطرب شمل حلفائه الإقليميين؟ فمنهم من غاص في حروبه الداخلية السياسية والميدانية ومنهم من تحدى العالم بشعاراته فعاد وأكد على اتفاقياته مع إسرائيل وأوفد سفيره إليها وكتب لرئيسها رسالة تجمع بين الطمأنة والرغبة في حسن الجوار، بينما احتار البعض الآخر في تحديد سطوته الإقليمية ودوره الجديد الكبير في المنطقة.

بين هذا وذاك وفي خضم محيط غامر من التحديات والتقلبات والاضطراب فإنه ومن غير المستغرب أن تكون معركة مشعل الأهم غدا هي منظمة التحرير الفلسطينية الغائبة طوعا من حيث الأداء والحاضرة قصرا من حيث الشرعية والتمثيل جواز السفر المتردد فيما يريد داخليا والحاسم لمظلة التمثيل الفلسطيني خارجيا.. جسر التحول من الظل إلى شمس الحضور الأممي والسفينة الناقلة لربانها وركابها من عالم الأقصاء أو التغييب إلى عالم القبول والحضور.

معركة منظمة التحرير وبعد المصالحة قادمة لا محالة خاصة في حال إكمال الأخيرة والبدء بتنفيذ بنودها.

لكن هذا الإطار ما زال اليوم ينتظر التفعيل إذ لا يختلف إثنان بأن الشعلة التي حملتها منطمة التحرير الفلسطينية ذات يوم وكما نراها اليوم في رسم شعارها المعهود قد خبت نارها وتضاءل لهيبها بانتظار جهود عاجلة ومستعجلة لاستنهاض متسارع لممثل الشعب الفلسطيني الوحيد والشرعي خاصة بعد حرب الأمم المتحدة الضروس التي ما زالت نيرانها ملتهبة في إسرائيل من باب قطع الأموال الفلسطينية وقتل الجغرافية وترهيب كل من تسول له نفسه من أبناء جلدتنا أن يقدم مالا للشعب الفلسطيني ليسد رمق موظفيه وحاجات أبنائه من أسر الشهداء والجرحى وعائلات الأسرى وما بينهما جميعا من خدمات ومتطلبات لا تنضب. فهل يشكل طموح مشعل القادم فرصة لإشعال مشعل منظمة التحرير الخافت؟ هل سيخلق برغبته نارا ديمقراطية تحرك الراكد وترفع الساكن وتجبر المكسور؟ وهل ستتحرك الفصائل المنضوية اليوم تحت جناح المنظمة لتنفض غبار الهدوء وتشغيل توربيدات محركاتها؟ وهل سننتقل من الشعارات إلى إلى الأفعال؟.

نعم من غير المقبول أن تموت المنظمة. ولا من المقبول أن نشهد تقهقرها أو بقاءها في دائرة المراوحة الأدائية، ليس فقط لأننا صفقنا لها ذات يوم بل لأن شعبا بأكمله قدم فيها ومن أجلها الشهداء والجرحى والأسرى وتحمل معها ومن أجلها ملفات لا تحصى من العذابات.

كذلك هو الحال بالنسبة للمصالحة الفلسطينية أيضا والتي يجب أن لا تموت ليس لأننا نريد ممارسة ترف المناورة بل لأننا نفهم في معظمنا معادلة واحدة: ننقسم.. ننهزم.

منظمة التحرير ربما تحتاج لمشعل ليشعل فيها نار المنافسة في رحلته للبحث عن الاعتراف الدولي والشرعية الدولية المطلوبة والتكتيك السياسي المتقدم أمام مغامرات الحلفاء وتكتيكاتهم الجديدة.

لكن الفصائل اليوم وأكثر من ذي قبل مطالبة بالإجابة عن سؤال مهم: ماذا أنتم فاعلون في التحضير لمواجهة ديمقراطية قادمة؟ أم أن الشعار وجد ليبقى وليستمر ولربما لا ينتصر؟!.

القدس العربي، لندن، 11/1/2013

مقالات ذات صلة