المقالات

جون كيري والقضية الفلسطينية

جون كيري والقضية الفلسطينية

خالد عبد الرحيم السيد

في نهاية شهر يناير الماضي تم تعيين جون كيري وزيرا للخارجية الأمريكية خلفا لهيلاري كلينتون التي غادرت الحكومة بعد أن قضت فيها بضع سنوات شهد خلالها الوطن العربي تغييرات وتحولات عديدة على المسار السياسي، وكان أوباما قد أشاد بجون كيري عقب إعلان تعيينه، حيث قال: “قلة من الأشخاص يعرفون مثل كيري كل هذا العدد من الرؤساء أو رؤساء الوزراء ولديهم ما لديه من دراية بالسياسة الخارجية وهذا يجعل منه مرشحا مناسبا لقيادة الدبلوماسية الأمريكية في السنوات القادمة”.

وكان انزعاج إسرائيل وقلقها عقب الإعلان عن جون كيري في هذا المنصب الشديد الأهمية – والذي يطلق عليه بعض المحللين منصب رئيس الوزراء الأمريكي – واضحاً لا يخفى على أحد، باعتبار أن كيري لديه مواقف تتعارض مع السياسة الإسرائيلية بشأن القضية الفلسطينية، خاصة قضية الاستيطان في القدس والضفة الغربية، فجون كيري له علاقات جيدة مع الدول العربية من خلال زياراته المتكررة خلال العامين الماضيين في فترة اندلاع الثورات العربية، حيث نقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” تصريحات لبعض المسؤولين الإسرائيليين حول كيري، جاء من بينها: “صحيح أن كيري يعتبر صديقا لإسرائيل، لكنه ليس كغيره من الأمريكيين الذين يظهرون مواقفهم الداعمة والمتضامنة مع إسرائيل في مجلس الشيوخ، إذ أن مواقفه حيال القضية الفلسطينية واضحة ضد السياسة الإسرائيلية فيما انتقاداته للاستيطان حادة جداً”.

ولعل مرد القلق الإسرائيلي نابع من خشية الإسرائيليين من أن تسير أولى خطوات كيري في المنطقة في اتجاه دعمه للقضية الفلسطينية وعملية السلام، وربما الضغط على إسرائيل بهدف تحريكها. وتفيد التوقعات من زيارة وزير الخارجية الأمريكي الجديد لفلسطين وإسرائيل خلال هذا الشهر بعد أن قام بإجراء اتصالات خلال هذا الأسبوع مع كل من الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للتنسيق من أجل استئناف المفاوضات المتعثرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

وكانت حركة حماس قد رحبت بالزيارة التي قام بها جون كيري إلى غزة في العام 2009 لتفقد بعض المناطق التي تعرضت للدمار جراء الحرب الإسرائيلية على القطاع، كذلك فإن موقف كيري تجاه الإخوان المسلمين في مصر ولقائه مع الجماعة أكثر من مرة في القاهرة، قد أثار حفيظة الإسرائيليين مما دعا موقع (جويش برس) الإسرائيلي لوصف جون كيري بأنه “مبعوث أوباما لحماس والإخوان المسلمين”. وحينما تم عقد اتفاق التهدئة بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل لوقف الحرب على قطاع غزة في شهر نوفمبر 2012، عملت كل من مصر بقيادة الدكتور محمد مرسي والولايات المتحدة الأمريكية جهودهما المكثفة من أجل الوصول إلى الهدنة، لذلك فإن تقديرات المراقبين تشير إلى أنه من المتوقع أن يقوم كيري في الفترة القادمة بالضغط على حماس من خلال حكومة الدكتور مرسي في مصر، وبالتعاون مع السيد خالد مشعل، لتغيير سياستها ودعم استئناف المفاوضات مع إسرائيل، وليس من المستبعد أن نسمع وقع خطوات مسرعة وحثيثة في الفترة القليلة القادمة لرأب الصدع الفلسطيني – الفلسطيني، ليس فقط من أجل الفلسطينيين بالطبع بل الهدف في النهاية هو أمن إسرائيل.

علينا ألا نكثر من التفاؤل حيال الدور الذي سوف يلعبه جون كيري بشأن القضية الفلسطينية، وذلك لسبب وجيه هو أن الخارجية الأمريكية لا تستطيع أن تكون متحررة من تأثير اللوبي الصهيوني الكاتم على أنفاس السياسة الخارجية الأمريكية، ورغم ذلك فإن البعض قد يرى أن الدور الذي لعبه كيري عندما كان رئيسا للجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس وعلاقته مع جميع أطياف المعارضة في دول الربيع العربي وبالتحديد علاقته مع جماعة الإخوان المسلمين في مصر، ربما يمكّن الخارجية الأمريكية في الفترة المقبلة من أن تضع بصمتها في خارطة المنطقة بهدف تحقيق الاستتباب الأمني والهدوء والاستقرار.

الشرق، الدوحة، 8/2/2013

مقالات ذات صلة