الشتات الفلسطيني

عبد العال: سبب أزمة الأونروا منهجية سياسية لدول متنفذة

بدعوة من مركز باحث، وتحت عنوان: الجذر السياسي لأزمة “الأونروا” قضية اللاجئين بين الحل والتصفية ، قدم مروان عبد العال، مسؤول الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في لبنان محاضرة أمام نخبة من السياسيين والمثقفين، حول موضوع الأونروا، في مركز باحث بمنطقة بئر حسن في ضاحية بيروت .

قدّم لها الأستاذ وليد محمد علي مسؤول مركز باحث، كما حاضر في الندوة الأستاذ سهيل الناطور .

بدأت الندوة بمداخلة مروان التي استهلها بالشكر لمركز باحث ولاهتمامه بالموضوع، حيث قال: نحن لسنا أمام موضوع طارئ أو موضوع مطلبي أوموضوع محدد، إنما نحن أمام سياق تاريخي له جذر، وأبعاد، وأهداف، ويمكن تلخيصه بالتالي :

أولًا: هناك اعتراف من أعلى مستويات في الأنروا على أن هناك فشل سياسي اتجاه اللاجئين بمعنى أن قضيتهم مازالت لم تحل، لذلك سيؤدي ذلك إلى عواقب إنسانية وخيمة، أي هذا يشكل إقرار بحقيقة الجذر السياسي للمشكلة، وأن الأزمة ليست مالية.

ثانياً: إن الأزمة هيكلية تتعلق بوجود موازنة ثابتة وملزمة، لذا نلاحظ أن الأونروا تقرن تقديم خدماتها بالموارد المتاحة القائمة على الهبات الدولية وليس موازنة ثابتة.

ثالثاً: إن هبوط مؤشر الدعم واهتزازه يسير بالمقارنة بالاستراتيجيات الدولية ، والملاحظ أن سياق الحديث عن العجز والتقليصات، بدأ مع انطلاق مسيرة التسوية وتحديداً بعد التوقيع على اتفاق أوسلو .

العقل الاستراتيجي دائمًا يبحث عن المناخ المناسب، أوالفرصة السانحة. من هنا تبرز بشكل لافت الدراسات البحثية، واستراتيجية صهيونية تتحدث عن موضوع اللاجئين في المنطقة من زاويتين:

أ- استيعاب قضية اللاجئين في مناطق آمنة في العالم، ونتيجة الحروب الدائرة في الأقطار العربية، ومن خلالها يعمل على استيعاب اللاجئين الفلسطينيين، أي أن الحل هو “الاستيعاب”، والمقصود هو إسقاط رواية اللاجئين، من خلال ترويج فكرة الاستيعاب كبديل لفكرة عودة اللاجئين باعتبار أنها فكرة مستحيلة .

ب- اعتبار أن هناك عبء أكبر على المجتمع الدولي في تحمل قضية اللاجئين تمهيدًا لإدماجهم، وأن الأنروا خلال 67 سنة لم تفعل ذلك، لذلك لاحت الفرصة الذهبية لإنهاء الأونروا، كما كتب ” نير عمران” في صحيفة ” معاريف”، حيث يعتبر بكل وقاحة أنها مؤسسة أنشأت من أجل حل قضية اللاجئين وليس تخليد قضية اللاجئين، وهو يقصد بذلك تصفية قضية اللاجئين.

خلق المعطيات التي تزيد من مؤشر الخطر على الوجود الفلسطيني :

* تراجع قضية اللاجئين وتحديدًا دور الشتات في الحركة الوطنية الفلسطينية، إن لناحية إعلاء مكانة السلطة على منظمة التحرير، أو حالة الانقسام القائمة، وتراجع دور ومكانة وإمكانيات المنظمة .

* التأثير الإنساني على الواقع الاجتماعي سيفرض حالة سياسية، أي أن الانتقاص من الحقوق الخدماتية والاجتماعية بكافة أشكالها هو انتقاص غير مباشر من الحقوق السياسية. علينا أن نقرأ جيداً دراسة الجامعة الأمريكية بهذا الصدد عندما تتحدث عن عدد الفلسطينيين في لبنان كرقم واقعي 260 ألف الى 320 ألف نسمة وان 62%منهم في المخيمات ، ويعيش تحت خط الفقر حوالي 160 ألف نسمة في ظل حرمان شبه شامل من الحقوق، وغياب الأمن السكاني والغذائي، وتراجع بالتعليم والصحة. هذا سيدفع نحو النزف والهجرة وليس للنمو.

* إن الدول المانحة، والولايات المتحدة هي الدولة صاحبة النصيب الأكبر في دعم الأنروا، باتت تطرح وتطلب: تعريف اللاجئ، أو اللاجئ المحتاج أو غير المحتاج ، أو تحميل الدول المضيفة وقوانينها العنصرية استمرار الحالة المزرية للاجئين.

* تقول دراسة قدمت لمعهد واشنطن تتحدث عما تصفه النموذج الأخطر الذي أخطأت فيه الأنروا، هو نموذج إعادة إعمار نهر البارد باعتباره أنه تبقى مسألة اللاجئين من دون حل، وأنه كان يجب أن يجعل من مسكنه، أما دمجهم في المجتمع المحيط، أو يدعهم يبحثون عن مستقبلهم، واعتبر ” ديفيد شينكر” مستشار في البنتاغون، أن إعادة إعمار نهر البارد شكل إعاقة كبيرة في حل قضية اللاجئين، لأنه حول الأمر الى مشكلة لا نهاية لها، ولم تستفد الأنروا من هذه الفرصة، لذلك ليس غريبا أن يشح الدعم عن استكمال إعمار المخيم الذي من المتوقع أن يتم إعمار 60% في نهاية عام 2017، ومازال بحاجة 135مليون وفق التقارير الأخيرة لاستكمال إعمار المخيم. .

أن تكون استراتيجة المواجهة سياسية طالما جذر الأزمة سياسي والاستهدافات سياسية، وأن قدرتنا على الحفاظ على حقوقنا مرتبطة بعلاقة وطيدة بأدوات، وبكيفية ومساحة المواجهة، هناك أمور كثير تحتاج لمعالجة فورية :

أولا: هناك الدول المضيفة، وفي مقدمتها الدولة اللبنانية التي مطلوب منها أن تسهم في وضع استراتيجية مشتركة، وأن لا تبقى تقوم بدور المتفرج، أو تدور في حلقة مفرغة، متذرعة بالوضع العربي، واختلاف الأولويات الدولية، أو حالة الفراغ التي يعيشها البلد، وتسليم الأمر كأنه من اختصاص الأونروا فقط، وأنها وحدها المسؤولة.

أجدد باقتراح القديم الجديد بضرورة وجود اتفاق ثلاثي : فلسطيني – لبناني – والأونروا، وظيفته تحديد المسؤوليات الاجتماعية ذات الطابع الاجتماعي للكيفية التعاطي مع المخيمات . أين تبدأ صلاحية كل جهة، وأين تنتهي ؟

هذا بمعنى العلاج الأولي، وبما يضمن تنشيط حركة الاحتجاج بوسائل ديمقراطية منظمة طويلة النفس، وشرط أن تسندها حركة اللاجئين في سائر الأقطار، ومواقع الشتات تتطلب خلية أزمة وطنية لإدارة الملف . أما المعالجة البعيدة المدى فيمكن تلخيصها بما يلي:

– أن تتركز على معالجة جذور الخلل المزمن الذي وصفه المفوض العام نفسه أنه خلل هيكلي، وهذا يقتضي بأن تهدف إلى تعزيز دور وصلاحيات وإمكانيات الأونروا، لسبب التحديات الجديدة التي أضافتها الأوضاع على حالة اللاجئين، وفشل التسوية في إيجاد حل، وإضافة إلى النمو الطبيعي لهم ، لذلك يفترض بقاء الأونروا، وزيادة دعمها وليس المساس بها.

– الأزمة الحاليّة حلقة من حلقات سياسة ممنهجة، تتسبب فيها، وتنفذها الدول المتنفذة في السياسة الدولية لإلغاء وكالة الأونروا ودورها لما تمثله من هيئة دولية شاهد على جريمة النكبة، وتهجير أكثر من ثلثي الشعب الفلسطيني من دياره الأصلية.

– اعتبار اعتراف الأمم المتحدة بدولة فلسطين مقدمة للاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني الإنسانية، والحياتية، والوطنية، وتحديدا في الشتات، وبخاصة حق العودة .

– خلق مناصرة دولية لتوفير الموازنة العاجلة لأزمة الأونروا، حتى لو كان ذلك من خلال موازنة الأمم المتحدة نفسها.

المكتب الإعلامي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، بيروت، لبنان.

الجمعة في 4/3/2016.

مقالات ذات صلة